السيمر / الأربعاء 30 . 01 . 2019
أياد السماوي
ما يميّز عراق اليوم أنّ اللا ممكن بات ممكنا , والممكن أصبح شبه مستحيلا , والوصول إلى مناصب السلطة العليا أو الحصول على مكافآة سخية من الحكومة لم يعد أمرا صعبا , فما عليك إلا أن تكون معاديا للعراق وشعبه ونظامه الجديد وتوصم حكومته بالعمالة والتبعية إلى إيران , وإذا ما ذهبت أبعد من هذا وقلت أنّ الحشد الشعبي هو مليشيات طائفية ارتكبت جرائم إبادة وتطهير طائفي ضدّ ابناء سنّة العراق , فصدّقني إنّك ستكافئ حتى من قيادات الحشد الشعبي نفسها , بل وسيأخذك بعض قادته بالأحضان , وإذا ما كنت طامحا لتكون وزيرا أو مسؤولا كبيرا في الدولة , فما عليك إلا أن تكون فاسدا محترفا أو مستّعدا لتصبح فاسدا وتغض الطرف عن فساد وزارتك لصالح الجهة التي استوزرتك , أمّا إذا أعلنت موقفا معاديا من إيران والحشد الشعبي وحزب الله اللباني ونظام الرئيس بشار الأسد والحوثيون في اليمن , فالمكافئة في هذه الحالة ليست فقط من أمريكا وإسرائيل , بل حتى من الحكومة العراقية نفسها , وهذا ما حصل أخيرا مع حكومة الأردن المعادية لشيعة العراق والحشد الشعبي و مخلب أمريكا وإسرائيل وأداة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة . قبل أسبوعين زار العراق عبد الله الثاني ملك الأردن والتقى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء , وقبل أربعة أيام حضر إلى العراق وفدا حكوميا رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء الأردني رجاء المعشر و يتكوّن من ثمانية وزراء إضافة إلى محافظ البنك المركزي الأردني وهو الأكبر في تاريخ العلاقات الأردنية العراقية , وكما أعلن مكتب نائب رئيس الوزراء العراقي فؤاد حسين , فإنّ الزيارة هي لبحث أوجه التعاون بين البلدين في جميع المجالات … ومن حيث المبدأ فأنّ العلاقات الاقتصادية هي انعكاس للعلاقات السياسية بين البلدان , فحين تكون العلاقات السياسية جيدة فمن الطبيعي أن تكون العلاقات الاقتصادية جيدة أيضا وبالعكس , وهذا الأمر لا ينطبق على الأردن فحسب بل على كل دول العالم , فمن الطبيعي والمنطقي أن تحظى الدول التي تربطها علاقات سياسية جيدة مع العراق وساندته في محنته وحربه ضد الإرهاب , بالأولوية في تعزيز العلاقات الاقتصادية وتقديم التسهيلات الاقتصادية والإعفاءات الضريبية والكمركية , فإذا كانت الأردن من هذه الدول التي وقفت مع العراق وساندته في حربه ضدّ الإرهاب ودعمت نظامه السياسي الجديد , فهي بكل تأكيد تستحق هذا الدعم وهذه العلاقات الاقتصادية المتميزة , أمّا إذا كان موقفها عكس ذلك وهذا الأمر هو رغبة من الإدارة الأمريكية لمكافئة حكومة الأردن على مواقفها السياسية الداعمة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة , فلا وألف لا لأي إملاءات لا تصب في مصلحة العراق وشعبه . فلمصلحة من تفتح الأسواق العراقية للمنتجات الإسرائيلية والصينية وغيرها المارة عبر الأردن والتي تم تزويرها على أساس أنّها منتجات وسلع أردنية ؟ وهل تستحق الأردن أن تدّمر الصناعات العراقية المدّمرة أصلا من أجل أن يكون العراق سوقا رائجة للمنتجات الإسرائيلية المارة عبر الأردن ؟ وهل تستحق حكومة الأردن التي لا زالت حتى هذه اللحظة تمارس التمييز الطائفي ضدّ أبناء شيعة العراق الداخلين إلى الأردن , أن يباع عليها النفط باسعار تفضيلية تقل 18 دولار للبرميل الواحد عن أسعاره العالمية ؟ وماذا لو اننخفضت أسعار النفط أكثر مما هي عليه الآن ؟ هل ستستمر الحكومة العراقية بتزويد الأردن بالنفط بموجب هذا الاتفاق ؟ لماذا لا يعاد أنبوب النفط العراقي القديم المار عبر سوريا إلى البحر المتوسط ؟ هل قامت الحكومة العراقية بدراسة تقرير لجنة الكشف على المصانع والمعامل الأردنية الصادر في ايلول عام 2017 ؟ … وأخيرا هل تستحق الأردن حكومة وشعبا أن تقدّم لها حكومة العراق هذه الاسعار التفضيلية وهذه الاعفاءات الضريبية الكارثية ؟ الجواب متروك لرئيس وزراء سائرون والفتح .. في الختام نقول .. لن يكون العراق سوقا لمنتجات إسرائيل المارة عبر الأردن .