الرئيسية / مقالات / عراقيون من هذا الزمان (*) / عدنــان الأعســـم / 10

عراقيون من هذا الزمان (*) / عدنــان الأعســـم / 10

السيمر / الاحد 03 . 02 . 2019 

رواء الجصاني

في اسرة محافظة كريمة، وميسورة تماما، يولد عدنان عبد الصاحب الاعسم في النجف (الولاية) عام 1950 كما يقول، او عام 1948 كما تؤكد مصادر اخرى !!.. ويتمردُ على اليُسر والمحافظة، ليتأثر بالمبادئ والمفاهيم الماركسية، ثم الشيوعية، ويتبناها، ويستمر على تلك الطريق، سنوات وعقود على ما ندري.. ومنذ فتوته يختط الرجل دروب النشاطات الديمقراطية، والسياسية في النجف، وغيرها، ويبرز في ذينك المجالين: في تشيكلات اتحاد الطلبة العام، ثم في هيئات الحزب الشيوعي، العراقين، وجهاً بارزا وحيويا، ويتعرض – مثل أقرانه – للملاحقات والعسف والاعتقال، اواخر الستينات/ اوائل السبعينات، في عهد اليعث الارهابي الثاني.. وثمة توثيقات عن نشاطاته مشار في ذكريات عدنان عباس كردي، المسؤول الشيوعي القيادي المركزي(1)… وكذلك في ما تحدث اليّ عنها، رفيق فتوته، وشبابه، وعمره، الفقيد الجليل عاصم محمد علي الجواهري(2) .. ومما أتذكره هنا شخصياً ان مؤتمر / كونفرنس فرع كربلاء (والنجف كان قضاء تابعا لها) لاتحاد الطلبة العراقي العام، أنعقد طوال نهار كامل في مدينة الكوفة في النصف الاول من السبعينات الماضية، في احدى بساتين أهل عدنان الاعسم، وقد حضرته من بغداد، ممثلا لسكرتارية الاتحاد، وكان الاهتمام بالمشاركين في المؤتمر بادياُ للعيان، مرفوقاً بالضيافة والحفاوة النجفية المعهودة .. وينتقل عدنان الأعسم الى بغداد لأكمال دراسته الجامعية، وكما روى لي في فترة سابقة فأن اجهزة البعث الغاشم لم تنقطع عن ملاحقته، مما دفع بحزبه الشيوعي ان يوفر له زمالة دراسية الى الاتحاد السوفياتي، أوسط السبعينات، ويكمل دراسة العليا في الاقتصاد، من جامعة كييف، وبدرجة مميزة، ثم يحصل بعد ذلك على الدكتوراه في تخصصه… وفي موسكو (اوائل الثمانينات) يتوظف الرجل في معهد الاستشراق، مترجماً أولَ بعد ان تمكن من اللغة الروسية بمهارة، الى جانب ملكاته البارزة باللغة العربية .. وفي تلك الفترة كلها لم ينقطع نشاط عدنان الطلابي الديمقراطي، والسياسي، والحزبي الشيوعي، وبكل ما أستطاع، مع بعض (المشاكسات) عليه، ومنه، والتفاصيل عنده إن اراد ان يدلي بدلوه عنها… وما علينا بها هنا !. وفي النصف الثاني من الثمانينات الماضية ينتقل الرجل الى براغ مترجماً ومدققا ومدققا، محرراً اسلوبياً في مجلة قضايا السلم والاشتراكية (3).. كما مسؤولا نشطا في منظمة الحزب الشيوعي العراقي، ولجنتها القيادية، معنياً بمتابعة لفيف الكتاب والصحفين والمثقفين، الحزبيين وأصدقائهم.. وهنا – في براغ- يتم التعارف المباشر بيننا لاول مرة، وجه لوجه، بعد ان كان بوسائط اخرى.ثم تتوثق العلاقة بتلاقى الامزجة والقناعات: والسياسية والثقافية و(النجفية !) فضلا عن – وبالأحرى بدءا من- حب الجواهري شعرا وانسانا وعبقريا (4) .. ثم تتبدل الاحوال، والانظمة والمسارات، وتصبح براغ – او تعود – الى طريق الاقتصاد الحر نهاية عام 1989. ويبحث الناس – ونحن منهم – عن أفاق مستقبلية مناسبة، فيغامر عدنان في قطاع التجارة والاعمال، مستمرا في ذات الوقت في نشاطاته السياسية والحزبية والديمقراطية، وبحسب الظروف والاوضاع والمتغيرات الجديدة، التي يُدينها البعض، أو يحمدها بعض آخر.. ومرة جديدة ما علينا بالتفصيل !. ومع اواخر التسعينات، وإذ لا يجد الرجل في التجارة والاعمال ما يثير اهتمامه، بل ويتقاطع مع مزاجه وشخصيته، يعود الى الثقافة والادب وما بينهما، فيتعاون مع مؤسسة بابيلون للنشر والاعلام فترة من الوقت، محررا ومدققاً لغوياً، ثم مشاركا مؤسساً في مركز الجواهري ببراغ، منذ عام 2002 الى جانب عضويته في الهيئة الادارية للنادي / المنتدى العراقي في الجمهورية التشيكية، ونشاطات عامة اخرى مختلفة.. وقد بقي على ذلك الديدن حتى عودته للعراق، والنجف تحديدا، منذ بضعة اعوام، واستمر يكتب لمركز الجواهري، وبأسمه، ويتابع بعض متطلبات العلاقات العامة، جهد مستطاعه، والى اليوم. .. واذا ما سُئلت عن عدنان، فيمكن ان اوجز بأختصار شديد: انه كان مقتنعاُ بالمبادئ الانسانية، وباذلا جهده على طريق أحلامها وواقعها، محبا للحياة واريحياتها، ومتطلباتها.. جليساً لا يُملّ ويتناغم مع الجميع.. كريما باستثناء، وبحيث كانت شقته – و حقاً لا مجازاً- مضافة للاصدقاء والمعارف، المقيمين في براغ او القادمين اليها من الخارج، وهو سعيد بذلك لا مجاملةً ، بل طبيعةً وإقتناعاً، ولا أعرف احداً يخالف هذا التقييم الشخصي العجول عن الرجل. —————————————————— بــراغ / اوائل شباط 2019 (*) تحاول هذه التوثيقات التي تأتي في حلقات متتابعة، ان تلقي اضواء غير متداولة، أو خلاصات وأنطباعات شخصية، تراكمت على مدى اعوام، بل وعقود عديدة، وبشكل رئيس عن شخصيات عراقية لم تأخذ حقها في التأرخة المناسبة، بحسب مزاعم الكاتب.. وكانت الحلقة الاولى عن علي جواد الراعي، والثانية عن وليد حميد شلتاغ، والثالثة عن حميد مجيد موسى والرابعة عن خالد العلي، والخامسة عن عبد الحميد برتـو، والسادسة عن موفق فتوحي، والسابعة عن عبد الاله النعيمي، والثامنة عن شيرزاد القاضي، والتاسعة عن ابراهيم خلف المشهداني، وجميعها كُتبت دون معرفة اصحابها، ولم يكن لهم اي اطلاع على ما أحتوته من تفاصيل..

1/ صدرت تلك المذكرات / الذكريات اواخر التسعينات الماضية، وحملت عنوان (هذا ماحدث)… والمؤلف عدنان عباس كردي(ابو فراس- ابو تانيا) كان مسؤولا عن تنظيمات الحزب الشيوعي في النجف، والفرات الاوسط عموما، ومشرفا ومتابعا لها لسنوات مديدة ..

2/ المناضل الفقيد عاصم، من اسرة الجواهري الوطنية العراقية النجفية الكريمة، وقد تحمل الكثير من المعاناة والعسف بسبب نشاطاته السياسية والشيوعية، توفي عام 2018.

3/ المجلة كانت مركزا فكريا – اعلاميا عالميا للأحزاب الشيوعية، واعلى هيئة فيه هي هيئة التحرير التي تضم عددا محدودا من تلك الاحزاب، ومنها العراقي، بينما يضم مجلس التحرير ممثلين عن غالبية الاحزاب الشيوعية في العالم .

4/ أسمى عدنان الأعسم ابنه الوحيد بـ (فرات) المولود في موسكو اوائل الثمانينات، وذلك تيمناً بالجواهري الخالد، الذي يحمل نجله الأول اسم فرات، فراح يُكنـى، وكما هو معروف بـ (ابي فرات).

عدنان الاعسم

اترك تعليقاً