السيمر / الاحد 03 . 02 . 2019
أياد السماوي
ردود أفعال متباينة حول الأمر الديواني الذي أصدره رئيس الوزراء بإنشاء المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق , فهنالك من يرى أنّ المجلس الأعلى لمكافحة الفساد ليس سوى حلقة زائدة وخطوة خاطئة ستساهم في زيادة الترّهل لمؤسساتي للدولة لأنّه يتطلّب استحداث مناصب جديدة لاشخاص عاطلين عن العمل , بالإضافة إلى ما تحمله هذه الخطوة من دعاية إعلامية فارغة ومستهلكة ليقال أنّ الحكومة تحارب الفساد في حين أنّ هذا المجلس هو نفسه خطوة أخرى لتوسيع الفساد .. وبالمقابل يرى فريق آخر أنّ تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد هو خطوة مهمة ومطلوبة على طريق إعداد ستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ومتابعته , وتوحيد وتنسيق جهود مكافحة الفساد والإشراف على استكمال الأطر القانونية وسد الثغرات التي ينفذ منها الفساد , وهنالك من يقول أنّ الفاسدين وحدهم من يرفض تشكيل هذا المجلس .
والحقيقة أنّ نجاح أو فشل هذا المجلس الوليد في التصدّي لظاهرة الفساد التي نخرت كل مؤسسات ووزارات الدولة العراقية يتوّقف على عوامل مهمة لا زالت غير متوّفرة في هذا المجلس أو في الهيئات الرقابية السابقة .. وقصة مكافحة الفساد في العراق لا تحتاج إلى مجالس إضافية وخطط وستراتيجيات وهذا الكلام الفارغ الذي لا يغني ولا يسمن من جوع , ومكافحة الفساد في العراق لا تحتاج سوى إلى إرادة قوية وحازمة وشجاعة ومستعدّة فعلا لا قولا للتصدّي للفساد والفاسدين , شخصية مستعدة للاستشهاد والتضحية في مواجهة عصابات مافيا الفساد المجرمة .. فإذا كانت الحكومة ممثلة بوزاراتها ومؤسساتها هي المتهمة بالفساد , فليس من المنطق ولا من العقل أن يكون رئيس الوزراء الذي هو رئيس الحكومة على رأس هذا المجلس , حتى لو كان رئيس الوزراء نبي مرسل من السماء , وليس شخص هو أحد مؤسسي هذا النظام وجزء لا يتجزأ منه , فكيف سيطمئن العراقيين لإجراءات وجدية هذا المجلس وحكومة رئيس الوزراء فيها أكثر من وزير فاسد هو من جاء بهم للحكومة ؟ وما هي الضمانات أنّ هذا المجلس لن يكون سوى غطاء للفساد ومعضم وزارات حكومة السيد عادل عبد المهدي يقودها مدراء مكاتب الوزراء الذين جائت بهم وفرضتهم أحزابهم التي رشّحتهم للوزارة ؟ كيف سيطمئن المواطن العراقي لهذا المجلس ورئيس الوزاء نفسه قد جاء بتوافق كتل سياسية متوّرطة بالفساد حتى النخاع ؟ .
فإذا ما أردنا فعلا أن يكون هذا المجلس أداة حقيقة لمكافحة الفساد والتصدّي للفاسدين فيجب أن :
أولا – أن يترأس هذا المجلس شخصا من خارج الحكومة وأحزابها الفاسدة .
ثانيا – أن يكون لهذا المجلس سلطة بموجب القانون للتحقيق مع أي مسؤول حكومي حتى لو كان من الرئاسات الثلاث .
ثالثا – توفير حماية أمنية كاملة لرئيس وأعضاء هذا المجلس هم وعوائلهم من استهداف قتلهم وتصفيتهم من قبل مافيات الفساد .
رابعا – إصدار قانون من قبل مجلس النواب العراقي يجيز لهذا المجلس كامل الصلاحيات في إعادة كلّ ملّفات الفساد القديمة والحديثة , وسلطة ملاحقة المتورطين فيها .
خامسا – إلغاء هيئة النزاهة الحالية وتحويل كل موجوداتها إلى المجلس الجديد .
وليس من الحكمة ولا المنطق إناطة رئاسة هذا المجلس لرئيس الوزراء , فمن المؤكد أنّه سيكون مجلسا للفساد وليس لمكافحة الفساد .. ولو كنت رئيسا لهذا المجلس فسيكون دولة رئيس الوزراء أول من سيستدعى للتحقيق معه في ملف الاتفاق النفطي الذي أبرمه مع حكومة إقليم كردستان عندما اصبح وزيرا للنفط عام 2014 , وملف المليون دولار النثرية الشهرية التي كانت تعطى للرؤساء الثلاث ونوابهم .