السيمر / الأربعاء 06 . 02 . 2019
معمر حبار / الجزائر
المتتبّع لأحداث فنزويلا يقف ولحدّ الآن على جملة من الملاحظات، ويمكن حصرها وفي انتظار الجديد منها، في النقاط التّالية:
- أسمع الآن عبر فضائية عربية أنّ الرّئيس الفنزويلي المنتخب “مادورو”، رفض دخول المساعدات الأمريكية لبلده. وأقف دونتردّد إلى جنب فنزويلا في رفضها للمساعدات الغربية، لأنّ التجربة علّمت المجتمعات أنّ فلسطين ضاعت بسبب المساعدات، وسورية احترقت بزعم المساعدات، واليمن السّعيد لم يعد سعيدا بسبب المساعدات، والسّبب في ذلك أنّ كلّ طرف يريد التغلغل، والنّهب، والاحتلال، وجعل من أبناء البلد الواحد شعوبا وقبائل ليتقاتلوا، مستعملين في ذلك ما يسمونه “المساعدات الإنسانية !”، وهي في الحقيقة الوجه الآخر للاستدمار، والنّهب، والاحتلال.
- واضح جدّا أنّ الضّغوط التي تتلقاها فنزويلا من طرف الغرب، لا علاقة لها بما يسمونه “الديمقراطية !”، لأنّهم يدركون أنّ الرئيس “مادورو” انتخبه الشعب، والمجتمع الفنزويلي من حقّه وحده ودون تدخل أحد أن يقبل برئيسه، أو يقيله، أو يستبدله. إذن المسألة لها علاقة بنهب ثروات وخيرات فنزويلا، وأن لا تتمتّع بخيراتها، وتبقى تحت رحمة المستدمر الأمريكي والغربي الجديد، وباسم “الديمقراطية” هذه المرّة.
- الخطوات التي تتّبعها الولايات المتّحدة الأمريكية والدول الغربية في تركيع فنزويلا، يشبه تماما الأسلوب الذي اتّبعته ضدّ ليبيا، والعراق، وسورية، من حيث: التعويل على الانشقاقات داخل قادة الجيش، والانقسامات داخل ساسة البلد الواحد، والحرب الإعلامية، والتهويل، والحطّ من الرئيس ورفع ما يسمونه “معارضة”، وشيطنة كلّ من يدافع عن أرضه وعرضه، وتقديم كافّة التسهيلات للأتباع، والمساهمة الفعلية في تدمير وحرق البلد، واستعمال اللاّجئين كورقة ضغط وتهديد، واستعمال مجلس الأمن لتحقيق الرعب، وتهديد كلّ من لم يقف لجانبهم في نهب خيرات البلد، وتشويه كلّ من يقف ضدّ نهب خيرات وطنه. والمتتبّع يرى أوجه التشابع بشكل واضح، مع بعض التغييرات التي يتطلبها الزمان، والجغرافيا، وطبيعة الحلفاء.
- ما يجب التركيز عليه في هذا المقام، أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية لم تعد اللّاعب الوحيد والفريد كما كانت، ولذلك ليست قادرة – فيما أعلم لحدّ الآن- لخوض تدخل عسكري ضدّ فنزويلا، والسبب في تقديري يعود لكون فنزويلا دولة قوية من الناحية العسكرية، ومن حسن التدريب، وأترك الاحتمال الثّاني حتّى أتأكّد منه لاحقا.
- على فنزويلا أن تدرك جيّدا، أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية جلست مع كوريا الشمالية في دولة محايدة وفي نفس طاولة المفاوضات، لأنّها شعرت أنّ أراضيها مهدّدة بصواريخ فتى كوريا الشمالية، وأنّ أراضيها تحت رحمة صواريخها العابرة للقارات. والكبار يعرفون جيّدا قدر من يهدّد أمنهم، ويردّ كيدهم.
- كلّ الدول البترولية تعاني آثار انخفاض أسعار البترول، والمطلوب من فنزويلا أن تجد لنفسها بدائل تغنيها عن التبعية للبترول، خاصّة وأنها تملك طبيعة لا يتوقّف عنها المطر، وخصبة طوال العام، وقدرة اقتصادية متنوعة، باستطاعتها مواجهة الضغوط والصّعاب، والأهم من ذلك إرادة سياسية قوية ظهرت في مواجهة المحتلين الجدد، والطّامعين الأمريكيين والغربيين في نهب وسرقة خيرات البلاد.
- من علامات عظمة فنزويلا، أنّها لم تعتقل الرئيس الثّاني المنصّب من طرف الاستدمار الغربي المعاصر، ولم يسجن، ولم يقتل، وهو الذي أعلن خروجه عن الرئيس المنتخب، ولم يعتقل أنصاره، وظلّوا وما زالوا يجوبون الشوارع والعاصمة ليل نهار ، وهم يطالبون برحيل “مادورو” الرئيس المنتخب. وهذه تضاف لعظمة فنزويلا.
- الصهاينة هم أوّل “دولة؟ !” تؤيّد الانقلاب ضدّ “مادورو” الرئيس المنتخب، ما يعني أنّ كلّ دولة تعارض إقامة علاقات مع الصهاينة، وترفض ربط الجسور معها، تتعرّض للفوضى، والحرب الأهلية، والضغوط، والتهديد، والحرق، والنسف، والتدمير، والنهب، كما كان الحال مع العراق، وليبيا، واليمن، وسورية، وكلّها دول لا تقيم علاقات مع الصهاينة. ويتم تغليف معاقبة كلّ من يرفض إقامة علاقات مع الصهاينة، بما يسميه المحتلون الجدد بالديمقراطية !، وحقوق الإنسان !.