الرئيسية / مقالات / رَحِمَ الله مَنْ جبَّ الغيبةَ عنْ حزبِه

رَحِمَ الله مَنْ جبَّ الغيبةَ عنْ حزبِه

السيمر / فيينا / الأربعاء 27 . 03 . 2019

عباس البخاتي

المعروف عن التعددية الحزبية، أنها إنعكاس حقيقي للديمقراطية، فلا يمكن إطلاق هذا الوصف على نظام يحتكر ممارسة العمل السياسي دون إفساح المجال لمن لا ينسجم مع رؤيته . كذلك هي حالة صحية مشروطة بمعرفة الحزب لمساحة تحركه، بصورة لا تتقاطع مع توجهات الحكومة ولا تشوه صورة الدولة .

أغلب الأحزاب العراقية تشترك بالأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، فالكل يدعي العمل على تحقيق تطلعات الشعب نحو عراق آمنٍ مزدهر سيداً لا تابعاً ينأى بنفسه عن سياسة المحاور ويشعر جميع أبناؤه بتكافؤ الفرص دون تمييز وغيرها من الشعارات التي يسعى الجميع لتحقيقها !   أمام هكذا حالة يشعر المتابع بعدم وجود فرق بين حزب آوخر عدى التسمية والشعار . ربما تكون ميزانية البعض قياساً بخبرتها السياسية وبلحاظ عمرها في العمل التنظيمي، سبباً في إثارة بعض التساؤلات حول مصادر التمويل، التي يعزوها البعض الى قدرتها على التغلغل في مفاصل الدولة الحيوية وإحكام قبضتها على المشاريع الخدمية والترفيهية والمنافذ الحدودية فضلاً عن ولوجها بذكاء إلى المؤسسات الامنية وبذلك تضمن مصدراً مهماً للثراء .

بالرغم من إقرار قانون الأحزاب العراقية، إلا انه لا زال حبراً على ورق كونه لمْ يحقق حلم المواطن بدولة مدنية تقضي على مظاهر العسكرة المجتمعية والحزبية المتفشية في البلاد .    مهما كانت الشعارات التي ترفعها بعض الاحزاب ذاتَ بعدٍ وطني، لكنها تبقى بعيدة عن الواقع كونها جاءت إنسجاماً مع التوجه العام بحيث لا مجال للطعن به وما لم تتمكن من التصدي الفعلي للعمل التنفيذي والتشريعي الذي يعتبر محكاً للإختبار .   بناءً على ما تقدم يتحمل المواطن مسؤولية كبيرة تتلخص بضرورة مقارنة الاداء بالشعار لتحديد السلوك الوطني وجعل مصداقية الحزب معياراً للولاء او الإنتماء .  كثيرة هي المصاديق التي تجعل المواطن مرتاباً من بعض السلوكيات، منها إختباء البعض خلف العناوين التي تحمل بعداً عقائدياً، وتعكز البعض الآحر على ما سبق لرموزها من مواقف .   من المؤاخذات التي تُسَجَلْ على بعض الأحزاب، هو عدم تقبلها النقد الموجه إليها سواء من الرأي العام امن الشركاء، وإن كان ضمناً دون الإشارة الصريحة، وهذا ناشيء من إعتمادها على ما بحوزتها من قوة لإسكات الاصوات التي تشير إلى سلبيات معينة .   إن الظروف التي يعيشها العراق بعد القضاء على داعش، لم تكن افضل مما كانت عليه، حيث كشفت الاحداث الاخيرة إنعدام السيطرة الحكومية على اداء بعض الأحزاب، لايتعلق بمنطقة دون أخرى بل يشمل جميع محافظات العراق، كما لا يخص مسمىً دون غيره، فلكل حزب مساحة نفوذه التي يتحرك من خلالها .    إن معالجة هذه الإشكالية بحاجة الى إرادة حكومية جادة تعيد للدولة هيبتها، من خلال كبح جماح الاحزاب المتنفذة وتحديد نطاق حركتها وحصر أنشطتها وفقاً لقانون الاحزاب النافذ . لا بُدَ من إخضاع جميع مرافق الدولة لسلطة القانون، حفاظاً على ماء وجه تلك الاحزاب اولاً وإعادة الأمل للمواطن بهيبة الدولة ثانياً .   تشير المعطيات الى وئام وطني تشهده الساحة العراقية مما يشجع على إستثمار الرغبة في تعزيز السلم المجتمعي وهذا لن يكون دون المبادرة الى إتخاذ خطوات فعلية من قبل الحكومة لتعكس مصداقيتها في تنفيذ برنامجها الذي صوت عليه ممثلو الشعب تحت قبة البرلمان.

اترك تعليقاً