السيمر / فيينا / الخميس 04 . 04 . 2019
رحيم الخالدي
نُشِرَ خبر في المواقع عن نية الدولة التركية البدء بإملاء سد اليسو ضمن موعد حددته.. ونحن نعيش بقلق، ونبحث عن حلول. وضعنا خاص في أيام الصيف، سيما أن البصرة تعاني من إمتداد اللسان الملحي، الذي تعاني منه منذ سنين، ولم تبادر الحكومات السابقة بمعالجة الشح في المياه الحلوة، بنصب محطات تحلية المياه، مع تسريبات عن وجود محطات التحلية مركونة بميناء البصرة! بدأ العراق ببناء سد بخمة في الثمانيات، ولكن الحرب مع إيران والحروب التي تلت ذلك عرقلت إنجازه، ثم جاءت الطامة الكبرى، برفض السيد مسعود البارزاني إستكمال إنجازهُ، حيث تم تجميد المشروع تماما، كما إن القدرة الإستيعابية لهذا السد تصل الى أربعة عشر مليار متر مكعب، وإذا أضيف لها 11 مليار متر مكعب في سد الموصل، فسوف يؤمن كل الوارد المائي، وبهذا يتم تجاوز الشح المائي الذي نعاني منه، بشكل كبير.. سيما أن هنالك هدرا كبيرا، ليبقى العراق يعاني من مشكلة التصحر . منذ إستلام أول حكومة في عهد الديمقراطية وليومنا هذا، لم نسمع أيّ مسؤول بالحكومات المتعاقبة، إبتدءاً من رئيس الحكومة، لأبسط وزير أو نائب في البرلمان، أن نوّهَ أو فتح ملف السد.. هنا نتساءل عن مصير هذا السد الذي تم إيقاف إنشاءه، وما هو المعطل لنكون بالصورة حول تفاصيله، والاسباب التي أدت لتعطيل انجازه! لا يعرف كثير من العراقيين أنه أكبر سدّ في العراق، ورابع سد على مستوى العالم، ويقع قرب قضاء عقرة في منطقة بهدينان، وتعود محاولة وضع الدراسات الأولية له منذ بداية القرن الماضي.. أمّا البحث في جدواه الاقتصادية فيعود إلى الثلاثينات من القرن الماضي، أي خلال العهد الملكي! وقد كُلّفت شركة “هرزا” الهندسية الأميركية عام 1953، بتدقيق الدراسات الجيولوجية لموقع السد، وتنفيذ تصميم سد ثقلي بطول 500 متر، وقد قدرت إجمالي تكاليف السد آنذاك بـ 1.485 مليار دولار أمريكي، ويعتقد أن المبلغ المقصود يقارب المليار ونصف المليار دولار أميركي. شرعت شركتا “إنكا” التركية، و “هيدروگرافينيا” اليوغسلافية، بتنفيذ المراحل الأولى منه من العام 1987 حتى العام 1991، ونفذتا ما نسبته 34 إلى 35% من السد. معظم الاراضي الصالحة للزراعة، لم يتم معالجة الهدر المائي فيها، وكان من الواجب انشاء جداول كونكريتية، كما في مشاريع قليلة تم إنشاءها في محافظة ديالى والموصل ومحيط بغداد، مع ترك المحافظات الوسطى والجنوبية تعاني تصاعد نسبة الأملاح، مما يجعلها عرضة للتصحر.. كما أنه ليس هنالك حصص مائية دقيقة، وهذا من صميم عمل وزارة الموارد المائية، التي أهملت ذلك بشكل واضح، وبقي الإعتماد على المشاريع القديمة، التي لا تتمشى مع حاجة البلد، وتوجهنا صوب الإعتماد على زراعة دول الجوار . التفت رب العزة والجلالة لنا بمياه مجانية في هذه السنة، خارج إرادات الدول التي تتحكم بالحصص المائية، وقد تسببت بفيضانات كبيرة جداً، حتى صارت الجارة إيران بموقف لا تحسد عليه ، وكان المفروض مع الوفرة المالية، أبان فترة رئاسة الوزراء السيد نوري كامل المالكي، الرجوع للشركات المنفذة التي يقع على عاتقها إكمال المشروع، ليكون لدينا مياه كافية حتى في وقت الشح المائي، إضافة الى إكتمال سد اليسو التركي الذي يتحكم بالإطلاقات المائية للأنهر العراقية. اليوم ومع حكومة السيد عبد المهدي، يفترض طرح المشروع للمناقشة، وإكمال إنجازه وفق السياقات المعمول بها دولياً، وإنهاء حالة التحكم بمصير العراقيين، من قبل أشخاص ليس لهم الحق، مهما كانت مواقعهم، ويجب الإسراع بالسعي لإنجازه، والمضي نحو إستكمال حالة الإكتفاء المائي، حالنا حال الدول المتقدمة. لا ننسى أن المحافظات الجنوبية، التي هي أحق بإنشاء سدود مكملة، والمضي نحو الحفاظ على هذه الثروة، التي دونها سنكون في حال لا نحسد عليه .