الرئيسية / مقالات / الاتفاقيات الدولية وميثاق الامم المتحدة ومدى حفظ حقوق ألإنسان

الاتفاقيات الدولية وميثاق الامم المتحدة ومدى حفظ حقوق ألإنسان

السيمر / فيينا / الثلاثاء 16 . 04 . 2019

د. ماجد احمد الزاملي

الشرعية الدولية لحقوق الإنسان هي مجموعة الاتفاقيات السابقة واللاحقة للوثائق الأساسية وهي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين، العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمتعلقة بحقوق الإنسان، ورغم التشعب والتعدد على مستوى هذه النصوص وتحقيق عالمية حقوق الإنسان، إلا أن ذلك لم يكن سوى تضخما في المواثيق دون تحقيق لحماية الحقوق بمعناها الحقيقي. اتفاقية فيينا لم تستطع الإجابة عن كل الأمور المتعلقة بالمعاهدات، فهي عبارة عن القواعد العامة فقط ويلاحظ إغفالها لمجموعة من النقاط نذكر منها حكم الاتفاقات الشفوية وشرط الأمة الأكثر رعاية اتفاقيات حقوق الإنسان تضم قواعد موضوعية ولا تضم قواعد شخصية كباقي المعاهدات الدولية ولا مجال فيها لمبدأ المعاملة بالمثل. القواعد العامة في اتفاقية فيينا لا يمكن إعمالها في اتفاقيات حقوق الإنسان على اعتبار أنها تقوم على مبدأ المعاملة بالمثل. التصريحات التفسيرية آلية تستعمل بكثرة في اتفاقيات حقوق الإنسان وتأخذ مفاهيم متعددة، أحيانا تأخذ مفهوم التحفظ وأحيانا أخرى تأخذ مفهوم التفسير، وقد تكون مجرد إعلانات إعلامية فقط تتعلق بالممارسة الداخلية للإعلانات. إن أسباب إعمال الإعلانات التفسيرية قد تكون متعلقة بالقوانين الداخلية للدولة أو بنظامها العام والآداب العامة ، ففيما يتعلق بهاتين النقطتين يمكن تجاوزهما على اعتبار أنهما تتغيران باستمرار والممارسة تعطي الوقت للدول لموائمة قوانينها مع الاتفاقيات، وحتى النظام العام والآداب العامة الذين أصبحا يتغيران بسرعة مذهلة في الوقت الحالي، بينما النقطة التي تثير الإشكال هي الخصوصية الثقافية التي تعبر عن هوية المجتمعات وهي متأصلة ومتجذرة في المجتمعات، وما الاستفهام المطروح عالميا حول حوار الحضارات أو صراعها إلا النتيجة النهائية للبحث عن هذه الخصوصية. الممارسة لهذه التصريحات تعطينا صورة واقعية ودقيقة عن ممارسة الدول لمهامها فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وصعوبة المهمة الموكلة لممثلي الدولة في التعامل مع الاتفاقيات الدولية وحساسيتها ابتداءا من مرحلة المفاوضات ووصولا إلى مرحلة التصديق والالتزامات التي تقع على عاتق الدولة. سميت الوثائق المذكورة بالشرعية الدولية لحقوق الإنسان لأنها بمثابة الشريعة العامة التي تُستقى منها كل حقوق الإنسان في شتى المجالات وفي كل الأوضاع، وقد ابتدأت هذه الشرعية الدولية بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كان بمثابة النص الاتفاقي الأم الذي جاءت كل الاتفاقيات الأخرى والمتعلقة بحقوق الإنسان لتفصيله وتناول مضامينه الواردة على محمل الإجمال، ومن بين أهم النصوص العهدان والبروتوكولان الملحقان بهما , جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر1948 كنتيجة لعمل دؤوب وفعال للجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة، جاء الإعلان كترجمة لنصوص كانت مبهمة, في ميثاق الأمم المتحدة وكان أول عمل تشريعي في المنظمة الأممية حيث صدر بشكل لائحة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان الإعلان ترجمة لجبهة الأمريكان في حث عدد كبير من الدول لصالح الموافقة على الإعلان، ونستطيع أن نقسم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي جاء في 30 مادة تناولت حقوقا عديدة موزعة على 03 أقسام مبوبة إلى حقوق مدنية وسياسية في قسم و في قسم ثانٍ حقوق اقتصادية تتكلم عن نظام اجتماعي وحق المجتمع على الفرد وفي المواد 23 ,30 التعرض للحقوق بالتفصيل كما يلي: الديباجة جاءت مكونة من 05 فقرات ،فجاءت الفقرة الأولى حول الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع البشر والحقوق المتساوية لكل البشر أنها أساس : الحرية والعدل والسلام في هذا العالم وجاءت هذه العبارات حول الحرية انطلاقا من أنه وقبل ميثاق الأمم المتحدة كانت الحريات مقوضة وغير متاحة ولم يكن هناك عدل، بل وكانت القوة هي الفيصل بين الأفراد أو الدول وجاءت كلمة السلام معلنة انتهاء كل صور الحرب والدمار التي كانت سمة المجتمع الدولي قبل قيام منظمة الأمم المتحدة وتحريمها للحرب مطلقا وجاءت الفقرة الثانية لتوعز إلى الضمير الإنساني ازدراء وتناسي حقوق الإنسان وأن هدف البشرية التحرر من الخوف والحاجة وأن يتمتع بحرية القول والعقيدة، وجاءت الفقرة الثالثة لتؤكد تولي القانون حماية حقوق الإنسان التي هي الضمان لعدم التمرد على الحاكم. وجاءت الفقرة الرابعة لتجدد التأكيد على الإيمان بحقوق الإنسان وكرامة الفرد والمساواة بين الرجال والنساء والرفع من مستوى الحياة والرقي الاجتماعي، وجاءت الفقرة الخامسة حول تعهد الدول بالتعاون مع الأمم المتحدة لضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها. بينما جاءت الفقرة السادسة لتؤكد أن الجمعية العامة ترى وتنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأنه المستوى الأقل الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم باذلين بذلك قصارى جهودهم من أجل إشاعة هذه الحقوق لكل البشر دون أي تمييز. وجاءت المادتان الأولى والثانية بمثابة التمهيد للبدء في تشريع الحقوق، فجاءت المادة الأولى بأن الناس يولدون أحرارا ومتساويين في الحقوق والكرامة والتي وردت للمرة الثالثة، مرتين في الديباجة والثالثة في المادة الأولى. المادة الأولى في الكرامة الإنسانية التي تعتبر المولود الطبيعي لحقوق الإنسان، بل وتعتبر أم الحقوق وروح منظومة حقوق الإنسان وأهم المفاتيح لقراءة هذه الحقوق في القرن الواحد والعشرين ، وضرورة إعمال العقل والضمير من أجل التعامل بروح الإخاء وفي المادة الثانية التأكيد على تمتع كل إنسان بكافة الحقوق والحريات التي وردت في الإعلان العالمي دون تمييز لا بين الأجناس في اللون أو المعتقد أو الرأي السياسي أو الأصل أو الثروة، ولا على أساس الوضع السياسي أو البلد الذي ينتمي إليه دولة ذات سيادة أو تحت الوصاية أو ناقصة السيادة مع عدم ذكر مصطلح مستعمرات. الحقوق المدنية والسياسية : وردت الحقوق المدنية والسياسية في الإعلان العالمي ابتداء من المادة الثالثة وإلى غاية المادة 21 أي ان ، كل مادة تتضمن حقا من الحقوق وتؤكد عليه على النحو التالي المادة الثالثة : الحق في الحرية وسلامة شخص الإنسان المادة الرابعة : الحق في التحرر من العبودية والاسترقاق (وعلى الرغم من مضي كل هذا الوقت على الإعلان وبالرغم من ذلك ما تزال بعض الممارسات هنا وهناك تمارس أعمال الاسترقاق أو أعمال مشابهة) المادة الخامسة : الحق في التحرر من التعذيب أو أي معاملة تنافي الكرامة الإنسانية المادة السادسة : حق كل إنسان الاعتراف بشخصه أمام القانون. المادة السابعة : حق الحماية القانونية المتساوية لكل الناس. المادة الثامنة : حق الالتجاء إلى المحاكم عند أي اعتداء. المادة التاسعة : حق الإنسان في عدم القبض عليه أو حبسه أو نفيه دون سبب يقره القانون. المادة العاشرة : حق كل إنسان في محاكمة علنية أمام محكمة مستقلة نزيهة. المادة الحادية عشر: الحق في اعتبار كل متهم بريء حتى تثبت إدانته مع ضمانات الدفاع عنه. المادة الثانية عشر:الحق في حرية الحياة والأسرة والمسكن و المراسلات ،السمعة ،الشرف (الحق في الحرية التي تعتبر من الحقوق الأكثر أهمية ، فمفهومها الظاهر هو الاستقلال من القيود والباطن أنها العامل المشترك لمجموعة من الحقوق الأخرى كحرية المعتقد وحرية التعبير وحرية العمل النقابي.) . اتفاقية قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها 1973 كما جاء في الفقرة الثانية من الديباجة للاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن 1979 بأن لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه كما هو مبين في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وحكمته وهي أبشع جريمة ضد الحق في الحياة ودعت المجتمع الدولي إلى محو خطر الحرب النووية لسنة 1983 أن الحرب النووية منافية لضمير الإنسان / كما اعتبرت الجمعية العامة في قرارها 7638 . إبطال الرق والممارسات الشبيهة بالرق مؤتمر فيينا 1915 كان أول مؤتمر صدر فيه تصريح بإلغاء تجارة الرقيق عقبتها عدة اتفاقات من1919 ، ويؤكد ذلك قرار الجمعية العامة لعصبة الأمم في /09/ 10أهمها اتفاقية سان جرمان المنعقدة في1926/09/25 : تعهد الدول بمحاربة الظاهرة والمعاقبة عليها، ويؤكده كذلك نص المادة الرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،وورد هذا الحق كذلك في مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإعلانات العالمية بعد قيام الأمم المتحدة وورد هذا الحق في المادة الثامنة من العهد الذي نحن بصدد دراسته كما يلي: لا يجوز استرقاق أحد، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما. لا يجوز إخضاع أحد للعبودية, لا يجوز إكراه أحد على السخرة أو العمل الإلزامي. (أ) على نحو يجعلها، في البلدان التي تجيز المعاقبة على بعض الجرائم بالسجن مع الأشغال الشاقة، تمنع تنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المحكوم بها من قبل محكمة مختصة. ب. لا يجوز تأويل الفقرة3 ج. لأغراض هذه الفقرة، لا يشمل تعبير “السخرة أو العمل الإلزامي” الأعمال والخدمات غير المقصودة بالفقرة الفرعية (ب) والتي تفرض عادة على الشخص المعتقل نتيجة قرار قضائي أو قانوني أو الذي صدر بحقه مثل هذا القرار ثم أفرج عنه بصورة مشروطة” أية خدمة ذات طابع عسكري، وكذلك، في البلدان التي تعترف بحق الاستنكاف الضميري عن الخدمة العسكرية، أية خدمة قومية يفرضها القانون على المستنكفين ضميريا” أية خدمة تفرض في حالات الطوارئ أو النكبات التي تهدد حياة الجماعة أو رفاهها. ” أية أعمال أو خدمات تشكل جزءا من الالتزامات المدنية العادية. والملاحظ أن أول من حارب الرق كانت الشريعة الإسلامية في المساواة بين الناس لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلاّ بالتقوى. ومن أهم المواثيق الدولية نذكر الاتفاقية الخاصة بالرق 1926 والاتفاقية لإبطال الرق 1956 وظهر (بروتوكول يعدل الاتفاقية عام 1926 اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير 1949 (نظمت أربع اتفاقيات في عصبة الأمم). بالإضافة إلى جملة كبيرة من الاتفاقيات الدولية التي تمس الاتجار بالرقيق نذكر منها اتفاقيات أعالي البحار (المفوضية السياسية في قانون أعالي البحار المادة 22 واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد1957 المواد الإباحية والاتجار بها،الاتجار بالأشخاص قصد الدعارة لهي من أهم انتهاكات الكرامة الإنسانية والتي يتوجب عمل كل ما من شأنه محوها . جاء في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقب عليها لعام 1984 في الفقرة ب إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة ، وجاء في الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقب عليها عام 1973 بتعريف جريمة الفصل العنصري للمادة 2 الفقرة أ: بإلحاق أذى خطير ،بدني أو عقلي ،بأعضاء في فئة أو فئات عنصرية أو بالتعدي على حرياتهم أو كرامتهم ،أو بإخضاعهم للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ،كما ورد في الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق لعام 1956 (المادة 5) ، في أي بلد لم يتشكل فيه بعد إبطال أو هجر الرق يشكل تشويه أو كي أو وشم رقيق ما أو شخص ما مستضعف المنزلة سواء للدلالة على وضعه أو لعقابه أو لأي سبب آخر، كما يكون الاشتراك في ذلك جرما جنائيا في نظر قوانين الدول الأطراف في هذه الاتفاقية ويستحق القصاص من يثبت ارتكابهم له. كما تنص المادة 05 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وورد في المادة 7 من هذا العهد ((لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وعلى الخصوص ، لا يجوز إجراء أي تجربة طبية المادة 1 -لأغراض هذه الاتفاقية،يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ،جسديا كان أم عقليا،يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص،أو من شخص ثالث،على معلومات أو على اعتراف ،أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه هو أو شخص ثالث أوتخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه،أو يحرّض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها و المتعلقة بضمانات المحاكمة العادلة / أصدرت العديد من الدول إعلانات في مواجهة المادة 14 لقد قررت هذه المادة ثلاث حقوق أساسية وهي الحق في المحاكمة الحضورية، الحق في المساعدة القانونية(الدفاع)، الحق في اختيار الدفاع، فالملاحظ أن الدول تجنبت في الجمل الصادرة إعطاء التوصيف القانوني هل هو تحفظ أم إعلانا تفسيريا، لكن من صيغة العبارة والألفاظ المستعملة نستشف أن الأمر جاء غامضا مثل حق / بمدى هذه الحقوق، وهي بذلك إعلانات تفسيرية خاصة وأن مضمون المادة 14 المحاكمة الحضورية هل يشمل جميع درجات المحاكمة و كل المحاكم، كما أن العبارات التي هدفت إلى التحفظ. ولمعرفة تأثير التصريحات أو الإعلانات التفسيرية على اتفاقيات حقوق الإنسان وذلك بسبب الممارسة الفعلية المتزايدة لهذه الآلية من طرف الدول وخاصة ضمن اتفاقيات حقوق الإنسان، فالقانون الدولي لحقوق الإنسان تطور كثيرا من حيث الصكوك المحددة للحقوق ،ومن حيث آليات الحماية والتي تكاثرت بسرعة مما أدى إلى عولمة سريعة لحقوق الإنسان. ان اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 التي تعتبر المرجع الأساسي لجميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ،أو المعيار الذي تقاس به الاتفاقيات من حيث سلامة الاتفاقيات ومطابقتها للنظرة الدولية للموضوع، مركزين على نقطتي التحفظ والتفسير باعتبارهما الركيزتين في اتفاقية فيينا، التحفظ ركيزة من حيث أنه يحقق هدف الاتفاقيات الدولية في انضمام أكبر عدد من الدول للاتفاقية حتى تعكس نظرة المجتمع الدولي في مجموعه، ولكن بالنظر لاختلاف الأجناس والأعراف والثقافات والحضارات والخصوصيات والعادات والتقاليد، مما يجعل اتفاق جميع أعضاء المجتمع الدولي حول نظرة واحدة لكل المواضيع مستحيلا استحدثت آلية التحفظ حتى عندما تكون دولة لا ترغب في الانضمام للاتفاقية لسبب أو لآخر تقوم بهده الآلية حتى تضمن انضمام أكبر عدد من الدول مع محافظة كل دولة على القدر الأدنى من الخصوصية وسيادتها التي تميزها عن غيرها. ويعتبر التفسير الركيزة الثانية في اتفاقية فيينا، كونه يعطي الحياة للاتفاقية الدولية وينقلها من الجمود نحو الحركة، وكما يعتبر البعض أن القانون منذ بداية إنشائه والى غاية تطبيقه فكل العملية عبارة عن تفسير والدخول حيز التنفيذ وبدون تفسير بنود الاتفاقية فلا مجال للحديث عن تطبيقها، إذ كيف نطبق شيء لا نعرفه ولا نعرف تفسيره، وربما الصراعات الدولية التي تجري مع لجان التحكيم الدولية وتلك التي تجري بالمحاكم الدولية هنا وهناك، ومنها ما أدى إلى النزاعات والحروب إنما يتعلق بالتفسير .ان التحفظ والتفسير إضافة إلى وروده في اتفاقية فيينا كقواعد عامة ،و الفكرتين فيما يتعلق بحقوق الإنسان، من حيث أن اتفاقيات حقوق الإنسان ذات خصوصية تختلف عن الاتفاقيات العادية التي تحكمها المصالح المتبادلة للدول ويحكمها مبدئي حسن النية والمعاملة بالمثل الذي لا ينطبق في اتفاقيات حقوق الإنسان، من حيث أن هذه الأخيرة تتعلق بقواعد موضوعية جاءت لجميع البشر دون تمييز لا في العرق أو اللون أو الأصل أو أي معيار آخر، إنما هي مجموعة حقوق تعطى لكل بشر بصفته كائنا بشريا بغض النظر عن أي شيء آخر، وتبين أن التحفظ في اتفاقيات حقوق الإنسان يقيم بالإضافة إلى الشروط الموضوعية التي جاءت في القواعد العامة لاتفاقية فيينا وجود شروط شكلية أقرتها واجتهدت فيها وطورتها الهيئات المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي نذكر منها على الخصوص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان النابعة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خصوصا، أي أنه يعتبر النظام الأوروبي متقدم جدا في ميدان حقوق الإنسان ،حيث أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان أعطت الأفراد حق اللجوء للقضاء لمحاكمة دولهم حول حق من الحقوق الموجودة في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، ولعل هذا التخصيص هو الذي جعل الفرد يحتل مركز في القانون الدولي. وكذلك فيما يتعلق بالتفسير بالإضافة لما ورد في القواعد العامة في التفسير، فإننا نجدها طورت تفسيرا نشطا يجعل النظرة إلى هذه الاتفاقيات نظرة متجددة تتعدى إرادة واضعي النص لكي تواكب الحياة الاجتماعية. لمعيار الاتفاقيات الدولية ومرجعيته من خلال اتفاقية فيينا، والتعرض للقواعد العامة في التحفظ والتفسير باعتبارها ركيزتي الاتفاقية ، والتركيز على هاتين النقطتين فيما يتعلق باتفاقيات حقوق الإنسان والإشارة لخصوصية هذا النوع من الاتفاقيات والتي أصبحت القواعد العامة الواردة في هده الاتفاقية لا تستجيب لتطورها المستمر والسريع. وقد تناولت التصريحات التفسيرية أو الإعلانات التفسيرية من حيث بعض الآراء حولها سواء في الفقه القديم أو الفقه الحديث إضافة إلى تعريف لجنة القانون الدولي ،حيث أن لجنة القانون الدولي و تحت عنوان القانون والممارسة المتعلقان / دراستها للموضوع الصادر عن قرار الجمعية العامة رقم 3148 بالتحفظات على المعاهدات و تحول هذا العنوان في الدورة السابعة والأربعون للجنة ليصبح التحفظات على المعاهدات والذي كان موضوع تقريرا للجنة القانون الدولي انتهت بخروج التصريح التفسيري من ظل التحفظ وذلك من خلال ممارسة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. حيث أن اتفاقيات حقوق الإنسان تراوحت ما بين ثلاث مواقف فيما يتعلق بالتحفظات فبعضها أجاز التحفظ صراحة والبعض الآخر سكت تماما ولم يمنع التحفظ، كما لم يسمح بذلك ويستفاد منه قبول التحفظ ،والموقف الثالث هو تلك الاتفاقيات التي ترفض التحفظ صراحة وبوضوح مما جعل الدول تتحايل في الممارسة وعند التوقيع أو القبول أو الانضمام تعمد إلى إدراج جملة التصريحات التفسيرية حتى تكون في مأمن من الالتزامات التي تكون قد أرادت التنصل منها أو على الأقل إعطائها تفسيرا خاصا بها، وهذا هو ما جعل التصريح أو الإعلان التفسيري يولد من رحم التحفظ وجعل لجنة القانون الدولي تعطيه تعريفا . كما أحدث هذا التشابه بين التحفظ والتصريح التفسيري جدالا كبيرا حول هذا التصرف، هل هو تصريح تفسيري أو تحفظ بمعنى الكلمة وهذا الجدال الكبير وصل حتى ساحات المحاكم، وكان مصدر أحكام في الموضوع ،كما قامت لجنة القانون الدولي دائما وبمناسبة التقرير المقدم للجمعية العامة في دورتها الخمسين 1995 بالتعرض للتفريق بين التحفظ والتصريحات التفسيرية والجانب الإجرائي للتصريحات التفسيرية من إصدار وتوقيت وظروفه وكل ما يتعلق بذلك، الأسباب التي تؤدي بالدول للقيام بالإعلانات التفسيرية وذلك بالاحتجاج بالقانون الداخلي أو ما تعلق بالخصوصية الثقافية أو حتى بالنظام العام والآداب العامة، فالملاحظ أن الدول في الوقت الحالي أصبحت تتعامل بالسيادة بمفهومها المرن في ظل العولمة إلا أنها لا تتنازل بسهولة عن هذه السيادة، ففي الممارسة تكون الدول أكثر تشددا من التنظير حيث أن دساتير الدول باعتبارها رمز السيادة للدولة، وهي المرجعية القانونية في ممارسة الاتفاقيات الدولية التي يتوجب إدراجها في القانون الداخلي للاحتجاج بها ،وخاصة اتفاقيات حقوق الإنسان والتي تتعلق بحقوق الأشخاص مقابل الدولة، وهو ما يجعل الأمر أكثر حساسية إذ يتطلب إيجاد توازن بين الدور المشروع الذي يجب أن تنهض به الدولة لحماية مصالحها السيادية ، وبين الدور المشروع الذي يجب أن تؤديه أجهزة الرقابة المعنية بحقوق الإنسان لتحقيق حماية فاعلة للحقوق المعلنة في معاهدات حقوق الإنسان. ونشير هنا فقط للحجة المتعلقة بالخصوصية الثقافية على اعتبار أنها الأكثر أهمية، فحجة الاحتجاج بالقانون الداخلي وتعارضه مع الاتفاقية الدولية مصيره إلى الحل، وذلك لأن التعامل الدولي يفرض عليه موائمة قانونه الداخلي ليتفق مع الالتزام الدولي وربما يعطيه الفرصة والوقت الكافي لذلك. كما أن فكرة النظام العام كافية لأن تتغير بين الأمم والحضارات والشعوب، بل ومن زمن إلى زمن في الدولة الواحدة، ولكن قضية الخصوصية الثقافية لا يمكن احتوائها انطلاقا من أنها هي العنصر الأساسي والقاعدي في اتفاقيات حقوق الإنسان، فالملاحظ أن الأمر يتعلق بالإنسان وهذه الحقوق كما ورد في تعريفها المتفق عليه هي الحقوق التي بدونها لا يستطيع أن يعيش الإنسان بكرامته، المنطلقات الفكرية والرجوع إليها ونشير إلى أن البعض يرجعها إلى الأنظمة الاقتصادية وربما تكون الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والغربي دليلا على ذلك، ولكن هذا لا يرفع ولا ينفي البعد الغربي الرأسمالي لمحتوى وعمق اتفاقيات حقوق الإنسان. التأثير الذي تحدثه التصريحات التفسيرية على اتفاقيات حقوق الإنسان وذلك من خلال إسقاط ذلك على الممارسة الدولية لاتفاقيات متعددة الأطراف والتي تراوحت هذه التأثيرات بين التفسير إذا كان الغرض من التصريح هو إعطاء تفسير معين لأحكام مادة معينة أو إزالة غموض الإعلان عن رأي الدولة دون إحداث تأثيرات على الاتفاقية ،وقد يأخذ بعد التحفظ إذا كان الغرض هو التمسك بتفسير معين للارتباط بالاتفاقية وهو ما يؤدي إلى استبعاد حكم من أحكام الاتفاقية أو تعديله إذا كان حكم الاتفاقية مخالف للتفسير المعطى من قبل الدولة، كما يمكن إن يكون إعلانا للسياسة العامة للدولة، ويمكن إن يكون مجرد إعلان إعلامي فقط وهذه الإعلانات الأخيرة تسمى إعلانات ولكنها ليست تفسيرية.

اترك تعليقاً