السيمر / فيينا / السبت 20 . 04 . 2019
علي قاسم عبد الحسن
رمضان أجمل الشهور, أهلا بك من جديد, خذ بنا برفق واعد الحياة لما حولنا, علك تأوي من فقد بيته في نيسان، وتقبل بنعومة جبهة تعبه, دعنا نراك هذه السنة كأجمل الشهور في بلدنا العراق. نيسان كان عصيب على أهل ميسان, كان أقسى الشهور فعلا، يالئيم، يا محرك الأحاسيس ويا مسببا للارتباك، نود أن نودعك ونستقبل الشهر الفضيل كما فعلت سعاد حسني في أغنية(( الدنيا ربيع والجو بديع)). لم يستوقفنا مشهد من مشاهد شهر نيسان إلا وتألمنا وجعا, المرأة التي تندب حضها على حنطتها التي غرقت, الرجل الباكي على أرضه التي نبتت سنابلها وبرعت, الطفلة البريئة المغطاة بوحل الطين وانطمست! ناحية السلام والقرى المجاورة لها قد غرقت, ناحية المشرح والأرياف التي من حولها قد فاضت, هلع أهالي مركز المدينة وتحضيراتهم لمغادرة منازلهم، أم المشهد السياسي وتصريحات زيباري(( ذو الوجه المملوء بلون بهارات الكاري))! فعلا صدق المثل الشعبي الدارج (( شهر نيسان لسانه فلتان)) . يقول الأدباء إن لفظ نيسان أعجمي الأصل, ممنوع من العلمية والعجمية, وهو دخيل قديم على اللغة العربية, نونه الأولى مفتوحة ولا يجوز كسرها خلافا لما هو شائع على الألسنة, فيا جارتي إن كان نيسان من أصلك, ونونه مفتوح أوله ، لم كسرت السدود وأزحت الماء عن نهرانك ومستنقعاتك الجميلة, تلك التي تغتنين وتتفاخرين بجمالها وعذوبة طعمها، وأجحفت في ما مضى شط العرب, وأصبح أهله أهل البصرة كارهين النظر إلية من شدة ملوحته. يبدو أن شهر نيسان عكس إضاءته على المشهد السياسي والسياسيين أيضا, وأصبح عامل من عوامل الاكتئاب لديهم, وينجم عن الخروج من فصل العمل بما يمليه عليهم خدمة أبناءهم وأهلهم, الذي وجب عليهم ممارسة أنشطتهم المعتادة والتي نطمح إن تنعكس إيجابا على الحالة الاجتماعية والنفسية لدى الفرد العراقي, وان يستمعوا لمعانات الناس، ويفكروا ببدايات شهر نيسان, بما يعنيه هذا الشهر من تفتح وحياة, حيث نأمل أن يكونوا ((كشهر كانون فحلا لا لنيسان محلا)). لذا ومن باب الفرض لا النظرية, والراجح والمتوقع, نأمل أن يستمر التفاؤل والاندماج لمكونات الوسط السياسي في ميسان الخير والعطاء, لتقديم الأفضل والأفضل لأهلهم, والاستماع لصيحات المعتدلين والمصلحين والمسالمين وصوت المرجعية، على الاستمرار بالاستماع لهموم الآخرين والإنصات لهم, وقضاء حوائجهم والسعي لتحقيق أفضل الخدمات والوسائل الأخرى, التي من شانها أن تخفف عنهم عناء الويلات والنكبات, ليستقبلوا فصلا جديدا مملوء بالحب والطمأنينة والراحة النفسية والسلم المجتمعي.