السيمر / فيينا / الاثنين 22 . 04 . 2019
حسن حاتم المذكور
1 ـــ كثرت عناوين المقدس, واختلطت اوراقه بين مدينة وضريح, ومرجع وحزب, ومليشيات وعمامة مهرب, واقتُرحت له قوانين, ليتمدد في شعاب المحافظات, بكل ما فيها من فاسدين ومحتالين, وسراق ومهربي مخدرات, من مرجع ومحافظ ومجلس محافظة, حتى اصغر نصاب, حيث من تلك الكيانات الرثة تشكلت احزاب الأسلام السياسي الشيعي, واختطفت السلطات والثروات بعد عام (2003), سقطت اقنعتها عن فساد وانحلال , ورذائل اجتماعية واخلاقية لا حصر لها, حتى محيط الأضرحة المقدسة, لم يسلم من بعض التلوث, الذي يسببها له بعض المتنفذين, كنا وخاصة بسطاء الجنوب والوسط, عندما نذهب لزيارة النجف او كربلا, نقضي جل وقتنا حول الأضرحة المقدسة, كنا نشمئز من تصرفات صغار المعممين, ونضع اكفنا على جيوبنا حتى لا نفقد مصروف العودة, تلك المجاميع الملوثة, تريد فرض قوانين لتقديس كامل المدينة, ليصبحون جزء من تلك القداسة وبحمايتها.
2 ــ عندما ازور العراق, ابادر لزيارة اضرحة الأمام علي والحسين والعباس(ع), وليس هناك اية مشاعر واحاسيس تربطني مع محيطهما والسراديب, بينما اذا زرت مدينتي العمارة, او محل ولادتي ناحية السلام, اجد قلبي ينتظرني في كل بيت وشارع فيها, وهذا امر عادي بالنسبة للعراقيين, فالوطن يبدأ من ارحام الأمهات واحضانهن, ويتمدد في القرية والمدينة والعاصمة, ثم الوطن, من هنا يبدأ الحنين, وتسافر الذاكرة مشبعة بالشوق والولاء, لهذا تركت وصيتي, ان ادفن في قريتي (الشاطيء) شمال ناحية السلام, حيث مقبرته للفقراء عمرها مئآت السنين, وهم اجدادنا, اغلب رموز الأحزاب الشيعية, والضيوف من المراجع الدينية, تعاني خلل في الولاء, ومن لم يحترم ويعتز صادقاً بأنتمائه للعراق, سيفقد “اصله وفصله و(الهوية)”, تلك الحقيقة يجب ان يفهما, المصابين بفقر الوطنية.
3 ــ في الأنتخابات الأولى, خابت امالنا بعد سقوط الأقنعة, شاهدنا وجوه خلف الوجوه, ومنكر خلف مظاهر المعروف, وجهل وفساد, خلف الحديث عن علم وعدالة علي (ع), كيانات تحتال على نفسها وبعضها والوطن, وفرنا لأنفسنا قليل من الأمل, للأنتخابات القادمة, فكانت النتيجة, سقوط قيمي هائل, خلع الشارع العراقي الثقة, و (كفر) ليس بدين الله, بل بزيف شرائع الوسطاء, قال احدهم “اصابعك مو كلهه سوه” بعد انتفاضة المقاطعة الباسلة, كان المشاركون لا يتجاوزون الـ (10%) مع ذلك تشكلت حكومة, ملطخة بقلة الحياء, كنا حينها نتوهم, ان هناك 1% يمكن ان يكون صادقاً, لكننا وعلى امتداد ستة عشر عام, لم نصادف ذلك الواحد, ربما غير موجود اصلاً, واقتنعنا ان اصابع الأسلام السياسي, متساوية في الفساد ورذائل الأرهاب, نسأل انفسنا احياناً, قد يكون الفساد جزء من حميد الشرائع, كما هي لوثة زواج المتعة, او سادية الأفتراس لجسد طفلة اقل من عمر الحفيدة, وبدرجة عالبة من التنافق, يوصونها ويفرضون عليها الحجاب, علينا اذن, ان نحك جلد الوطن, ربما تحته قراد احزاب الفقيه.
4 ــ عندما يعاني المحتال, عقدة التناقض بين مفتعل المظهر وخرابه الذاتي, يضطر لترقيع ثقوب سمعته بالألقاب, فنسمع مفردات “سماحة واية الله وروح الله وحفظه الله اطال عمره وقدس سره, ثم الرشيد والعظيم”, والقائمة تطول, سادية الألقاب تلك, اشتهرت بها مراجع الشيعة, حتى ان الأمام علي (ع) لم يحصل على عشرها, بعد سقوطها في الشارع العراقي, اضطرت احزاب الفساد, لأبتكار الأجراءات القانونية, للتمدد في مفاصل المجمع, غباءً ان نجعل من كل ضريح مدينة, ومن كل مدينة ضريح, حتى لا تفقد المدن هويتها, ومع ان العراقيين يحترمون مقدساتهم, فهم يحترمون انفسهم ايضاً, يجب وبالضرورة, تحرير المقدس من فساد شعاب المدينة, لا ان نمدد قداسة الضريح, ليغطي على شعاب فاسد, ويجب ايضاً اخضاع الأمر الى معالجات التغيير الوطني, بدءً بفصل الدين عن الدولة, ومنع التطرف غير الضروري, في ممارسة الشعائر, وتجريم الميول الطائفية والعنصرية, وفرض المساواة التامة بين المكونات, ومنع تمدد اكبرها في جغرافية وخصوصية ومصير اصغرها.
21 / 04 / 2019