السيمر / فيينا / الاثنين 24 . 06 . 2019
عباس راضي العزاوي
عندما كنا نقاتل على البوابة الشرقية ضد “التمدد الفارسي الشيعي” وحماية المؤخرات السنية الخليجية والعربية من صواريخ الثورة الإسلامية الإيرانية، حدثت مشكلة غريبة في الوحدة العسكرية التي كانت شرق البصرة، فقد طلب احد الضباط الركن في اللواء من نائب ضابط الاستخباراتالحضور فورا لمقر اللواء لغرض سجنه وتقديمه للمحاكمة العسكرية بتهمة الخيانة العظمى، وعند حضوره كنت قريبا على الحدث اسمع الحوار الغريب بينهما. سال المقدم الركن النائب ضابط، عن مكان تواجده عندما قصف الإيرانيون برج المراقبة واسقطوه!! فرد العسكري بانه نزل لدقائق قليله لايقاظ بديله بسبب انتهاء حراسته،فما كان من الضابط المعتوه الا ان صرخ بقوه انت خائن وعميل فكيف اتفق ان يتم قصف البرج وانت لم تكن فيه؟ اذن انت خائن وكان يجب أن تموت حتى أصدق انك لست كذلك!!. السيد الشهيد محمد باقر الصدر كان مشاغبا ويثير المشاكل حسب بعض الجبناء الذين كنا نحاججهم بظلم السلطة وتعسفها حتى استشهد فأصبح بطلا بعد عشرات السنين ولكن نفس تلك الفئات التي كانت تعيب علينا حبه وتقديره اصبحوا الان من عشاقه واتباعه بل وصل الأمر بهم بالاحتفالبه والتغني بشجاعته ورفضه للمغريات التي قدمتها الحكومة آنذاك، مقابل فتوى او اثنتين ، وهكذا تحول المشاغب العميل لايران الى بطل اسلامي عظيم ، ولم لا؟ طالما انه لم يعد يزاحمهم في مكانة او منصب او رواتب تقاعديه. جيفارا كان متمردا ايضا يثير الحروب ويقتل الجنود الأبرياء ويروع الاغنام في غابات وجبال بوليفيا الوعره، تخلى عنه أهالي المنطقة وفلاحوها، الحزب الشيوعي البوليفي من جهته لم يهتم لمصيره ولم يدعمه بالمقاتلين فقد كانوا خونه ومتآمرين حسب وصف جيفارا نفسه، بعد مقتلهتحول لزعيم ثوري وملهم كبير لكل الثوار في العالم وللمستثمرين طبعا اصبح شعارا براقا تُجمع تحت رايته وصوته آلاف الخراف لحروب الساسة واصحاب الكروش والاموال والمصايف. كي يجد المرء مبررا لموقفه لا يكتفي بالكذب وتغيير الحقائق بل يسعى لتحطيم الاخر وتفريغه من محتواه ليس لقناعته بذلك بل لإيجاد عزاء ناجع يسكت صراخ الهزيمة في رأسه، وليجد نفسه بعد ذلك انه صدق هذه الادعاءات الباطلة واصبح مؤمن بها اكثر من اي شيء آخر ، بل صارمُلزما بالقتال بشراسة لاجلها وترسيخها في عقول من حوله. اذن الثورة التي لا أؤمن بها او خانتني شجاعتي في الاشتراك فيها هي ثورة فاشلة وقادتها مرتزقة وخونة يجب اعدامهم وكل من اشترك فيها مجرد لصوص وقتله خرجوا لاسباب ذاتية رخيصة لتحطيم الوطن، باستثناء من سقط وانتهى لربما يستحق عطفي وانسانيتي الطافحة ووفائي الاستثنائي بمنحه لقب شهيد بطل (رحمه الله) فقد ادى الامانة ونال مايستحق من الخلود في الورق والهتافات الرسمية. هكذا خيالنا وتصوراتنا عن صناع التاريخ والحياة، وهذه نتائجه الجينيه المتراكمة عبر السنين ، فهي لا تستطيع أن تفهم او تستوعب ان بطلا يمشي في الأسواق وياكل الطعام ويريد لاطفاله حياة كريمة كاقرانهم ، فمصيره الموت ومكانه الطبيعي هو القبر فالبطل يجب أن يموت لاجلنا والا فهو مرتزق واناني ونرجسي