الرئيسية / مقالات / ما هذا يا وزارة الكهرباء ؟ .. متابعة مهمة مع ديوان الرقابة المالية الاتحادي الموقر

ما هذا يا وزارة الكهرباء ؟ .. متابعة مهمة مع ديوان الرقابة المالية الاتحادي الموقر

السيمر / فيينا / السبت 24 . 08 . 2019

احمد موسى جياد

استلمت في 21 أب الحالي ، مع بالغ الشكر والتقدير رسالة الكترونية من ديوان الرقابة المالية الاتحادي الموقر (الديوان) تتعلق بالتدقيق الذي يجريه الديوان بما ورد بمقالتي المعنونة  “ما هذا يا وزارة الكهرباء” التي تم توزيعها على نطلق واسع في وبعد 27 نيسان 2019. وقد قمت في نفس يوم استلام الرسالة الالكترونية بتزويد الديوان الموقر بمعلومات اضافية وصور وثائق تتعلق بالموضوع ومصدرها وهي سجل مكتب تسجيل الشركات البريطاني وصورة حساب الواتساب لوزير الكهرباء.

وفي البداية لابد لي من القول انني اثمن عاليا جهود ديوان الرقابة المالية الاتحادي الموقر في متابعة الموضوع واجراء التدقيق بشانه واعلامي مباشرة؛ فهذه مبادرة تستحق كل التقدير والاحترام والدعم حيث انها تبعث الامل بوجود اجهزه رسمية تتواصل مع المختصين بشفافية وسرعة خدمة للمصلحة العامة الوطنية. وكما كان قرار المحكمة الاتحادية العليا الموقرة بقبول الطعن ضد قانون شركة النفط الوطنية (الخبيث) علامة مضيئة وسابقة قانونية مهمة للغاية في حماية الثروة النفطية، اتمنى ان يتوصل الديوان الموقر الى ما يضمن حماية وزارة الكهرباء من التوجهات الخطيرة التي تتناولها هذه المتابعة.

 ونظرا لاهمية الموضوع وتاثيراته السلبية على وزارة الكهرباء (وعلى قطاع الطاقة) من جهة وعلى السمعة والرصانة العلمية لطلبة الدراسات العليا العراقيين في بريطانيا وغيرها من الاعتبارات المهمة والمؤثرة فانني اجدد الدعوة الى ضرورة التحرك الرسمي قبل حصول الضرر البالغ. ولا اريد في هذه المتابعة تكرار ما ذكرته في مقالتي المشار اليها حيث يمكن للقارئ الكريم العودة اليها*؛ ولكنني ادرج ادناه المعلومات الموثقة الاضافية وتبعاتها والتي ارسلتها قبل يومين الى الديوان الموقر املا في اخذها بنظر الاعتبار لاستكمال التدقيق الذي يقوم به الديوان.

اولا: يشير الموقع الالكتروني لمكتب سجل الشركات الرسمي التابع للحكومة البريطانية الى عدم وجود “معهد العراق للطاقة” حيث تم حذف (ترقين سجل) المعهد المذكور من السجل الرسمي يوم 22 تشرين ثاني 2016. وقمت بتزويد الديوان برابط الموقع الالكتروني لمكتب سجل الشركات الرسمي التابع للحكومة البريطانية ورقم التسجيل للمعهد المذكور كي يتأكد الديوان من صحة الغاء تسجيل المعهد. وعليه هل من الصحيح او المسموح به قانونيا ان تقوم وزارة الكهرباء بعقد مذكرة تفاهم مع معهد “اجنبي” لاوجود قانوني رسمي له؟ وكيف يتم تصنيف او توصيف هكذا تحرك الذي يفتقد ابسط اساسيات مذكرات الفاهم؟؟!!

ان السجل الرسمي يتضمن الكثير من المعلومات والوثائق عن كل شركة وعنونها وعدد الموظفين بضمنهم المدير وعنوان سكنه وقيمة وعدد الاسهم ..الخ. علما ان عدد الموظفين في كل من معهد العراق للطاقة  وشركة العراق للطاقة المحدودة اقتصر على المدير فقط (اي موظف واحد) علما انه لم يرد ذكر لقب المدير (الخطيب) في تلك السجلات!! 

ثانيا: ان حذف وترقين المعهد المذكور قد تم بموجب طلب تقدم به ووقع عليه “المدير لؤي حميد جواد” بتاريخ 16 آب 2016 وحسب رقم وصورة الوثيقة التي بعثتها الى الديوان (كملحق رقم 1)؛ فكيف يسمح الوزير ان توقع وزارته على مذكرة تفاهم مع “معهد” هو نفسه طلب الغائه رسميا- وهذا ما حصل فعلا- قبل اكثر من سنتين؟ فكيف يفسر او يوصف سلوك الوزير وما هي التبعات القانونية التي عليه مواجهتها ؟  

ثالثا: ان كشف الحسابات الختامية للاعوام 2016 و2017 لشركة اخرى باسم “العراق للطاقة المحدودة” كان موقعا ايضا من قبل “المدير لؤي حميد جواد” في او بعد 30 ايلول 2018 (وقد تم تزويد الديوان برقم تسجيل هذه الشركة وصورة الحسابات الختامية كملحق رقم2). ولنفترض جدلا ان مذكرة التفاهم قد وقعت مع شركة “العراق للطاقة المحدودة” (لعدم وجود معهد العراق للطاقة) فهل يمكن او يصح لوزارة عراقية ان توقع مذكرة التفاهم مع شركة تبلغ قيمة موجوداتها الثابتة 2031 باوند فقط وقيمة التزاماتها (ديونها) 11189 باوند في 31 كانون اول 2017؟ وكيف تضمن وزارة الكهرباء (وكذلك الديوان الموقر) ان شركة بهذا الوضع المالي البائس تستطيع ان تفي بالالتزامات المذكورة في مذكرة التفاهم ومدتها خمسة سنوات!؟ أليست الملائة المالية هي احدى الاساسيات التي يجب اخذها بنظر الاعتبار لضمان تنفيذ مثل هذه المذكرات؟

ومن الجدير بالذكر ان المحامي العراقي-البريطاني الاخ صباح المختار قام – بعد الاطلاع على مقالتي اعلاه- بتجميع مجموعة من صور الوثائق الرسمية المتعلقة بالموضوع وتزويدي وبعض الاخوة بها وقام كذلك بارسلها مع مذكرة توضيحية الى بعض النواب.

رابعا: وزع وزير الكهرباء (في 30 نيسان 2019) من خلال حسابه على الواتسأب “منشور” ادعى انه اعد من قبل احد اصدقائه المحبين والمتابعين لعمله (ارسلتُ الى الديوان صورة حساب الواتساب الذي تضهر فيه صورة الوزير ونص الفقرات (6 و7) من المنشور كملحق رقم 3). ولنفترض جدلا ان المنشور المذكور اعد، كما ادعى الوزير، من قبل احد اصدقائه  فهل من اللائق ان يقوم الوزير بدور موظف علاقات عامة لمعهد غير موجود قانونيا (علما ان الوزير في ذلك الوقت كان في مهمة رسمية خارج العراق مع رئيس مجلس الوزراء تتعلق بالمفاوضات مع شركة سيمنز حسب ما ذكر الوزير نفسه في حسابه على الفيسبك)؟؟. كما وان قيام الوزير بتوزيع “نص”  المنشور المذكور على حسابه الخاص على الواتساب دون تسجيل أي تحفظ على محتوياته يعني ان الوزير يؤيد ويتبنى ما ورد فيه وبالتالي يتحمل الوزير التبعات القانونية لمضمون ذلك المنشور الذي روجه الوزير شخصيا.

ومن الغريب ان الفقرة (7) تشير الى “المعهد هو الجهة الملتزمة في تقديم الخدمات مجانا” فكيف يتحقق ذلك والمعهد لا وجود له اصلا وان مجمل قيمة الموجودات الثابته لشركة العراق للطاقة المحدودة تبلغ 2031 باوند فقط!! فهل وصل الخداع والتضليل والاحتيال الى هذا المستوى؟؟ وكيف يمكن لأي شخص ان يثق بالقدرة الفنية والمهنية والتنفيذية والادارية (ولنترك الاخلاقية والمعنوية) لوزير يروج لمثل هذه المنشورات!!

إلا ان اخطر واغرب ما ورد في المنشور هو ما جاء بالفقرة (6-) التي تنص ” اشرف المعهد على اكثر من خمسين باحث دكتوراه وماجستير عراقي (مبتعث وغير مبتعث)…” وحسب نظري انه يترتب، من النواحي القانونية والعلمية والاكاديمية والادارية، مايلي في كل من العراق وفي بريطانيا:

بما ان الوزير لم يذكر اسم من أعَدَ المنشور الذي بعثه هو من حسابه الشخصي فانه، أي الوزير، معرض للمسائلة القانونية في بريطانيا عن التاهيل والتخويل الرسمي من الجهات البريطانية المعنية التي استند عليها المعهد غير المسجل قانونيا  بالاشراف على هذا العدد الكبير من طلبة الدراسات العليا. علما ان مهام الاشراف الاكاديمي على طلبة الدراسات العليا تقتصر حصرا على الجامعات البريطانية المعروفة!!!؛ فهل توجد هنا حالة احتيال وادعاء كاذب ومضلل ام ممارسة غير مسموح بها قانونيا واكاديميا؟؟ في كلا الحالتين لابد من اجراء التحقيقات الرسمية لهذا الادعاء الغير معقول بكل المقاييس!!

  

وبما ان وزير الكهرباء وحسب سجل الشركات المشار اليه اعلاه يحمل الجنسية البريطانية وان عنوان سكنه فيها وان مكان تواجد كل من “معهد العراق للطاقة” الملغى و شركة “العراق للطاقة المحدودة” في بريطانيا فان التحقيق في هذا “الاشراف” المزعوم من قبل معهد لاوجود رسمي وقانوني له والذي يؤثر سلبيا على سمعة الجامعات البريطانية قد يتم من خلال مكتب مكافحة الفساد والاحتيال والرشوة (SFO)؛ وقد يكون من الضروري قيام بعض العراقيين المخلصين المقيمين في بريطانيا باشعار مكتب المكافحة المذكور بهذا الامر وتقديم صورة المنشور الذي وزعه الوزير كدليل لبداية تحقيقات المكتب؛

 

كذلك على وزارة التعليم العالي العراقية والدوائر المعنية بالبعثات الدراسية الى بريطانيا بالتحقيق بالامر ومعرفة من هؤلاء الخمسين عراقي التي ادعدى الوزير/المنشور ان المعهد اشرف عليهم وما هي اختصاصاتهم والاوقات الزمنية لمهام الاشراف المذكورة، وهل ان الوزارة على علم بهذه الممارسات المسيئة لسمعة وزارة التعليم العالي وسمعة الطلبة العراقيين في بريطانيا ويشكك في رصانة شهاداتهم الاكاديمية.

 

ومن الجدير بالذكر ومن متابعتي لنشاطات الديوان الموقر، من خلال موقع الديوان الالكتروني، فانني اطلعت على خبر اللقاء الذي عقده رئيس الديوان الموقر الاخ د. صلاح نوري خلف مع وزير الكهرباء يوم 24 حزيران 2019 ولم اجد في الخبر عن اللقاء اية اشارة الى مذكرة التفاهم قيد البحث!!!!.  

وفي الختام ونظرا لاهمية وخطورة الموضوع الذي لا يقتصر تاثيره على وزارة الكهرباء ووزارة التعليم العالي بل قد يؤثر سلبا ايظا على العلاقات الاكاديمية مع بريطانيا واظافة الى التوصيات التي ذكرتها في مقالتي المؤرخة في 27 نيسان 2019 فانني اجد من الواجب الوطني :

قيام هيئة النزاهة بالاتصال رسميا بمكتب مكافحة الفساد والاحتيال البريطاني “SFOللتحقيق في موضوع الادعاء الذي روج له وزير الكهرباء بالاشراف على اكثر من خمسين طالب عراقي لدراسة المجستير والدكتوراه؛

قيام وزارة التعليم العالي بالتحقيق بهذا الاشراف المزعوم داخل العراق وفي بريطانيا حماية لسمعة الوزارة ولطلبة البعثات في الجامعات البريطانية؛

اتوجه الى الاخ رئيس مجلس الوزراء بعدم الموافقة على او التخويل بالموافقة  على “مذكرة التفاهم” لوجود حالة “تناقض المصلحة” و “عدم وجود” معهد العراق للطاقة اصلا،  وذلك استنادا الى قانون عقد المعاهدات وكذلك بحكم كونه رئيس المجلس الاعلى لمكافحة الفساد؛

ارى قيام مجلس القضاء الاعلى وهيئة النزاهة ولجان النزاهة والطاقة والتعليم العالي في مجلس النواب والمفتش العام في وزارة الكهرباء بالتحقق من قانونية قيام الوزير بالترويج الى وحضور مراسيم توقيع مذكرات تعاون بين جهتين اجنبيتين؛ وترويجه لمنشور يتضمن ما يمكن ان تكون حالات احتيال وتضليل واساءة لطلبة الدراسات العليا العراقيين في بريطانيا.

 

ارجو نشر وتوزيع هذه المتابعة لاوسع نطاق ممكن وذلك لخطورة الموضوع وتجنبا للأثار السلبية التي لا تقتصر على وزارة الكهرباء.

*استشارية التنمية والابحاث/العراق

النرويج

24 آب 2019

 

اترك تعليقاً