الرئيسية / مقالات / الكهرباء وأسلاكها.. خفايا وأسرار

الكهرباء وأسلاكها.. خفايا وأسرار

السيمر / فيينا / الاثنين 01 . 06 . 2020

محمد جواد الميالي

الصيف يختلف في بلادي عن سواه.. فشمسه حارقة لا يتحملها إلا العراقي، الذي تكيف مع الوضع بدون كهرباء، فما أن يقبل علينا الصيف بحره الشديد، حتى يبدأ السيناريو المعتاد من تذبذب وعدم أستقرار للتيار الكهربائي.

سبعة عشر عام بعد الدكتاتورية، تناوب فيها خمسة وزراء بحقائبهم المليئة بالشعارات على تولي حقيبتها، وسرعان ما يأتي لهيب تموز الحارق ليفندها كلها، منذ هروب السامرائي بتهم الفساد المالي، مروراً بكريم وحيد الذي لم يفقه منه الشارع سوى الإستقالة، إلى رعد شلال الذي طالته أصابع الإتهام بسبب إتهامات بعقود وهمية، وصولاً الى الجميلي الذي لم يختلف عن سابقه بالتهم!

لكن زمن الشعارات الأبرز كان على لسان السيد الشهرستاني، الذي وعد بتصدير الكهرباء وأخلف، فكان عام ٢٠١٣ له بالمرصاد ليفضح أكذوبته العجيبة تلك.. ثم جاء السيد لؤي الخطيب ليخرج علينا بخطبته الشهيرة “كهرباء ١٧ سنة ماكو ليش؟!” ولم يتحقق منها سوى تقاعد له ولعائلته؟!

ما زالت ساعات تجهيز الكهرباء متذبذبة في الصيف، ورغم ان غضب الجماهير سرعان ما يرتفع في الحرارة وينخفض بقدوم الشتاء.. لكن علينا أن نتساءل متى ستنتهي هذه الشعارات، وينقضي معها زمن الفساد الذي نخر الوزارة من أعلى هرمها لأسفل القاعدة، بصرفيات تبلغ سبعة وعشرون مليار دولار صرفت على منظومة الكهرباء، ومازالت غير منتجة ولم تستقر؟!

أين الخلل الحقيقي في تذبذب المنظومة الكهربائية؟ فالميزانية التي صرفت عليها تقارب أن تعادل ميزانية دولة، وعدد موظفيها يدخل ضمن نطاق البطالة المقنعة.. بالإضافة إلى أسماء الشركات العملاقة، التي ما أن تحاول أن تتعاقد مع وزارة الكهرباء، حتى ندخل في معترك أزمة سياسية لإلغائها!

من الذي يسعى إلى عدم أستقرارها وما غايته؟

كل هذا الفساد يعيدنا بالذاكرة إلى عام ١٩٦٨، عندما حاول العراق أن يتعاقد مع شركات فرنسية لإدارة أزمة الطاقة،  لكن سرعان ما أقيل على إثرها رئيس الوزراء؟! اليوم كذلك ما أن شرعت حكومتنا بالإنفاق مع شركة سيمنز الألمانية،  حتى دخلنا في معترك أزمة إسقاط النظام،  وبعد التوجه الى البروتوكولات الحكومية مع الصين.. أستقال رئيس الوزراء وكاد ان يضيع النظام.. وأرتفعت وتيرة أزمة تشكيل الحكومة، ولو بحثنا خلف الشركات التي تم التعاقد معها من أجل حل معضلة الطاقة، سنجد أنها شركات أمريكية؟!

هل يعقل أن شركات العم سام هي المسؤول الرئيسي في تذبذب الكهرباء، بإدارتها لبيادق الشطرنج في الوزارة؟! وهل هي مسألة هل أموال فقط؟ أم هناك سبب آخر دفعهم لجعل المواطن يعاني؟

عدم أستقرار الكهرباء يخلق فجوة كبيرة بين الشعب والحكومة وكل النظام السياسي ، وكلما أتسعت هذه الفجوة كلما أزداد النفوذ الخارجي في الساحة العراقية وأوله الأمريكي.. وبالتالي فإن خلق الأزمات في الشعوب يسهل من السيطرة عليها..

المقال الأخير لرئيس الوزراء بعنوان “العراق أكبر من الصراعات”  هل سيكون حقاً خارطة طريق، أم هو مجرد شعارات كسابقاته،  سرعان ما تذوبها خفايا وأسرار الأسلاك الكهربائية؟

اترك تعليقاً