أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / هل تستطيع “اسرائيل” مهاجمة ايران ؟

هل تستطيع “اسرائيل” مهاجمة ايران ؟

السيمر / فيينا / الاثنين 01 . 11 . 2021  

محمد صالح صدقيان*/ ايران

قليل ما يتحدث الاسرائيليون عن نواياهم في ما يريدون فعله . وما يعلنون عنه ليس بالضرورة سيقومون بتنفيذه بأنفسهم . ربما يتركون ذلك الی آخرين ؛ او يدفعون جهات اخری دولية او اقليمية لتقوم بالنيابة عنهم في تحرك معين ؛ عسكريا كان او دبلوماسيا . واذا ما اطمئنوا علی وجود غطاء عسكري مناسب فإنهم لا يترددون في القيام بحرب او ازمة لأن الحالة هذه تعني ان “الغطاء” هو الذي يحارب ؛ وهي من الحالات النموذجية التي سعی لها الكيان الاسرائيلي في كل ازماته وحروبه مهما كانت صغيرة او محدودة من اجل لعبة يجيد قوانينها وهي توظيف الازمات الدولية لتصب بمصالحه الخاصة وابتزاز الآخرين من اجل تحقيق هذه المصالح .

الكيان وجد ضالته في انسحاب الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب من “الاتفاق النووي” يقينا منه انه يستطيع اطلاق رصاصة الرحمة علیه. فشل هذا الكيان في ذلك بسبب اصرار ايران ومعها الدول الاخری علی صموده ؛ ساعد في ذلك الهزيمة التي مٌني بها الرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية السابقة وفوز منافسه جو بايدن الذي وضع في سلم اولوياته العودة لهذا الاتفاق .

لا اريد الدخول في قصة احياء “الاتفاق النووي” الذي تسعی له الولايات المتحدة وفق المقاسات التي تريدها ؛ لكن ما اريد الحديث عنه هو الخيارات الاخری التي تبشر بها اسرائيل قبل الولايات المتحدة وكأنها الفاعلة في ضبط إيقاعات الجانب الامريكي مع ايران في حال فشل المفاوضات النووية في فيينا .

الكيان الاسرائيلي يتحدث عن “الخيار العسكري” حيث قال وزير المالية الاسرائيلي “اويكدور ليبرمن” ان المواجهة مع ايران لا يمكن اجتنابها وأنها الطريق الوحيد لمنع ايران من امتلاك السلاح النووي ؛ وانها مجرد وقت ، معربا عن اعتقاده ان المفاوضات لا يمكن لها ان توقف البرنامج الايراني . في ذات الوقت نقلت وسائل اعلام اسرائيلية عن تخصيص مليار ونصف المليار دولار من اجل دعم القوة العسكرية الاسرائيلية لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية ؛ في الوقت الذي قال وزير الحرب “بيني غانتس” ان اسرائيل تستعد لهجوم عسكري علی ايران .

لا اريد ان اجيب علی سؤال عن مدی قدرة “اسرائيل” علی مهاجمة ايران ؟ وهل تستطيع ذلك ام لا ؟ وفي اي الحالات تتمكن من ذلك ؟ لكن الواضح ان اسرائيل توفرت لديها عدة فرص لضرب ايران منذ العام 2003 لكنها واجهت معارضة امريكية استنادا لحسابات ومصالح امريكية خاصة ، لانها كانت في كل تلك الفرص تنتظر ابتزاز الولايات المتحدة وتوظيف القوة الامريكية لمهاجمة ايران .

ما استطيع ان اقرره هنا هو ان “اسرائيل” لم تكن تتردد لحظة من مهاجمة ايران وضرب منجزاتها النووية او الصاروخية اذا كانت قادرة علی ذلك بمفردها ، لكنها لم تستطع . ولم تكن في يوم من الايام تمتلك الجرأة في القيام بهكذا خطوة لانها تعلم عواقبها بشكل جيد ولذلك كانت دائما تحاول اقناع الولايات المتحدة للقيام بتوفير الغطاء العسكري والسياسي والامني من اجل تحقيق حلمها الذي لا تخفيه على احد .

الامن القومي الاسرائيلي يستند علی التفوق العسكري والعلمي في المنطقة ولذلك منعت اي دولة وقعت معها علی معاهدة سلام من السير بالاتجاهات العلمية التي تعتقد انها تضر بامنها القومي ، كما ورد في معاهدة كامب ديفيد واتفاق وادي عربه. واستنادا الی ذلك ، تم مهاجمة مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981 والبرنامج النووي السوري عام 2007 ، فيما تحلم بمهاجمة المنشآت النووية الايرانية .

خلال الرئاسات الامريكية السابقة فشلت اسرائيل من اقناع الولايات المتحدة بالهجوم علی ايران ؛ وخلال عهد الرئيس الحالي جو بايدن لازالت الحكومة الامريكية تعتقد ان الخيارات الدبلوماسية افضل من غيرها علی الرغم من قولها ان “صبرها ينفذ” .

الولايات المتحدة تعرف جيدا ان اي توتر بهذا الحجم مع ايران سوف يبعثر كافة الاوراق الامنية والعسكرية في منطقة الشرق الاوسط ذات الرمال المتحركة . وان المصالح الاسرائيلية لن تكون بوضع آمن ولربما الوجود الاسرائيلي في المنطقة سيكون بخطر . وهذا الامر تعرفه اسرائيل جيدا قبل الولايات المتحدة ولذلك تحاول توريطها بأي حرب تريد القيام بها ضد ايران .

الحرب علی ايران ليست نزهة ولن تسقطها ؛ لكن الرد علی اسرائيل سيكون “رد وجود” . الهجوم علی المنشآت النووية ربما يدمرها لكنه لن يستطيع تدمير الكفاءات العلمية والتجربة التي حصلت عليها ايران ولربما اعادة بناء هذه المنشآت سيكون باتجاه وشكل آخر .

وعليه من السذاجة والبساطة ان تخضع ايران للابتزاز الاسرائيلي لكما تتمنى اسرائيل ، لكن هذا لايمنع ان تكون في اعلى جهوزيتها العسكرية والاقليمية لمواجهة اي مغامرة يمكن ان تغامر بها إسرائيل ضد المصالح الايرانية .

*كاتب وصحفي ايراني

اترك تعليقاً