السيمر / فيينا / الأربعاء 08 . 12 . 2021 —— مع انتخاب أولاف شولتس مستشارا جديدا لألمانيا اليوم الأربعاء، عاد المنصب للحزب الاستراكي الديمقراطي بعد 16 سنة من فقدانه لصالح المسيحيين الديمقراطيين بقيادة أنغيلا ميركل.
ولد أولاف شولتس في مدينة أوسنابروك في 14 يونيو 1958 في ألمانيا الغربية، وكان والده تاجرا ووالدته ربة منزل. وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي عام 1975 في سن السابعة عشرة، وكان يعرف بارتداء بدلات صوفية ويشارك في عدد كبير من المظاهرات السلمية.
شغل شولتس منصب نائب رئيس منظمة الشباب في الحزب وقاد حملة في الثمانينيات من أجل “اشتراكية راديكالية للتغلب على الاقتصاد الرأسمالي”.
بالتوازي مع نشاطه الحزبي، كان شولتس يتابع دراساته في القانون. وبعد تخرجه في كلية الحقوق بجامعة هامبورغ، أسس عام 1985، مكتب محاماة متخصصا في قانون العمل في المدينة. ومن خلال عمله تعلم شولتس، آليات عمل الاقتصاد والشركات الخاصة، ما ترك أثرا على شخصيته.
انطلقت مسيرته فعليا عندما وصل الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر إلى المستشارية في انتخابات 1998. وانتُخب شولتس عام 1998 عضوا في البوندستاغ (البرلمان الألماني) وأصبح أمينا عاما للحزب في 2002. وفي عام 2005، انقسم اليسار الألماني بسبب تحرير سوق العمل، وهو ما سرع هزيمة شرودر أمام أنغيلا ميركل.
“رجل آلي“ و”نسخة متحورة من ميركل”
يلقي شولتس خطبه بنبرة رتيبة أكسبته لقب “شولتسومات” (أي شولتس الآلي)، ما يثير انزعاجه. وقال في معرض الدفاع عن نفسه: إنه “يضحك أكثر مما يعتقد الناس”. وقال مؤخرا في تصريح صحفي “أنا رصين وبراغماتي وحازم. لكن ما دفعني إلى العمل السياسي، هو المشاعر”، داعيا إلى “مجتمع عادل”.
وفي 2018 ومع توليه وزارة المالية، أصبح شولتس نائبا لميركل. وحسب وسائل إعلام ألمانية، كان شولتس يستلهم من أسلوب ميركل، حتى أنه يقلدها في الإيماءات، خصوصا إيماءة يدها الشهيرة، إلى درجة أن صحيفة “تاغس تسايتونغ” اليسارية وصفته بأنه نسخة “متحورة” من ميركل!
واتبع شولتس كوزارة المالية، نهاج ماليا صارما، لكن بعد تفشي جائحة كورونا لم يتردد في الخروج عن بنود الميزانية معتمدا السخاء في الإنفاق، وشعاره أن ألمانيا بإمكانها مواجهة الوباء من الناحية المالية. وجعلته سياساته الناجحة في التعامل مع الأزمة أحد السياسيين الأكثر شعبية ومصداقية، ووضعته في قلب المشهد ومقدمته.
خسر شولتس معركته على رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2019، لأنه لم ينجح في كسب قلوب أنصار الحزب، فقد رغب الحزب آنذاك في قيادة ذات توجهات يسارية صريحة. ورغم ذلك ظل الحصان الوحيد الذي يمكن لحزبه الرهان عليه لاستعادة المستشارية.
السياسة الخارجية والداخلية والعلاقات مع روسيا
تنص الاتفاقية، التي وقعتها أطراف الائتلاف الحاكم الثلاثة في ألمانيا، على أن تظل ألمانيا ملتزمة بالتعاون في إطار الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، كما تدعو إلى تطوير “سياسة شرقية جديدة” على مستوى الاتحاد الأوروبي وتعزيز دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
ويصف المراقبون شولتس بأنه من مؤيدي “سياسة معتدلة” تجاه روسيا.
يعرف شولتس بانتقاده لسياسات موسكو تجاه شبه جزيرة القرم والأحداث في شرق أوكرانيا. ومع ذلك، في مايو 2021 دعم مشروع “السيل الشمالي “2 وانتقد العقوبات الأمريكية ضد الشركات المشاركة فيه، واصفا إياه بـ “التدخل في الشؤون الداخلية لألمانيا وأوروبا”.
وأشارت وسائل إعلام ألمانية إلى أن شولتس لن يقيم “علاقة خاصة” مع موسكو على عكس غيرهارد شرودر الذي ترأس الحكومة الألمانية بين عامي 1998 و2005.
ووفقا لصحيفة “بيلد”، صرح شولتس خلال الحوار الألماني الروسي بطرسبورغ عام 2016، أنه لا يوجد أي سيناريو “معقول” تتمتع فيه روسيا بعلاقات جيدة مع ألمانيا وعلاقات صعبة مع الاتحاد الأوروبي في آن واحد.
يعتزم شولتس مواصلة التعاون مع روسيا في القضايا مثل مكافحة الوباء وتغير المناخ، ويقترح النظر في مسألة رفع تأشيرة الدخول للروس الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما، وتوسيع الفرص أمام الروس للدراسة والعمل في ألمانيا.
أما بالنسبة لأوكرانيا، فلا يرى شولتس في المستقبل القريب إمكانية لانضمامها إلى الناتو والاتحاد الأوروبي، كما أنه يعارض توريد الأسلحة إلى كييف.
وفي شأن السياسة الداخلية يدعو برنامج حكومة شولتس إلى التخلي عن استخدام الفحم حتى عام 2030، وبناء محطات طاقة حرارية جديدة تعمل بالغاز الطبيعي.
بالإضافة إلى ذلك، تعتزم حكومة شولتس تبسيط إجراءات الحصول على الجنسية، وخفض مدة الإقامة المطلوبة لذلك إلى خمس سنوات، والسماح بالجنسية المزدوجة، بالإضافة إلى إجازة بيع الماريجوانا ورفع الحد الأدنى للأجر بالساعة من 9.6 يورو إلى 12.5 يورو.
ويؤيد شولتس التطعيم الإجباري ضد كورونا ولا يستبعد اعتماد تدابير أكثر صرامة فيما يتعلق البوباء، حيث أكد أنه “لم يعد هناك خطوط حمراء لحكومته في مكافحة الجائحة”.
وفي 2017، نشر شولتس كتابا تحت عنوان “أرض الأمل” (Hoffnungsland)، ركز على جملة من القضايا مثل أزمة الهجرة ومستقبل أوروبا والصراعات الإقليمية.
وشولتس لا يعتنق أي ديانة، ومتزوج منذ عام 1998 من السياسية الاشتراكية الديمقراطية بريتا إرنست (60 عاما)، التي يصفها بأنها “حب حياته”. وتشغل زوجته منصب وزيرة التعليم في ولاية براندنبورغ. وليس لديهما أطفال.
المصدر: “دويتشيه فيله” + وكالات