الرئيسية / مقالات / التلفيق أساس التفريق

التلفيق أساس التفريق

السيمر / فيينا / الاثنين 29 . 08 . 2022

يوسف السعدي
صار التدليس والكذب والتلفيق, من الأدوات المهمة التي يستخدمها أصحاب الأفكار الهدامة, التي تهدف لتدمير الأمم من خلال فصلها عن قادتها الحقيقيين, ممن لهم القوة على قيادتها لبر الأمان وحمايتهم من هذه الأفكار.
حذر الإسلام كثيرا في آيات قرآنية كريمة وأحاديث نبوية, من هذه الظاهرة لما لها من أضرار كبيرة على الفرد والمجتمع, فقال تعالى:﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾..
قيام الشخص بهذا الفعل قد تكون له أسباب كثيرة, أولها حسد الأخرين على نعمة يمتلكونها, فوصفهم بكتابه الكريم قائلا (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا)
قد يكون الحقد هو سببا أخر, خصوصا إن كانوا يحظون بمكانة مميزة أو لان لديهم أمورا تميزهم عن الأخرين, والنفس البشرية بطبيعتها لا تحب من يتفوق عليها أحيانا, أو تتمنى ما ناله الآخرون, فقال تعالى (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )..
من الأسباب أيضا التزلف لشخص معين, فيسمعوه ما يريد هو سماعه , ويتصرفون كما يحب أن يراه, وقد يكون التعصب لدين أو عقيدة أو قومية أو طائفية سببا مهما لتلك الأفعال, وإن ألبسوها بزي يحاولها تجميلها, او إظهارها بغير حقيقتها, فنقل عَنِ الزُّهْرِيِّ ( قَالَ : سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) عَنِ الْعَصَبِيَّةِ ؟
فَقَالَ : ” الْعَصَبِيَّةُ الَّتِي يَأْثَمُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا ، أَنْ يَرَى الرَّجُلُ شِرَارَ قَوْمِهِ خَيْراً مِنْ خِيَارِ قَوْمٍ آخَرِينَ ، وَ لَيْسَ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبُّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ ، وَ لَكِنْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُعِينَ قَوْمَهُ عَلَى الظُّلْمِ”)
قد يكون سوء الظن بالآخرين, سببا يجعلهم يتصرفون بشكل معين دون التأكد من المعلومة, فنبهنا الخالق لذلك, فقال عزوجل (“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ”).. وقد يكون التسرع في نشر أي معلومة, حصل عليها دون التأكد من صدقها سببا, فوجهنا البارئ بقوله (فَاصْبِر كَمَا صَبَرَ أولوا العَزمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَستَعْجِلْ لَهُم كَاَنَّهُم يومَ يَرَونَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلبَثُوا إلا سَاعَةً مِنْ نَهار بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ اِلاّ الْقَومُ الفَاسِقُونَ﴾
لهكذا فعل قبيح أثار على الفرد أولها, أنه سيفقد فاعله احترام الأخرين, لأنه ضيع المصداقية  والأمانة في الحديث, التي هي معيار مهم للإنسان داخل مجتمعة, وهذا يؤدي به إلى العزلة وفقد احترامه لنفسه.
أما على المجتمع من الأثار المهمة التي يتركها التلفيق داخله, هي عدم التواصل بين أفراده, وقد يؤدي إلى البغضاء بسبب تسرع البعض, في إطلاق الأحكام على الأخرين, دون التأكد من صحة الخبر, وقد يحدث يفقد بعضهم حياته, في مجتمع تتحكم به بصورة كبيرة, صورتنا في نظر الأخرين, قبل التفكير  بصحة المعلومة أو بالتصرف الصحيح في مثل هذه الظروف.

اترك تعليقاً