الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / ’الدولار.. تقرير يتحدث عن دوافع واشنطن بالضغط على العراق

’الدولار.. تقرير يتحدث عن دوافع واشنطن بالضغط على العراق

السيمر / فيينا / الأثنين 30 . 01 . 2023

 أكد تقرير نشره “EPC” أنه على رغم أنّ المفاوضات بين الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي العراقي لإصلاح نافذة بيع العملة وإيقاف عمليات التحايل والتهريب الواسعة فيها ليست أمراً جديداً، إلا أن تفعيل الضوابط الجديدة جاء في سياق ثلاث متغيرات وثمة ثلاث سيناريوهات تلوح في أفق أزمة سعر الصرف الراهنة.

وأشار التقرير الذي نشره مركز الإمارات للسياسات أن البنك الفدرالي الأمريكي يمتلك نفوذاً على تدفق الدولار إلى العراق بحكم أنّ ودائع النفط العراقي المصدر تذهب في معظمها إلى حساب خاص تابع لوزارة المالية العراقية في الولايات المتحدة، اثر خضوع العراق للعقوبات الدولية في السابق، وعن سعي الولايات المتحدة لربط الاقتصاد العراقي بشكل وثيق بالدولار بعد الغزو الأمريكي عام 2003.

وذكر التقرير أن الفدرالي الأمريكي منح سلطة تقديرية في التحكم بتدفق العملة الأمريكية إلى العراق، وهي سلطة لم تتعسف الولايات المتحدة في استخدامها خلال السنوات السابقة، رغم أنّ الحديث عن خروقات كبرى تحصل في عملية بيع الدولار الأمريكي في العراق يعود إلى عدة سنوات مضت، إلا أن قيمة الدينار العراق بدأت بالتراجع إزاء الدولار في شهر نوفمبر الماضي مع دخول بعض إجراءات التدقيق الجديدة التي طوّرها البنك الفدرالي الأمريكي بالتعاون مع البنك المركزي العراقي حيز التنفيذ.

ثلاثة متغيرات خلقت الأزمة:

وأشار التقرير الى أنه الضوابط المصرفية الجديدة وانشاء منصة الكترونية جاءت في سياق ثلاث متغيرات:

الأول، تصعيد الحكومة الأمريكية، وتحديداً وزارة الخزانة، للعقوبات على إيران في ظل تعثر المفاوضات حول الملف النووي وأعمال القمع ضد المحتجين الإيرانيين، وشمل ذلك معاقبة أفراد مرتبطين بفيلق القدس وحزب الله اللبناني ينشطون في مجال تهريب الوقود، وزيادة الرقابة على حركة الأموال الذاهبة لإيران.

الثاني، الكشف عمَّا صار يُعرف عراقياً بـ “سرقة القرن”، وهي الفضيحة المالية الكبيرة التي نتجت عن سرقة أكثر من مليارين ونصف مليار دولار من أموال هيئة الضرائب العراقية، والتي كشفت أيضاً عن شبكة تخادم واسعة من رجال الأعمال والسياسيين والمسؤولين الحكوميين، مما لفت الأنظار مجدداً إلى حجم الفساد في العراق وعمليات التهريب والتلاعب الواسعة التي تجري لأمواله والمحمية بتواطؤ حكومي وبرلماني وقضائي.

الثالث، تشكيل حكومة تابعة لـ “الإطار التنسيقي” الذي تسيطر عليه الأطراف المقربة من طهران، وتتمتع فيه الفصائل المسلحة والفصائل بنفوذ واسع، ما يجعلها قادرة على التأثير في قرارات الحكومة المالية والاقتصادية، كما اتضح مثلاً في قرار تشكيل “شركة المهندس” التابعة لهيئة “الحشد الشعبي”.

ويؤكد التقرير أنَّه من الصعب القول إنّ أيّاً من هذه المتغيرات أدى دوراً مباشراً في عملية تشديد الإجراءات، إلّا أنّها أسهمت بقدرٍ ما في تسريع تطبيق الضوابط الجديدة أو في الأقل تعزيز مبرراتها.

السيناريوهات المحتملة

وأكد التقرير الإماراتي امكانية توقُّع السيناريوهات الثلاثة الآتية لمسار أزمة صعود سعر الدولار في العراق:

السيناريو الأول، توقف صعود سعر الدولار تحت تأثير الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية، وبفعل المفاوضات بين الجانبين العراقي والأمريكي التي قد تُسفِر عن آلية لتخفيف الضوابط أو تسهيلها، وسيسمح ذلك لاحقاً بتراجُع سعر الصرف ليقترب من معدلاته السابقة. لكن مثل هذا الاحتمال يرتبط أيضاً بطبيعة العلاقة بين بغداد وواشنطن، وفيما إذا كانت حكومة السوداني ستنجح في كسب واشنطن لصفها وتخفيف التصور العام عنها بأنّها خاضعة لنفوذ طهران، وما يعنيه ذلك من تعزيز تحالف السوداني بالمالكي على حساب تحالفه مع “عصائب أهل الحق” والتنظيمات المقربة من إيران.

السيناريو الثاني، استمرار صعود الدولار بسبب فشل المصارف والتجار في التكيف مع الضوابط الجديدة، واستمرار تشدُّد الفدرالي الأمريكي، وإخفاق السوداني في إقناع الجانب الأمريكي بإبداء مرونة أكبر في هذا الملف. ومن شأن ذلك أن يُعمِّق الأزمة الاقتصادية في البلاد، ويخلق ضغوطاً مجتمعية أكبر على حكومة السوداني، وربما يُسرِّع من حصول موجة احتجاجات جديدة، لكنه قد يُقوِّي أيضاً من سطوة التيارات المتطرفة في “الإطار التنسيقي” والمطالبات بإجراءات أكثر راديكالية لتقليل نفوذ الفدرالي الأمريكي على النظام المالي والمصرفي في العراق.

السيناريو الثالث، استمرار حالة عدم الاستقرار في سعر صرف الدولار، صعوداً وهبوطاً، ولفترة طويلة تأثُّراً بمسار السوق ومضاربات العملة وعدم الحسم في مجال تطبيق الضوابط الجديدة، أو تعثُّر الوصول إلى تسوية نهائية وواضحة بين الجانبين العراقي والأمريكي.

الاستنتاجات

وخلص التقرير إلى أن أزمة صعود سعر الدولار في العراق تمثل أكبر تحدٍ تواجهه حكومة السوداني منذ توليها مسؤوليتها، وهو تحدٍّ يطال برنامجها الأساسي الذي عرّفت نفسها من خلاله بوصفها حكومة تركز على الإصلاح الاقتصادي، وتحسين الخدمات، ورفع مستوى معيشة المواطنين. في نفس الوقت، تُمثِّل الأزمة فرصة للسوداني للمضي بإصلاحات أساسية في القطاع المالي والمصرفي، خصوصاً باتجاه تحديثه وأتمتته وتخليصه من هيمنة المافيات المالية والاقتصاد الموازي. ومن جهة أخرى، قد تُسهِّل عليه تسويق نهجه المعتدل فيما يخص العلاقات مع الولايات المتحدة، ومقاومة ضغوط الأطراف المتشددة في “الإطار التنسيقي” والضغوط الإيرانية من ورائها، عبر الاستفادة من الإدراك المتزايد للنفوذ الذي ما تزال الولايات المتحدة تمتلكه على الاقتصاد العراقي.

وشدد على أنه ربما تُحدِّد مآلات هذه الأزمة، المستقبل السياسي للسوداني، إذ إنّ تفاقمها وخروجها عن السيطرة قد يدفع أطراف “الإطار التنسيقي” إلى التخلي عن دعمه وتحويله إلى كبش فداء، خصوصاً إن أدّت الأزمة إلى تصاعُد موجة الغضب الشعبي واندلاع تظاهرات جديدة.

المصدر / ايرث نيوز

اترك تعليقاً