السيمر / فيينا / الجمعة 02. 06 . 2023
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
الذي يقرأ تاريخ العرب قبل وبعد مجيء الاسلام، يجد العرب بالجاهلية لا يختلفون عن عرب ما بعد مجيء الاسلام، حاول رسول الله ص أن يجعل من العرب أمة قائدة للعالم من خلال تطبيق نموذج حكم إسلامي عادل، وأراد الله عز وجل ورسوله الكريم محمد ص تنصيب مجموعة من عباد الله الصالحين ليكونوا قادة إلى الأمة المسلمة، لكن قريش تمسكت بجاهليتها ورفضت قبول وصية الرسول محمد ص في أن يحكم الأمة بعد الرسول ص الإمام علي بن أبي طالب ع والائمة من بنيه وأحفاده الأئمة الاثني عشر، الذين شهد لهم حتى الأعداء بالعلم والمعرفة والتقوى والعدل.
بل أن عمر بن الخطاب قالها إلى ابن عباس أن قريش كرهت أن تكون النبوة والخلافة لدى بني هاشم فقط دون غيرهم، قضية الاستبداد، وتكرار الأخطاء لدى قادة العرب ليست جديدة، لذلك الحكام العرب طغاة و ديكتاتوريون بطبعهم ولا يريدون أن يستلهموا تطبيق النماذج المشرفة في العدالة والمساواة سواء بحقبة خلافة الإمام علي ع أو تطبيق نماذج الحكم العادلة في الدول الديمقراطية بزمننا هذا.
بل تألق قادة وحكام العرب في إذلال الشعوب العربية، بحيث قادة العرب اتخذوا قرار، ممنوع على الشعوب العربية، أن تلحق بركب الدول الديمقراطية الوطنية الحديثة، لو بحثنا عن كيفية أصبح قادة العرب ملوك ورؤساء وزعماء، لوجدنا الحقيقة المرة، أن معظم حكامنا يختارهم لنا مشغلوهم أولياء نعمتهم من دول الاستعمار التي صنعتهم، لأداء وظائف وأدوار معينة تقوم على الفساد والإفساد والقتل والتهجير والتنكيل بالشعوب ومنع أي نهضة في أوطاننا العربية المسحوقة.
الباحث عن تاريخ ولادة الدول العربية الحديثة، يجدها صناعة استعمارية، الذي يقرأ عن مؤتمر كامبل بنرمان، والذي انعقد في لندن عام ١٩٠٥الى عام ١٩٠٧ بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطاني، بهدف إيجاد آلية تحافظ على نفوذ المستعمرين، و خرج المجتمعون، بوثيقة سرية سموها وثيقة كامبل، لمن لايعرف مؤتمر كامبل بنرمان، غاية المؤتمر المحافظة على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن، وضم مؤتمر الدول الاستعمارية في ذاك الوقت كل من، بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا، وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية سموها «وثيقة كامبل» نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بانرمان.
وتوصلوا إلى نتيجة مفادها: «إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للاستعمار، لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والأفريقية وملتقى طرق العالم، وأيضا هو مهد الأديان والحضارات». والإشكالية في هذا الشريان هو أنه كما ذكر في الوثيقة، «ويعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللسان».
وأبرز ما جاء في توصيات المؤتمِرون في هذا المؤتمر، إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة، بل المؤتمرون قاموا بتقسيم دول العالم بالنسبة إليهم إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى، دول الحضارة الغربية المسيحية (دول أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا) والواجب تجاه هذه الدول هو دعم هذه الدول ماديا وتقنيا لتصل إلى مستوى تلك الدول.
الفئة الثانية، دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها (كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها) والواجب تجاه هذه الدول هو احتواؤها وإمكانية دعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديدا عليها وعلى تفوقها
الفئة الثالثة، دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا لتفوقها (وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام) والواجب تجاه تلك الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية، ومحاربة أي توجه وحدوي فيها،
فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا ليس فقط فصلاً مادياً عبر الدولة الإسرائيلية، وإنما اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، مما أبقى العرب في حالة من الضعف.
لذلك قوى الاستعمار خدعت زعيم العرب السنة مفتي مكة اللاشريف علي ليكون الجسر لإسقاط الدولة العثمانية وللاسف أصدر فتوى دمار شامل حث العرب على ترك الجيش العثماني ومساعدة القوات البريطانية والفرنسية في احتلال ممالك الدولة العثمانية، بل فتوى شريف مكة حثت أكثر من مائة مليون مسلم بشبه القارة الهندية على الانضمام في القوات البريطانية في غزو العراق والجزيرة العربية، معظم أفراد الجيش البريطاني هم مسلمون من الهند، انظروا لجريمة مفتي مكة، الذي كان له دور مهم في إسقاط الدولة العثمانية، لو كان شريف مكة شيعي لرأينا فيالق إعلامية تتحدث عن خيانته، لكن بما أن مفتي مكة مذهبه سني وزعيم العرب فهو مثاب ومأجور، وأصبحت خيانته جهاد من أجل رقي العرب والمسلمين.
بإختصار الشرق الأوسط عبارة عن لعبة الشطرنج بيد الدول العظمى تلعب بها من فاز باللعبة هو من يختار الحكام،
العرب أمة محكومة وليس أمة حاكمة، العربي بطبعه الجينات والثقافة المتوارثة تجعله دكتاتور مستبد ويخدم مصالح المشغلين له وكذلك العربي يحب الحاكم المستبد.
المرحوم عبد الكريم قاسم بعد ان استلم الحكم وأصبح رئيس وزراء
زار تركيا واطلع على التقدم الذي حصل فيها وعندما عاد الى العراق صرح بأنه سوف يجعل العراق افضل من تركيا وبعد فترة قصيرة نفذ عملاء الماسونية البعثيين ومعهم المقبور عبدالسلام عارف جريمتهم في قتل عبدالكريم قاسم، والنتيجة دمروا العراق ليومنا هذا.
الاستعمار خرج من بلادنا وترك وكلاء عنه ليقلل من الكلفة العالية للاستعمار. وممنوع أن يأتي شخص ليحكم دون أن يؤدي فروض الطاعة لهم وإلا سلاح الانقلاب جاهز.
بلادنا مستعمرة ومن المضحك والسخيف اننا نحتفل بأعياد الاستقلال والجلاء.
2/6/2023