الرئيسية / مقالات / تساؤل مؤلم ..!!

تساؤل مؤلم ..!!

السيمر / فيينا / السبت 14 . 10 . 2023

ابراهيم الخزعلي

عندما خلق الله جلَّ وعلا  الأنسان ، خلقه في أحسن تقويم ( ولقد خلقنا الأنسان في أحسن تقويم )، وذلك  بتكريمه  بالعقل والأدراك ، فحثَّ الله الأنسان على استخدام العقل  في قوله تعالى ( أفلا يعقلون) و ( إنَّ في ذلك لآياتِ لقوم يتفكرون) ، ومما تميز به الأنسان  عن الحيوان هو النطق ، ومن المعروف ان النطق هو الكلام الذي يراد به التعبير عن شئ ما، للتفاههم . ومن هذا المفهوم اطلق أرسطو على الأنسان ( حيوان ناطق ) .

نعم النطق هو ميزة مهمة ، ولكن ليس النطق هو الدليل القاطع الذي يُستدل به على الأنسان ، أو ما يمّيز الانسان عن الحيوان ، بل يذهب الاديب المصري المعروف  توفيق الحكيم  الى ابعد من ذلك  وهو العقل الذي هو أسمى الميزات ، ولكنه أيضا لا يعتبره  الميزة الأسمى للأنسان   بـ ( قوله .. ليس العقل ما يميّز الأنسان عن الحيوان ، ولكن الضمير ) ، وكذلك يقول فريدريك نيتشه ( لقد اعترضتني من المخاطر بين الناس ما لم أجد مثلها بين الحيوانات ) . فلربما هذا الذي ينطق ، و نطلق عليه بالأنسان  هو أخطر من الوحوش المفترسه .

إذن الميزة الأهم التي يسمو بها الأنسان عن كل الموجودات التي لا يمكن ان  تميّز بها بين الأنسان  والحيوان ، لا بل  شخص  و آخر في الحالة الطبيعية ،لأن هذه الميزة الأسمى لا يمكن رؤيتها بالعين ، إلاّ  في المواقف التي  تصطدم بالحس الأنساني السليم ، هذا الحس  الذي يُعتبر العمود الفقري لهيكلة الكيان البشري ، والطاقة الفعالة في ديمومة الحياة الانسانية الخلاقة .

فالذي اراده  توفيق الحكيم وكذلك  فريديرك نيتشه  من قوليهما هو ( الضمير )

ومَنْ ليس في كيانه ضمير  ، لا يمكن أن يُطلق عليه صفة إنسان .

ومن كل هذا الذي  تناولته ، ولو  بشئ من الأيجاز، أردت منه تبيان ما نراه من صمت مطبق أمام أبشع جرائم تُرتكب بحق شعب أعزل من قِبَل الصهاينة الأوغاد ، ومن ورائهم قوى الشر العالمي وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا.

فالسؤال هنا : ما معنى سكوت حكام الأمة العربية والأسلامية، وهم لا يحرّكون ساكنا ؟!

في الوقت الذي يرون فيه الجرائم والقتل الجماعي اليومي للنساء والاطفال والشيوخ  والعجزه ، ويسمعون صرخات المناشدة وطلب يد العون والمساعدة ، وليس من جواب ..!

ولكن حقّا ، كما قيل ( مَنْ أستُغضبَ ولم يغضب فهو حمار ).فانظروا لهذا الأوربي الذي لا صلة ولا علاقة له بديننا ولا بعروبتنا ، ولكن نراه يشتعل غضبا على ما يراه الأن من جرائم بربرية  وما رأى من جرائم   من قبل بحق الشعب الفلسطيني المضيّع والمكبل والمحاصر ، والذي ترونه في الفيديو هو نائب في البرلمان الايرلندي ، وليس انسانا عاديا .

وإحيانا نرى بعض الحيوانات لا تتخلى عن فصيلتها عندما تتعرض للخطر ، فتدافع عنهم  بكل ما تمتلك من قوة وبشكل مستميت ، أما ما نراه اليوم للاسف

ليس بالشئ المؤلم فقط .. وبحجم هذا الألم ، هو الخزي والعار في كل الاعراف الأجتماعية المتعارف عليها في المجتمع البشري قديما وحاضرا ..!

ولقد صدق الشاعر بشار بن برد حين قال :

(لَقَد أَسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيّاً

وَلَكِن لا حَياةَ لِمَن تُنادي )

13/10/2023

اترك تعليقاً