السيمر / فيينا / الجمعة 08 . 12 . 2023
محمد جواد الميالي
تشهد الساحة السياسية في العراق فترة إنتخابية مهمة وحيوية، حيث تستعد الأحزاب والتيارات للمنافسة في مجالس المحافظات بتاريخ 18 ديسمبر 2023، مع الأخذ بعين الإعتبار أنسحاب التيار الصدري من المشاركة الإنتخابية وبقاء أذرعته داخل مؤسسات الحكومة.
تعتبر هذه المرحلة السياسية ذات أهمية خاصة في ضوء التحضيرات الجارية لهذه المعركة الإنتخابية، والتي يشارك فيها عدد من القوى السياسية الرئيسية في الوسط والجنوب الشيعي، بما في ذلك دولة القانون وتحالف نبني وتحالف قوى الدولة، إلى جانب باقي التيارات المدنية وقوى تشرين التي دخلت معترك اللعبة وتنازلت عن شعاراتها الفيسبوكية.
مع أنسحاب التيار الصدري، الذي كان يراهن على التحالف الثلاثي لأقصاء البيت الشيعي من النظام القائم، تغيرت ديناميكية الميدان السياسي، حيث فقد الصدريون تأثيرهم وتواجدهم في الساحة، وقبل قرابة الخمسة عشر يوماً قامت القوى السياسية بإنهاء مسيرة الحلبوسي البرلمانية لينضم الى الكاظمي المخلوع والصدري المنسحب، وهذا يترك المجال مفتوحاً لتسير باقي القوى والأحزاب بالنظام لعملية إنتخابية أكثر شفافية من سابقتها.
حيث تعتبر إنتخابات عام 2021 في العراق منعطف خطير، أثارت العديد من الأحزاب السياسية أعتراضات بشأن نزاهتها، و قدمت بعض القوى أدلة دامغة على أن هناك تلاعباً واسعاً في عمليات الإقتراع، مما أثر على نتائج الإنتخابات وعلى شرعية النتائج، يُعزى ذلك جزئياً إلى ضعف الأمن الإنتخابي في وقتها وإلى القانون المهدر للأصوات، لذلك قام البرلمان العراقي بتغيير القانون الإنتخابي من الدوائر المتوسطة الى قانون سانت ليغو 1.7 لضمان تصحيح المسار وإدامة إستقرار سياسي يعكس إرادة الشعب العراقي، بعد فترة وجيزة سوف تدخل التحالفات والقوى السياسية لمعترك العملية الإنتخابية والكل يحمل راية الإنتصار.
تأتي دولة القانون وتحالف نبني وتحالف قوى الدولة كأطراف رئيسية في المنافسة، دولة القانون، بقيادة السيد نوري المالكي، الذي يسعى إلى العودة للواجهة لتكون خطوته القادمة منصب رئاسة الوزراء، لأنه يراهن على قوة شيوخ العشائر وجمهورهم في قوائمه.
من جهة أخرى، يسعى تحالف نبني، الذي يجمع بين عدة كتل سياسية أبرزها قوى الحشد الشعبي، إلى أن يكون فاعلاً سياسياً كما هو أمنياً، وأن يكون جزءاً من هذا النظام الديمقراطي.
أما تحالف قوى الدولة بقيادة السيد عمار الحكيم، يعبر عن تجمع قوى سياسية وشبابية تسعى إلى تحقيق تغيير شامل في النظام الحكومي والسياسي، لأن الجميع يعلم أن الحكمة هم حلقة التوازن التي سلكها الجميع عندما تعرض النظام إلى ضربة مميتة في 2021، والجميع يعلم أنهم مفتاح الدولة نحو الإستقرار، وهم يحملون شعار “رد الاعتبار” في الإنتخابات القادمة، علماً أن التحالف يضم مجموعة متنوعة من الأطراف التي تشدد على أهمية تحسين الحكم ومكافحة الفساد.
في هذا السباق، ظهرت الأحزاب المدنية وقوى تشرين التي ترفع شعار “الليبرالية” في مدن الوسط والجنوب الشيعي، كعامل مؤثر في تشكيل المشهد الإنتخابي القادم، يسعى هؤلاء بشعاراتهم إلى كسب أصوات الطبقة الرمادية وتمثيلهم في مجالس المحافظات التي كانوا يعتبرونها حلقة فساد زائدة!
من المتوقع أن تكون المعركة الانتخابية حامية، حيث تتنافس هذه القوى على دعم الناخبين وتعزيز تأثيرها في الحكومة المقبلة، ومع ذلك، يتعين على الحكومة توفير الأمن الإنتخابي وأن تكون حازمة بالوقوف أمام المخربين والمعرقلين لسير العملية الانتخابية، فلا يستقيم النظام الديمقراطي دون أن تظهر الدولة قوتها وحزمها الأمني.
من ناحية أخرى، يتوجب على القوى الفائزة أن تعتني بوضع خطط وبرامج طويلة الأمد تعمل على تعزيز التنمية المستدامة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، يجب أن تكون هذه الخطط مستندة إلى رؤية أستشرافية لمستقبل العراق، تراعي التحديات الإقتصادية والإجتماعية وتعزز دور العراق على الساحة الإقليمية والدولية، لأن هذه هي مرحلة إثبات الذات لهم، لعبور التحديات وتحقيق الآمال.