الرئيسية / مقالات / هل يغير فوز القوى اليمينية بالغرب شيئاً ؟

هل يغير فوز القوى اليمينية بالغرب شيئاً ؟

فيينا / الأربعاء 19 . 06 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي 

دول أوروبا الغربية حكموا دول آسيا وأفريقيا والأمريكتين وكندا واستراليا خلال الثلاثة قرون الأخيرة، لعبت دول الاستعمار الغربي دورا مهما، في اكتشاف الأمريكيتين واستراليا، واكتشاف طرق الملاحة الدولية، رأس الرجاء الصالح، اكتشفه مستكشف برتغالي، استعان في ملاح عربي من سواحل عُمان واسمه أحمد بن ماجد، لقيادة زورق شراعي يجيد معرفة الاتجاهات وتحريك الدفة، لكي يصل المستكشف البرتغالي إلى رأس الرجاء الصالح، أحمد بن ماجد حصل على اجوره، لم يستفيد منه العالم في اكتشاف رأس الرجاء الصالح، بفضل جهود المستكشف البرتغالي إلى رأس الرجاء الصالح،  عبرت سفن المكتشفين الأوروبيين المحيط الهندي، للابحار إلى الصين والهند والعبور إلى الأمريكيتين، وفتح الطرق إلى جيوش أوروبا في استعمار شعوب آسيا وأفريقيا والقضاء على الهنود الحمر بالامريكيتين، واقامة اكبر قوة عظمى تحكم العالم  من المهاجرين الاوروبيين دولة أمريكا العظمى الحالية.

شعوب أوروبا طيلة القرون الثلاثة الماضية عبروا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، وكندا واستراليا واستعمروا الصين والهند وجنوب شرق اسيا، واسس المستعمرين البيض الأوروبيين دول كبرى وعظمى في امريكا الحالية واستراليا وكندا، وخططوا لإسقاط الدولة العثمانية ورسم حدود دول الشرق الاوسط والأدنى، بالحرب العالمية الأولى كان الضباط والجنود الأمريكيين يقاتلون لرسم حدود دول الشرق الاوسط، وكان زعماء العرب السُنة يقاتلون كعملاء وخونة لإسقاط دولة خلافتهم العثمانية السنية، وانفرد الشيعة دون غيرهم للقتال إلى جانب دولة الخلافة العثمانية السُنية، كان مفتي مكة شريف حسين وابنائه وعبدالعزيز ال سعود والوهابية يقاتلون إلى جانب القوات البريطانية والفرنسية الغازية، بينما كان أجدادنا الشيعة يقاتلون إلى جانب القوات العثمانية التركية بالبصرة والعمارة والكوت والنجف وكربلاء والسماوة ولبنان واللاذقية وحلب وحمص ودمشق وصعدة وعمران ومأرب.

من يحكم دول أوروبا الغربية وأمريكا واستراليا وكندا دساتير ومؤسسات، لذلك فوز اليمين المتشدد او فوز اليسار بالانتخابات في دول أوروبا أو أمريكا أو أستراليا أو كندا، لايغير من الواقع على الأرض.

الجديد فوز القوى اليمينية في أوروبا أو فوز الحزب الجمهوري في أمريكا ربما يعجل إلى إيقاف حرب أوكرانيا لكن بالنسبة للعرب يبقون  منكوحين ومحلوبين.

قبل أيام تم إجراء الانتخابات لانتخاب برلمان الاتحاد الأوروبي، وحققت القوى الراديكالية فوز لكن ليس بالفوز الساحق، ازدادت نسبة تمثيل الأحزاب اليمينية في انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي، وهذا يعني ازدياد أنصار الأحزاب القومية في دول أوروبا، وعلى ضوء نتائج الانتخابات الأوروبية الاخيرة،  دعا الرئيس الفرنسي ماكرون إلى انتخابات مبكرة في الشهر المقبل،

رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لكن أيضا رئيس الحكومة البريطانية دعا إلى انتخابات مبكرة.

أيضا العالم يترقب إجراء  الانتخابات  في الولايات المتحدة في الخريف القادم، 

وكل التوقعات تؤكد فوز ترامب وفوز الحزب اليميني الفرنسي بالانتخابات القادمة.
دعوت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى انتخابات مبكرة و سريعة في فرنسا، بعد ظهور نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي. بعد أن أظهرت  نتيجة الانتخابات  أن اليمين الفرنسي أخذ أصوات  كبيرة من أصوات الشعب الفرنسي من الأعضاء، فوز اليمين في فرنسا لا يعني انتهاء الدولة الفرنسية كما يظن المحللين العرب، إعطاء فرصة إلى الحزب اليميني لحكم فرنسا عامل يعزز الحكم الديمقراطي في فرنسا، السيدة لوبان تخدم الأمة الفرنسية وهي مقيدة في مؤسسات دستورية، وليس مثل وضع حكم نظام صدام الجرذ الهالك أو نظام حكم الصومال والسعودية….الخ.

الفيالق الإعلامية لدول البداوة العربية وصفت الدعوة التي أطلقها الرئيس ماكرون  للانتخابات المبكرة وخلال مدة شهر فقط، وصفوها في  مغامرة قد تنتج منها أغلبية من اليمين تحكم فرنسا، في حالة فوز اليمين الفرنسي تبقى الأحزاب اليسارية كقوة معارضة قوية تحت قبة برلمان الجمعية الوطنية الفرنسية، وتبقى المؤسسات الدستورية حاكمة، بل ويستمر التعاون والتنسيق بين مؤسستي رئاسة الجمهورية والجمعية الوطنية، اتذكر أجريت انتخابات بالدنمارك قبل أكثر من عشرين سنة، كان رئيس الحكومة الدنماركية باول غسموس، ومرشح المعارضة يمين الوسط فوك اندرسين، الذي شغل فيما بعد الأمين العام إلى حلف الناتو، أحد الإخوة من الكورد الفيلين الشيعة العراقيين  اسمه ملا جاسم، شاهد فوك غيسموسن يوزع دعايته الانتخابية في شارع المشي بكوبنهاجن، سلم عليه وقال له مبروك، انت راح تفوز، انت تكره العرب والمسلمين، تطرد العرب، نظر إليه وضحك، قال له اعرف راح افوز، اعلم ما راح اعمل اي شيء ضد الأجانب ومنهم العرب والمسلمين، يحكمني دستور، سأل ملا جاسم انت من اي بلد، قال له عراقي، نظر اليه، قال له اعلم ياصديقي انا لست صدام حسين ولست احكم الصومال، توجد معارضة وبرلمان يحاسبوني، بل ربما يحصل العرب والأجانب على تسهيلات في حكومتي، وفعلا أصدر قرارات لصالح الأجانب.

حزب العمال البريطاني تأسس وفق فكر اليسار الذي اجتاح أوروبا بالقرن التاسع عشر، واختصرت المواجهة بالانتخابات ما بين حزب العمال والمحافظين، ربما بالانتخابات البريطانية القادمة، يحقق الحزب اليميني مقاعد تمكنه من تحالف مع العمال أو مع حزب المحافظين، لتشكيل الحكومة، بالتأكيد الحزب اليميني تجعل مشاركته بالحكومة يحقق بعض أهدافه اليمينية.

في الولايات المتحدة، الدلائل تشير  بفوز دونالد ترامب بالانتخابات في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وكل ماطرح ضد ترامب من إحالته إلى المحاكم لا تمنعه من الوصول للبيت الابيض، قالها ترامب انهي حرب أوكرانيا خلال ساعات، تعامل ترامب مع العرب يكون مبرح، يحلبهم حلب مبرح ولم يبقي لهم ولا ريال واحد.

القوى اليمينية المحافظة ترفع شعارات خدمة اممهم الراقية، سبق لهتلر رفع شعار لنجعل من ألمانيا أمة عظيمة، لكن بذلك الزمان، لم تكن مؤسسات دستورية حاكمة في ألمانيا تمنع هتلر من تحقيق أهدافه العنصرية، أما وضع اليوم في فرنسا وبريطانيا وأمريكا ودول أوروبا الغربية مختلف، هناك مؤسسات دستورية حاكمة وليس اشخاص، ولا يمكن مقارنة صعود الحزب النازي في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي، مع صعود الأحزاب اليمينية الان في اوروبا، الوضع مختلف بشكل تام وكامل.

قضية معاداة المهاجرين الأجانب من الأحزاب اليمنية مجرد شعارات انتخابية، لايمكن لدول أوروبا تستغني عن المهاجرين الأجانب من العرب والمسلمين والاسيويين والافارقة، أوروبا تحتاج أيدي عاملة، وطبقات شباب، بحرب أوكرانيا رفد اللاجئين الاوكران واعدادهم  مئات آلاف،  الشباب شعوب أوروبا، وأصبح وجود شباب اجانب أوكران يشكلون نسبة عالية من الأجانب في دول أوروبا الغربية، الشباب الاوكران هم أوروبيون،  يلتقون مع تقاليد وقيم شعوب أوروبا الغربية، العيون زرقاء واشكالهم اوروبية والدين نفس الدين والأفكار اليسارية نفسها.

وصول ترامب يوقف حرب أوكرانيا ويعيد التواصل مابين الروس وأوروبا ويعيد ازدهار الأوضاع الاقتصادية.

في الختام تحليلات المحللين العربان حول صعود نجم الأحزاب اليمينية في الغرب مجرد هراء، صعود اليمين لايعني نشوب حرب عالمية نووية لاتبقي ولاتذر، بل صعود الأحزاب اليمينية في أوروبا عامل مساعد لإيقاف حرب أوكرانيا وإعادة العلاقات الأوروبية الأمريكية الروسية، ويبقى العرب أبقار حلوبة، منتهكي الكرامة، اذلاء، ذيول للدول العظمى الغربية.

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

 19/6/2024

اترك تعليقاً