الرئيسية / مقالات / عاشوراء كما عاشها، وما زال يعيشها الجزائري

عاشوراء كما عاشها، وما زال يعيشها الجزائري

فيينا / الثلاثاء 16. 07 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

معمر حبار / الجزائر

عاشوراء في الجزائر هو يوم يصوم فيه الجزائري، ويخرج الزّكاة المفروضة عليه، والمعروفة ب “العْشُورْ”، ويوسّع على أهله وأبنائه بقدر مايستطيع.

لاأعرف بالضّبط الأسباب التي دفعت الجزائر يومها لاتّخاذ “عاشوراء عطلة رسمية في الجزائر بموجب القانون رقم 63-278 المؤرخ في 26 يوليو 1963”. ولم أقرأ يوما -فيما قرأت وأتذكّر- عن ذلك.

القارئ لمكانة الزّكاة لدى الجزائريين، ومحاربة الاستدمار الفرنسي لها يدرك جيّدا صواب، وفاعلية القرار الذي اتّخذته الجزائر بشأن اتّخاذ عاشوراء عطلة رسمية ليتفرّغ الجزائري لإخراج “العْشُورْ”. وفرصة للجزائري أن يسأل أسيادنا الفقهاء، والعلماء عن الزّكاة، وكيفية إخراجها.

استولى الاستدمار الفرنسي على الأراضي التّابعة للزوايا، وأسيادنا علماء الزوايا ليحرمهم من تسيير “العْشُورْ”. وأحرق الزروع، وأراضي علماء الزوايا الذين حاربوا الاستدمار الفرنسي، وطاردهم ليل نهار ليحرمهم من “العْشُورْ”، ويبعد عنهم المناصرين لهم من الفقراء، والمساكين، والمحتاجين الذين كانوا يستفيدون من “العْشُورْ”، كما حدث مع سيّدنا الأمير عبد القادر رحمة الله عليه حتّى أنّهم هدّدوا كلّ قبيلة تمنحه الزكاة.

وللزيادة، راجع من فضلك:

EUGENE DAUMAS “Abdel-Kader en Kabylie” ,Belles – Lettres, Edition: 01/2012 , contient 86 pages.

عاشوراء في الجزائر للصوم، والزّكاة. أي للبذل من ناحيتي البدن، والمال، والتّوسعة على العيال. وكلّ حسب قدرته.

مازال الجزائري يترك “حَقّْ رَبِّي” للفقراء، والمساكين، والمحتاجين ولا يمسّه أبدا. مايدلّ على مكانة الزّكاة لديه.

عاشت الجزائر تحت الاستدمار الفرنسي 132 سنة. وعقب استرجاع السّيادة الوطنية سنة 1962 ظلّت الجزائر تعاني بقايا جرائم الاستدمار من جوع، وفقر، وعري، وطرد، وتشريد، وأرامل، وأيتام، وجهل، وأميّة. وجاء قرار اتّخاذ عاشوراء يوم عطلة رسمية بتاريخ 1963، للرّفق بالفقراء، والمساكين وما أكثرهم يومها.

اتّخذ الرئيس أحمد بن بلة رحمة الله عليه، قرار إلغاء مهنة ماسح الأحذية. لأنّها وجه من أوجه الاستدمار. وأقرّ قانون يجعل من عاشوراء عطلة رسمية ليتفرّغ الأغنياء، وكلّ من له النّصاب بالتّكفلّ بالفقراء والمساكين.

من عظمة الجزائر، والجزائريين أنّها وفي العام الأوّل من استرجاع سيادتها قضت على الذّلّ المتمثّل في مهنة ماسح الأحذية، وسعت للتّخفيف من الفقر، ومدّ اليد عبر اتّخاذ عاشوراء عطلة رسمية ليتفرّغ الأغنياء للفقراء عبر إعطاء الزّكاة.

عاشوراء لدى الجزائري أن يخرج مافي الجيب للمحتاجين، ويبدأ عامه بالبذل، والزّكاة للفقراء والمساكين، ويشكر الله تعالى على نعمة النجاة، ويمتثل لسنّة نبيّه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في صيام عاشوراء.

لكلّ مجتمع طريقته في الاحتفال بعاشوراء لانتدخل فيها. فهي من الشؤون الداخلية للأمم، والحضارات، والدول، والشعوب.

المطلوب من كلّ مجتمع أن يحترم الآخر ولا يتدخلّ فيما يختلف عنه، ويميّزه ولو اختلف معه، ولم يوافقه في التّفاصيل التي يفتخر بها، ويراها هو أنّها ليست كذلك.

الثّلاثاء 10 محرم 1446هـ، الموافق لـ 16 جويلية 2024

الشرفة – الشلف – الجزائر

اترك تعليقاً