فيينا / الثلاثاء 16. 07 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
جاء في کتاب أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام للسيد جواد شبّر: ان حب الذات يفصل الإنسان عن نفسه، ويبعده عن واقعه، وينتقل به الى عالم لا وجود له الا في مخيلته وعقيدته، ويوهمه أنه اتقى الاتقياء، وهو أفسق الفاسقين، وانه أعقل العقلاء، وهو اسفه الجاهلين. ومن يدري اني اصف نفسي بنفسي، من حيث لا اشعر، واقول ان هذا ليس بمحال، وانه جائز على كل انسان غير معصوم كائناً من كان ويكون، ولكني اقسم جازماً اني أتهم نفسي وأحكامها كثيراً، واتقبل الحكم عليها من كل منصف خبير، فهل يتفضل السادة الكبار، بل والمراهقون منهم والصغار، هل يتفضلون بقبول الرجاء من هذا العبد الفقير الذي يتهم نفسه أن يتهموا انفسهم، ويراجعوها، ويقفوا منها موقف الناقد البصير، تماماً كما يتهمون غيرهم، او ان حضراتهم يصرون على انهم فوق الشبهات، لان الراد عليهم راد على الله؟ ومهما شككت، فاني على يقين بان من ينظر الى نفسه بهذه العين فهو من الذين عناهم الله بقوله: “قٌلْ هلْ انّبئكمْ بالأخسرينَ أعمالاً، الذينَ ضلَّ سعيَهمْ في الحياةِ الدنيا وهم يحسبونَ انَّهمْ يحسنونَ صنعاً” (الكهف 105).
وعن ولادة الامام الحسين عليه السلام يقول السيد شبر قدس سره: ولد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام بالمدينة لثلاث أو لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة. وجاءت به أمه فاطمة عليها السلام إلى جده صلى الله عليه وآله وسلم فاستبشر به وسماه حسينا وعق عنه كبشاً. ويكنى ابا عبدالله وهو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة بشهادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. و بالإسناد الى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال سمعت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الحسن والحسين عليهما السلام: (اللهم إني احبهما وأحب من يحبهما) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن ابني هذين ريحانتي في الدنيا). وحسبهما كرامة لا يشاركان فيها، أنها هما المرادان بالأبناء في آية المباهلة. وأنهما من أهل العباء الذين لا يدرك أمد فضلهم، وممن نزل به قوله تعالى “ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً” (الإنسان 8) الى “وجزاهم جنة وحريرا” (الإنسان 12). وأنهما من القربى. وممن نزلت بهم آية التطهير. وما الى ذلك من المناقب. وقد استفاضت أخبارها وملأت الدفاتر. انه عليه السلام يعلمنا كيف يكون المؤمن بربه شجاعاً في الحق لا ترهبه صولة الباطل ولا تخدعهٍ زهرة الحياة عن أداء رسالة الحق والخير والايمان حتى اذا عاش عاش عزيزاً، واذا قضى قضى مع الأبرار كريماً. “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” (الأحزاب 23). وقد علّمنا عليه السلام أن اليد الطاهرة النقية لا تخضع لليد الآثمة الملوثة، وقد قال لمروان بن الحكم: وعلى الاسلام السلام اذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد.
يقول السيد جواد شبر في كتابه: قال رجل عند الحسين ان المعروف إذا أسدي الى غيري أهله ضاع فقال الحسين ليس كذلك ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر. وقال ما أخذ الله طاقة أحد الا وضع عنه طاعته ولا اخذ قدرته إلا وضع عنه كلفته. وقال: العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه ولا يثق بمن يخاف غدره، ولا يرجو من لا يوثق برجائه. وقال: ان قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوماً عبدو الله شكراً فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة. وسأله رجل عن معنى قوله تعالى: “واما بنعمه ربك فحدث” (الضحى 11) قال أمره أن يحدثه بما انعم الله به عليه في دينه. وقال اذا سمعت أحداً يتناول أعراض الناس فاجتهد أن لا يعرفك فان أشقى الاعراض به معارفه.