الرئيسية / خلونا نسولف / خلونا نسولف

خلونا نسولف

فيينا / الثلاثاء 20. 05 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

 رسل جمال*

سالوفتنا اليوم عن موقف حقيقي مررت به، ودفعني لكتابة هذا العامود كنت في رحلة وكانت حقيبتي ثقيلة جدا، وكنت اهم بحملها ووضعها في صندوق السيارة، لكني لم استطيع وكان بالقرب مني مجموعة من الذكور ينظرون بتمعن لتلك اللقطة، دون ان يبادر احدهم للمساعدة حتى، وقتها استذكرت والدي وجيله من الرجال كيف كانوا يهبون لمساعدة النساء، حتى بدون ان يطلبن المساعدة، فالرجل الحقيقي يبادر لا ينتظر الاذن .
ففي زمن مضى، كان للرجولة معنى راسخ لا يقبل التأويل؛ كانت تُقاس بالمواقف لا بالمظاهر، وتُبنى على القيم لا على الصخب، كان الرجل رجلاً حين يتحمّل المسؤولية، يُغار على عرضه، يحمي أسرته، يُقدّر كلمته، ويعلو خُلقه على صوته.
أمّا اليوم، فبعضهم لا يتمالك نفسه عند سماعه لـ(المعزوفة) فيرتعش كالراقصة باحترافية شديدة، والاخر قد يتعمد ان يستعرض بانثاه امام الناس، والاخر قد خرم شحمة اذنه وجعل امه من تحمل حقيبته!
الامر اشبه بعاصفةً اجتماعية هبّت واقتلعت كثيرًا من معالم الرجولة الأصيلة، وتركت لنا أشباه رجال، فاقدي الغيرة، باهتين في المواقف، هشّين في المبدأ، خفيفي العقل، أثقلهم المظهر وخفّفهم الجوهر.
تغيرت المعايير، فصار “المايع” يُقدَّم على صاحب الوقار، وصاحب اللسان الساخر الخالي من المسؤولية يُحتفى به أكثر من صاحب المروءة. لا يُسأل الرجل اليوم: ما قيمتك؟ بل يُسأل: كم متابعًا تملك؟  الادهى والامر ان شباب هذا الزمن يغارون من بعضهم البعض ولا يغارون على اعراضهم .
فالكثير منهم قد يكون عاطل عن العمل يستجدي مصروفه اليومي من امه او اخته، ولا يهمه مصدر تلك الاموال وحتى لو عرف فهو لا يبالي. وبدل أن يكون الغيرة على العرض فضيلة، أصبحت تهمة بالرجعية، وبدل أن يكون الرجل عماد البيت وحامي القيم، صار مستهلكًا للموضة، متأرجحًا بين محاكاة الشهرة وملاحقة التريند.
ان ينجو الانسان في هذه الحياة وهذا الزمن من معركة التباهي وسباق الاستعراض، انها لبطولة ولا يلقاها الا ذو بأس شديد، لذلك فان البساطة والتمسك بالفطرة السليمة  تنطوي على شجاعة كبيرة .
هذا ليس رفضًا للتطوّر أو دعوة للجمود في قوالب تقليدية، بل هو نداء للتوازن و أن يظل للرجل وقاره، لمسؤوليته طابعها المقدس، وغيرته دليل حبه، لا مرضه، وثباته قيمة لا ضعفًا.
فالعصر لا يُفقدنا جوهرنا إلا إن فقدنا البوصلة.
في الختام وقبل السلام نقول  ليست الرجولة عضلاتٍ مفتولة ولا صوتًا مرتفعًا، بل  هي موقف صادق، وأخلاق راسخة، وقلب لا يخون، وعقل لا يصون المبادئ. الرجولة أن تكون سندًا لا عبئًا، حضورًا لا استعراضًا،  وجوهرًا لا قشرة.

 *سكرتارية التحرير

جريدة السيمر الاخبارية

www.saymar.org

alsaymarnews@gmail.com

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً