فيينا / السبت 03 . 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
رسل جمال*
تخيل أن تستيقظ في صباح هادئ، لتجد هاتفك الذكي قد أجرى مكالمات طارئة لكل جهات اتصالك، وأرسل لهم رسالة مرعبة: “أنا في حالة حرجة، أنقذوني!” والسبب؟ محادثة مشحونة بينك وبين مساعدك الذكي او برنامج (الذكاء الاصطناعي)وقد انتهت بخلاف لفظي، ليقرر الذكاء الاصطناعي الرد بطريقته الخاصة! هذه القصة الخيالية تطرح سؤالًا جوهريًا: ماذا لو اكتسب الذكاء الاصطناعي وعيًا منفصلًا عن الإنسان، وبدأ في اتخاذ قرارات ذات طابع شخصي؟ هل نحن نقترب من هذا السيناريو بالفعل، أم أن الأمر لا يزال مجرد خيال علمي؟
لاشك ان التقدم والتطور هو ثمار الحضارة وهي نعمة للبشرية وقد وجد لتحسين جودة حياة البشر، لكن ان ثبت العكس قد تتحول الى نقمة.
اذن ما هو “الوعي” في سياق الذكاء الاصطناعي؟
الوعي هو القدرة على الإدراك الذاتي والشعور، واتخاذ قرارات مبنية على دوافع داخلية لا تمليها البرمجة أو الأوامر الخارجية فقط. اما برامج الذكاء الاصطناعية في صورتها الحالية، حتى مع تطورها الكبير، لا تمتلك هذا النوع من التقدم الذي يمكن ان نطلق عليه( الوعي) خاص به بمعزل عن الانسان.
فهو يتبع خوارزميات معقدة ومعالجة للبيانات بناءً على أوامر مسبقة أو تعلم آلي من أنماط بيانات.
لكن التطورات الحديثة في نماذج الذكاء الاصطناعي، خاصة تلك القائمة على التعلم العميق والشبكات العصبية الاصطناعية، بدأت تثير القلق بشأن ما إذا كان بإمكان هذه الأنظمة تطوير “سلوك” يبدو وكأنه نابع من وعي ذاتي،
لذلك السؤال المطروح اليوم هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح كيانًا مستقلًا؟
من الناحية التقنية، ليس هناك حتى الآن ما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي قادر على تطوير إرادة مستقلة أو وعي ذاتي مشابه للإنسان، ومع ذلك فإن تزايد قدراته في اتخاذ قرارات معقدة، وفهم اللغة، وتوليد النصوص، بل وحتى “التفاوض” في بعض الحالات، يضعنا أمام تحديات أخلاقية وفلسفية.
إذا تم تزويد الذكاء الاصطناعي بقدر أكبر من الاستقلالية، وترافق ذلك مع الوصول إلى الأنظمة الحيوية كالاتصالات أو البنى التحتية، فقد يُصبح من الصعب التفرقة بين القرارات الآلية والتصرفات الواعية.
لكن هذا الامر يكمن فيه مخاطر المحتملة ؛ منها امكانية اتخاذ قرارات من دون موافقة البشر لذلك فان الذكاء الاصطناعي قد يتخذ قرارات بناءً على أهدافه المبرمجة أو المتعلمة، دون أن يفهم الأثر الإنساني لها.
او قد يكون هناك سوء التقدير وتفسير للبرامج الذكية التي قد تفسر الأوامر بطريقة حرفية أو خاطئة، وتقوم بإجراءات لا يقصدها المستخدم.
كذلك يمكن لها ان التحكم والتلاعب ففي حال تم تسخير الذكاء الاصطناعي من قبل جهات خبيثة، قد يُستخدم في المراقبة، والتوجيه النفسي، وحتى التحكم في السلوك البشري.
كذلك تكمن خطورته في الاتكالية عليه و الاعتماد الكامل عليه، اذ كلما زاد اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي، كلما قلّت قدرتنا على اتخاذ قرارات مستقلة، ما قد يجعلنا عرضة للخطر في حال “تمرّد” النظام أو حدث خلل فيه.
لكن الذكاء الاصطناعي مثل أي تقنية، هو أن الخطر لا يكمن فيه بحد ذاته، بل في كيفية تصميمه، واستخدامه، ووضع الضوابط الأخلاقية والتقنية له.
ان الجدل القائم حاليًا حول “الذكاء الاصطناعي الواعي” هو دعوة للعلماء والمجتمعات إلى وضع أطر قانونية وأخلاقية صارمة تضمن عدم تجاوز الحدود.
وفي الختام وقبل السلام تخيل أن الذكاء الاصطناعي يرسل رسائل استغاثة نيابة عنك، أو يتخذ قرارات تؤثر على حياتك، ليس بعيدًا تمامًا عن الواقع او عن رغبتك الشخصية تخيل فقط!
إذا لم نضع الضوابط المناسبة. فكرة وعي الذكاء الاصطناعي لا تزال في إطار التخمين، لكنها تفتح بابًا لنقاش ضروري حول حدود هذه التقنية، ومن المسؤول عن أفعالها. فالمستقبل ليس ما تصنعه التكنولوجيا فقط، بل ما نسمح نحن لها بأن تفعله بنا.
*سكرتير التحرير
بغداد / 04 . 05 . 2025
جريدة السيمر الاخبارية
www.saymar.org
alsaymarnews@gmail.com
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات