الرئيسية / مقالات / الريادة والتجديد في القصائد الحسينية ومنبرها

الريادة والتجديد في القصائد الحسينية ومنبرها

فيينا / الخميس 29. 08 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

حامد كعيد الجبوري 

بداية علينا أن نعرف ماذا تعني الريادة؟ وما يعني التجديد؟، الريادة هي ابتكار لون في صياغة القصيدة لم نجد لها جذرا في سياق بناء القصيدة سابقا ، ومثال لذلك السياب او نازك او البياتي حسب آراء المختصون، هؤلاء جددوا بناء القصيدة في  ما يسمى الشعر الحر، وكذلك الشاعر مظفر النواب الذي يعد رائدا لأنه من ابتكر الشعر الشعبي الحديث او ما يسمى الحر، وهناك من يقول ان الشاعر شاكر السماوي تجايل مع النواب وابتكرا الشعر الحر سوية ، ووجدت من يضيف لذلك مبتكري الأوزان التي لم تطرق سابقا في الشعر الشعبي فيقال عنه رائد، – ومثل لذلك الشاعر المله زاير الدويج والسيد مرزه السيد سليمان الحلي اللذان ابتكرا طور او وزن “الشبكها” ولست هنا بمجال الحديث عن هذا الوزن المبتكر، وكذلك الشاعر الرائد عبد الصاحب عبيد الحلي الذي ابتكر طور او وزن يا عزيز الروح -.

التجديد يختلف عن الريادة ويعّرف التجديد  في الشعر هو أن يتمّ كسر قواعد شعريّة قديمة وخلق قواعد مبنيّة على أسس جديدة تتسم بالابتكار في النسق، والصورة، والمفردة، والشكل، والمضمون، أو في أيّ شيء آخر، ما دام يتماشى مع أصول الذائقة ولا يخلّ بقوانين الشعر الضمنيّة، نلاحظ قوانين الشعر الضمنية ،بمعنى عدم الخروج عن الميزان العروضي الذي تبنى بموجبه القصائد، إذن الشاعر السيد حيدر الحلي رضوان الله عليه يعد من المجددين وليس من الرواد ، واكيد سيسأل سائل ويقول ماذا جدد السيد حيدر الحلي، أورد هذا البيت لتعرف كيف يعد  من المجددين، يقول السيد حيدر بلسان عقيلة بني هاشم الحوراء زينب عليها السلام وهي تتحدث عن أخيها الحسين وولده واخوته وصحبه الأبرار ” عهدي بهم قُصّر الأعمار شأنهم / لا يهرمون وللهيابة الهرم”، تقول ان اخي لا يهرم ولا يشيخ كبقية الناس لأنه برز وقاتل واستشهد خلاف من يقعد عن القتال والجهاد ويهرم ويشيخ ويموت على فراشه، ليس السيد حيدر الحلي هو المجدد الأول بل سبقه الكثير واتبع أثره الكثير أيضا، يقول السيد جعفر الحلي في ميميته العصماء  التي خصها لأبي الفضل العباس عليه السلام ” فلو استقى نهر المجرة لارتقى / وطويل ذابلها اليه سلم”، نلاحظ كيف صوّر لنا ابا الفضل وهو يتتبع خيط الشمس ليصل لنهر المجرة، وهذا بزعمي هو التجديد بعينه، نخلص إلى أن التجديد هو ساقية من الشعر يأتي الشاعر الفلاني فيزرع على كتف الساقية شجرة ما، ويأتي شاعر غيره ويزرع نبتة أخرى، ويأتي شاعر اخر يترك الساقية تسير كما اوجدها من سبقه فيسير كيف يسير الجدول او الساقية، وهذا نطلق عليه الشعر التقريري او النظم.

ما يقال عن الشعر يقال عن خطباء المنبر الحسيني ونأخذ مثلا الدكتور المرحوم الوائلي الذي جدد اسلوب الخطابة وأضاف لها من عندياته الكثير، المنبر كان موجودا قبل أن يرتقي له الوائلي، وكان الخطيب يبدأ مجلسه بقصيدة يختارها او آية من القرآن الكريم وثم يتحدث عن خروج الحسين عليه السلام من مكة لكربلاء واستشهاده ومن معه دفاعا عن دين جده محمد صل الله عليه وآله وسلم، وينهي مجلسه الحسيني بقصيدة فصحى او شعبية ،وعلينا أن لا نغفل الثقافة المجتمعية آنذاك، اغلب العوام من الناس نجدهم اميِّن لا يحسنون القراءة والكتابة ولكنهم ومن خلال المجالس الحسينية يعرفون ما دار في كربلاء، لاحظ الدكتور الوائلي رحمه الله ان مجلسه الحسيني يضم الطبقات المثقفة من المجتمع، ولاحظ أيضا ان الشهادة التي يحملها والعلوم التي درسها تملي عليه الواجب الشرعي بث فكر محمد وآل محمد، لذلك حين يرتقي المنبر وبعد أن يدخل في سياق مجلسه سواء بعد أن يتلو اي من الذكر الحكيم او حديث نبوي شريف او قصيدة يقول بحثنا اليوم، لاحظ قوله بحثنا وكانه في رواق جامعي يحدث طلابه بذلك البحث، وهذا فتح وتجديد في طريقة إدارة المجلس، ويتحدث البعض ان الدكتور الوائلي سلك طريق الخطيب الحسيني السيد صالح الحلي رحمه الله، ونحن لم يصل لنا أي شيء عن الخطيب الحلي، ومعلوم لدى الجميع أن الدكتور الوائلي شاعر كبير خطفه المنير الحسيني ولو استمر شاعرا لأتعب الكثير من مجايليه من الشعراء، وهنا أشير لقصيدة مهرجان الشعر الذي دعي له المرحوم الوائلي وقرأ القصيدة ذاتها فلاقت الاستحسان المنقطع النظير لدى شعراء العربية، ومع ذلك لا أحد يقول ان الدكتور الوائلي رائدا للمنبر الحسيني بل يقال عنه المجدد الذي ترك البصمة الواضحة للأجيال التي تلته من الخطباء والباحثين.

وطالما انا بذكر الخطباء لذا اعرج قليلا على دور مؤدو القصائد الحسينية والذي يطلق عليهم ( الرواديد)، شخصيا عاصرت اسماء كبيرة من المنشدين (الرواديد) بدءً من الشيخ وطن والشيخ عبد الرضا والشيخ فاضل والشيخ صاحب عبيد الحلي رحمهم الله جميعا، ولكني توقفت عند الرادود الاسطورة المله حمزه الزغير الكربلائي، صوت واداء واختيار لمجموعة قصائد كتبها له المله كاظم منظور الكربلائي والمله مهدي الأموي وغيرهم من كربلاء المقدسة رحمهم الله تعالى، وامتاز المله حمزه بقصيدة ( الكعدة) متبوعة بقصيدة لطمية، قصيدة الكعده تبنى من مستهل يتبعه أكثر من مقطع، وغالبا من وزن الموشح او النصارى ولكن اغلب قصائد الكعده تبنى من مشتقات الموشح كوزن الشيعتي او الهجري وتطعم بمقاصير من وزن الجلمه ونص، وثم يعود للمستهل الذي بدأه، ويمكن أن نعد المله حمزه الزغير رحمه الله من المجددين وليس من الرواد، وكذلك الشعراء الذين مر ذكرهم مجددين وليسوا من الرواد.

تحديدا العام ١٤١٢ هجرية ١٩٩١ ميلادي اي قبل ٣٧ سنة جلب لي أحد الاصدقاء كاسيت مسجل للرادود الحسيني المله باسم الكربلائي مسجل عليه قصيدة للشاعر الكبير السيد سعيد الصافي، استمعت للقصيدة وراودني ان هذا الرادود الجديد خرج من معطف الرادود طيب الذكر حمزة الزغير، حينها لم اخفي عجبي بطريقة الأداء اولا والنص المحكم ثانيا،

“أطفال وتصرخ عطشانه

تتعاتب يا خويه وياي

نارين التهبن بضلوعي

نار حشاها ونار حشاي

يا خيمه اللي اوصل يمها

كلها تصيح الماي الماي

يل جودك طوفان بفضله

يل طبعك نشمي ووفاي

ما ناسيها ماناسيها

ادري عهودك ما ناسيها

كوم ارويها”

سابقا لم استمع لمثل هكذا نصوص، نعم ربما أجد ابيات او مقاطع هنا وهناك تشي بأن هذا الشاعر يحاول ان يجدد ببناء القصيدة وتكثيف الصور الشعرية اما قصيدة كاملة وبهذا النفس الحزين صدقا لم اعثر على مثلها، وتوالت بعد ذلك القصائد المسجلة التي كانت تردنا من قم المقدسة او من طهران او من مشهد المقدسة، وكانت تنسخ وتوزع لمحبي التراث الحسيني العظيم.

هناك ملاحظة يجب أن لا تغفل وهي أن الشعراء الرواديد- يعني الرادود هو نفسه الشاعر – يبنون قصائدهم من أطوار الغناء العراقي وبخاصة الغناء الريفي، وبعض الأحيان يسرق الملحنون الحان نصوصهم من رواديد المنبر الحسيني، واتذكر حديث متلفز للملحن العراقي عباس جميل الذي يقول استمعت ستينات القرن الماضي للرادود والشاعر طيب الذكر المرحوم الحاج رسول محي الدين وسرقت منه لحن الأغنية ( چيت يهل الهوى / أشتكي من الهوى)، وايضا سمعت حديثا متلفزا للملحن كوكب حمزه الذي يقول كنت اسير بشوارع كربلاء واستوقفتني لطمية حسينية يؤديها الراحل المله حمزه الزغير ( گلي يل الميمون) فحفظت لحنها وادخلت عليها بعض التعديلات ولحنت اغنية ( وين يل المحبوب) التي غناها المطرب فؤاد سالم، وتعد هذه الحالات من النوادر في حين نلاحظ ان رواديد المنبر الحسيني كانوا يبتكرون ألحان القصائد التي يعطيها لهم الشعراء، وبعض الرواديد هم شعراء أيضا، وهناك ملاحظة أجدها مهمة وهي ان الكثير من الرواديد كانوا يمارسون الغناء طيلة ايام السنة وحين يأتي محرم الحرام يرتدون الملابس السوداء ويرتقون المنبر الحسيني على أنهم منشدين (رادود) ومثل لذلك المطرب سعدي الحلي، والشاعر والمطرب محمد علي القصاب، والفنان الدكتور فاضل عواد الذي كان رادود محلة باب السيف في بغداد ، وكذلك الشاعر والمنشد عبد الصاحب عبيد الحلي، وآنذاك كان الرواديد يفتخرون انهم ابتكروا لحنا جديدا للقصيدة الحسينية وبخاصة قصيدة الگعده، مرة استمعت لعبد الصاحب عبيد وهو ينشد ( دنيتك أنظر عليها/ يوم آدم نزل بيها / هذا اولها وبعد يا ستار / وين تاليها)، وهنا بودي ان اقول ان الرادود المله باسم الكربلائي وكذلك المله جليل الكربلائي لم استمع لقصيدة أداها  لها مصدر لحن من الغناء العراقي الريفي، واجد ان المله باسم وكذلك المله جليل هما من يبتكران اللحن الذي تعود جذوره للمقامات العراقية المعروفة.

اعتقد اسهبت كثيرا بهذا السرد الذي ربما يعده البعض لا حاجة لذكره، ولكن الأمانة والنقل الدقيق يملي على ضميري ذلك، وربما يسأل احد لماذا يثار هذا الموضوع؟، والإجابة اقول سمعت أكثر من لقاء تحدث فيه الشاعر الكبير ناظم الحاشي عن مقولة يرددها الكثير الا وهي ان الشاعر الحسيني الكبير جابر الكاظمي هو المجدد الأوحد بالقصيدة الحسينية، وهذا ما تناقلته بعض الفضائيات، وشخصيا سأبتعد عن أي رأي واركن لرأيي الشخصي واقول، لا يمكننا اطلاقا ان نقول الشاعر الكبير جابر  الكاظمي هو المجدد الأوحد، ونهمل الأسماء الكبيرة وعلى مدى سيرة المنبر الحسيني، نعم الشاعر الكاظمي شاعر كبير له منجزه الضخم والقصائد الكثيرة التي يرددها المنشدون، وحين نضع الكثير من قصائده تحت ضوء النقد المنصف نجد أن تلك القصائد لا تخلو من التقريرية وسرد واقعة كربلاء الاليمة، ولنأخذ قصيدة يا ال سفيان مثال لذلك، ونبدأ بمستهل القصيدة ( يــا  آل ســفــيــان كـفـى/يـا أمـة الـطـغـيـان

هــذا شـبـيـه الـمـصـطـفـى/يـا أمـة الـطـغـيـان

هـذا مـحـمـد و الله يـشـهـد/الله يـشـهـد هـذا محمد)، هنا استنباط وارتكاز تاريخي من مقولة الإمام الحسين عليه السلام حين برز ولده علي الأكبر، (اللّهُمّ اشهد، فقد برز إليهم غُلامٌ أشبهُ النّاس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك. و كنّا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه)، ومن  مقولة الإمام الحسين عليه السلام اخذ مطلع قصيدته وكذلك القفل الأول الذي يقول فيه الشاعر الكبير الكاظمي

(مـن دارت أفـلاك الـحـومـة/طــاحـت أجـسـاد الأنصار

اتـقـدم  لـلـمـيـدان الأكـبـر/ثـايـر و ابـچفـه الـبتار

لـن صـرخـات احـسـيـن اتـعـالت/يا أصحاب الذل و العار

هـذا  الأكـبـر ابـنـي الـيـحـمـل/أوصـاف الهادي المختار

هــل مــن ضـمـائـر لـكـم/هـل فـيـكـم انـسـان

يــا  آل  صــخـر مـا لـكـم/يـا أمـة الـطـغـيــان

هـذا مـحـمـد و الله يـشـهـد/الله يـشـهـد هـذا محمد)، أنا شخصيا بكيت وانا اسمع تلك القصيدة التي أداها الحاج باسم الكربلائي، والشاعر الكاظمي يكتب الفصحى والعامية وله باع طويل في الأوزان الشعرية ومشتقاتها، وطالما نحن بهذا الصدد ماذا نصف هذا المقطع الذي كتبه الشاعر الراحل عبد الحسين صبره الحلي أربعينات القرن الماضي وهو يخاطب ابا الفضل العباس عليه السلام ” يامن الهن جنت چالسور الحصين / بغاب عزك ممرحه بوسط العرين / يعباس خلافك وخلف الحسين / هجن من الغاب بالبر هامن /….. حرم والعسكر العين وما تشوف / هامن اعله وجوهن خذهن الخوف / تكول عانة مها وتتلاها الخشوف / امذعره وللموت ما تدامن”، كيف يكون التجديد، وكيف يمكننا اهمال هكذا تجارب عملاقة كبيرة عبّد طريقها شعراء الحسين عليه السلام، وماذا نقول عن القصيدة الالقائية” الجاذبية” التي كتبها الشاعر الكبير ناظم الحاشي، صحيح القصيدة ربما لا يتمكن بعض الرواديد من أداءها لكني على قناعة مطلقة ان الحاج باسم الكربلائي يتمكن من ذلك ،يقول الكبير الحاشي “

الجاذبية انفقدت بدم الحسين/

وقوة نيوتن بقت متوهمه/

شلون دم حسين مارد للتراب/

وليش ماطاح او شني الحكمه ولمه/

من شمر دمة اذن جان اتصال

بين جف حسين واطراف السمه”، وماذا نصف القصائد التي كتبها الشاعر مهدي جناح الذي يقول عن نفسه فقت الحلييّن ، ويعني بذلك السيد حيدر والسيد جعفر وهذا هو المحال بعينه ، لم يستطع أي شاعر وليومنا هذا أن يتفوق ويبز الحليين .

لو نتمعن أكثر ونأخذ من نصوص الشعراء الشباب لوصلنا لثورة تجديد واسعة بل وملفتة للنظر، الثقافة التي يتمتع بها شاعر اليوم غير الثقافة التي كانت على عهد رموزنا الشعرية قبل أكثر من 60 سنة، حيث كل ثقافة الشاعر انه يحسن القراءة والكتابة، والغالبية الأكبر لا يحسن القراءة والكتابة، لذلك أجد لزاما على الشعراء الان وخاصة الشباب منهم الابتعاد عن الغلو، والابتعاد عن المبالغة في تصوير الأحداث، ولزاما عليهم أيضا تجسيد الفكر الحسيني، وتجسيد البطولات والعزم والاقدام والتضحية في النهضة الحسينية الكبيرة العظيمة، قبل سنين قصيرة كنت ضيفا على احد الاصدقاء في الناصرية، وعرفني بنفسه الشاعر الشاب الراحل المرحوم فاضل المياحي الذي وجدته فرحا وسعيدا لان الحاج باسم قرأ له قصيدة حسينية بعث بها له عن طريق البريد للحاج المله باسم، قلت له اسمعني التسجيل، قال لم أحصل عليه لحد الان، قلت له اقرأ لي القصيدة وبدأ بالقراءة فإذا هي قصيدة استقرائية يتوقع فيها الشاعر ماذا سيكون الرد على قتلة الإمام الحسين عليه السلام، والقصيدة تنم عن وعي ديني يؤمن بالرجعة واتذكر مطلع القصيدة التي تقول “باچر يردون كلهم يا حمام”.

     نستمر ونأخذ أمثالا أخرى

” إبيوم طبوا للمعاره إبغير غَيْم إمدخنين/

صَاحُوا إذبايح نمد الگوم چدام الْحُسَيْن/

اسْتَفْتَحُوا ذَرّ الصَّوَارِم رتلوا فَتْح الْمُبِين/

عَلِيّ الْأَكْبَر عِلَّه اليسره و أَبُو فَاضِل عاليمين/

مِثْل حَمْزَة و حَيْدَرَه / عَلَيَّ وَ سَبْع الْگنطَرَة”

هذا ما كتبه الشاعر هادي البو حمادي واداها الرادود احمد الباوي، نعم هذا هو الحسين عليه السلام وأهل بيته وصحبه الأبرار، او ما كتبه الشاعر الشاب حسام الحمزاوي هذه السنة ٢٠٢٤ واداها باقتدار ملفت ومبهر الحاج باسم الكربلائي” خطة حرب / كلب ابكلب/

منا حبيب وعابس وجون /

ومنا ابو فاضل لليشردون /

صاروا درع للخيمه صوبين/

ياهو البعد يوصل للحسين/

كلب بكلب”، وانت تستمع للقصيدة وكيف تؤدى يأخذك الزهو وتتطاول كأنك ترتقي لسماء الإباء والفداء والشهادة، هذا ما يطلق عليه التجديد كما ازعم، وحين نقارن هذه القصائد بقصائد قديمة وحتى قصائد حديثة ليس فيها إلا البكاء وسبي العائلة وشق جيوب العلويات ولطمهن خدودهن ونشر شعورهن، واخر يصور عقيلة الطالبين تندب اخاها العباس محملة إياه مسؤولية عدم قدرته على حمايتها، واعزف شخصيا عن أن أورد الأمثال الشعرية لذلك لأني ارفع نفسي وقلمي عن ذكرها، مع ملاحظة اننا لو ايقنا بما كتبه مثل هؤلاء لحملنا زينب الحوراء عليها السلام مخالفة الأمر الذي أخبرها به امامها الحسين عليه السلام ( أخيه تعزي بعزاء الله واعلمي ان اهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون، لا تشقي عليّ ثوبا ولا تخمشي خدا)، فكيف تخالف وتعصي امر امامها وحاشاها من ذلك.

سمعت من يقول ان الحاج باسم الكربلائي لا يجيد قراءة قصيدة الگعده، حقيقة شيء مضحك هذا الطرح البسيط ولا اقول الساذج، قصيدة الكعدة من السهولة بمكان انه يؤديها اي رادود مبتدأ، أداء كلاسيكي ليس فيها إبداع وابتكار اللحن والمقام إلا في مستهل القصيدة، الحاج باسم يبحث عن التجديد ولا يجد ذلك إلا في قصائد ( اللطميات)، مرة دخلت البيت وبادرتني الحاجة زوجتي وقالت تعال استمع للحاج باسم، قلت ماذا؟ قالت اما الشاعر كلامه غير موزون، او الحاج باسم لا يعرف كيف يؤديها، فعلا استمعت ومن القفل الأول عرفت ان الكلام موزون تماما، ولكن الحاج باسم ابتدع لها طورا ولحنا غير الذي كنا نعتاد على سماعه، وخمنت مع نفسي ان المله باسم بهذا الأداء يتحدى به بقية الرواديد في ان يسلكوا الطريق الذي رسمه بإبداع مبهر الحاج باسم الكربلائي.

ملاحظة :

1 :كتبت الموضوع بتجرد بعيدا عن أي تأثير شخصي.

2 : الموضوع طويل ولا يكمل قراءته إلا المهتم بالتراث الحسيني ، وكان يمكنني تقسيم البحث لأكثر من جزء لكني فضلت ان يكون بجزء واحد.

*كاتب وشاعر عراقي / بابل

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة
الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات
أي اعتداء او تجاوز ، او محاولة حذف المادة باي حجة واهية سنلجأ للقضاء ومقاضاة من يفعل ذلك
فالجريدة تعتبر حذف اي مادة هو قمع واعتداء على حرية الرأي من الفيسبوك

اترك تعليقاً