فيينا / السبت 28 . 12 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
د. فاضل حسن شريف
البهتان على المؤمن وهو ذكره بما يعيبه وليس هو فيه”إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ” (النور 15-16) و”وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” (النساء 156). ولما جاءت مريم عليها السلام بعيسى عليه السلام المعجزة الإلهية من غير أب تحمله، أنكر عليها قومها ذلك. قوله تعالى: “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” (النساء 156) لأن ذلك البهتان العظيم الذي هو ادعاؤهم أنها زنت، وجاءت بعيسى من ذلك الزنا حاشاها وحاشاه من ذلك، ويدل لذلك قوله تعالى بعده: “يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا” (مريم 28). وكان عيسى عليه السّلام مؤيدا بروح القدس “وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ” (البقرة 87)، و رفعه اللّه إليه بعد الوفاة و طهره من الكافرين “إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا” (ال عمران 55)، و ” بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيما” (النساء 158).
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تبارك وتعالى “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” (النساء 156) “وَبِكُفْرِهِمْ” أي: بجحود هؤلاء لعيسى “وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” أي: أعظم كذب وأشنعه، وهو رميهم إياها بالفاحشة، عن ابن عباس، والسدي. قال الكلبي: ” مر عيسى برهط، فقال بعضهم لبعض: ” قد جاءكم الساحر ابن الساحرة، والفاعل ابن الفاعلة ” فقذفوه بأمه، فسمع ذلك عيسى، فقال: اللهم أنت ربي خلقتني ولم آتهم من تلقاء نفسي، اللهم العن من سبني، وسب والدتي. فاستجاب الله دعوته فمسخهم خنازير “. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تبارك وتعالى “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” (النساء 156) كرر سبحانه نسبة الكفر إلى اليهود ثلاث مرات: الأولى بمناسبة ذكره لجحودهم آيات اللَّه وقتلهم الأنبياء.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تبارك وتعالى “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” (النساء 156) قوله “وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ” تلخص لأنواع من الكفر كفروا بها في زمن موسى عليه السلام وبعده قص القرآن كثيرا منها، ومن جملتها الموردان المذكوران في صدر الآيات أعني قوله “فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً”، وقوله “ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ” وإنما قدما في الصدر، وأخرا في هذه الآية لأن المقامين مختلفان فيختلف مقتضاهما فإن صدر الآيات متعرض لسؤالهم تنزيل كتاب من السماء و، ذكر سؤالهم أكبر من ذلك وعبادتهم العجل أنسب به وألصق، وهذه الآية وما بعدها متعرضة لمجازاتهم في قبال أعمالهم بعد ما كانوا أجابوا دعوة الحق وذكر أسباب ذلك والابتداء بذكر نقض الميثاق أنسب في هذا المقام وأقرب.
جاء في موقع اسلام ويب عن رفع عيسى عليه السلام: قوله عز وجل: “وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما * وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم” (النساء:156-157)، وهذه الآية تحدثت عن جانب من الرذائل التي وصف الله تعالى بها الظالمين من بني إسرائيل، ومن بينها كذبهم على مريم أم عيسى عليها السلام، وزعمهم قتلهم عيسى عليه السلام، وقولهم هذا وإن كان يخالف الحقيقة والواقع، إلا أنه يدل على أنهم أرادوا قتله فعلاً، وسلكوا كل السبل لبلوغ غايتهم الدنيئة، فدسوا عليه عند الرومان، و وصفوه بالدجل والشعوذة، وحاولوا أن يسلموه لأعدائه ليصلبوه، وأسلموه فعلاً لهم، ولكن الله خيب سعيهم، و أبطل مكرهم، وحال بينهم وبين ما يشتهون، حيث نجى عيسى من شرورهم، ورفعه إليه دون أن يمسه سوء منهم. وقد نقل الآلوسي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما أراد ملك بني إسرائيل قتل عيسى عليه السلام، دخل خوخة مدخل بين دارين لم ينصب عليه باب وفيها كوة، فرفعه جبريل عليه السلام من الكوة إلى السماء، فقال الملك لرجل منهم خبيث: ادخل عليه فاقتله، فدخل الخوخة، فألقى الله تعالى عليه شَبَه عيسى عليه السلام، فخرج إلى أصحابه يخبرهم أنه ليس في البيت، فقتلوه وصلبوه، وظنوا أنه عيسى.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تبارك وتعالى “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” (النساء 156) قد تجاوز هؤلاء المجرمون الحدّ، فالصقوا بمريم العذراء الطاهرة تهمة شنيعة وبهتانا عظيما، هي أمّ لأحد أنبياء الله الكبار، وذلك لأنّها حملت به بإذن الله دون أن يمسها رجل، تقول الآية في هذا المجال: “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً”.
تطرقت عشرات الايات الى الكفر منها: 1 سورة المائدة آية 3 “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” 2 سورة المائدة آية 78 “لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ” 3 سورة النساء آية 156 “وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا” 4 سورة آل عمران آية 151 “سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ” 5 سورة الممتحنة آية 1 ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ” 6 سورة الاسراء آية 27 “إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا” 7 سورة ص آية 74 “إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” 8 سورة الحشر آية 16 “كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ” 9سورة الاحقاف آية 6 “وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ” 10 سورة مريم آية 82 “كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا” 11 سورة مريم آية 83 “أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا” 12 سورة الزخرف آية 33 “وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ”.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات