أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / حين تكون الشيعة هي المستهدف الحقيقي، لا تنخدعوا بالشعارات

حين تكون الشيعة هي المستهدف الحقيقي، لا تنخدعوا بالشعارات

فيينا / الثلاثاء 27. 05 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

ضياء أبو معارج الدراجي

لن أعتذر عن عراقيتي، ولن أساوم على قناعاتي، ولن أكون شاهد زور على إعادة تدوير الكراهية بأسماء براقة وشعارات مزيفة.
فما يُراد لنا اليوم أن نبتلعه تحت عناوين الوطنية والتطهير، ما هو إلا نسخ محدثة لحقد قديم، يستهدف وجودنا، عقيدتنا، وهويتنا الشيعية الأصيلة.

منذ عقود طويلة، والشيعي العراقي يُطعن في وطنيته، يُتهم بالولاء الخارجي، ويُختزل في كلمة “إيران”، كأن التشيّع عار، وكأن الولاء لأهل بيت النبوة جريمة.
أقولها بمرارة العارف: هذه ليست مبالغات، بل تجربة عشتها شابًا في قلب بغداد.

عشت في الأعظمية مع أسرة سنية، أسرة زوجة أبي التي تزوجها عام 1977 وبقيت معنا حتى وفاتها عام 2000. كنت قريبًا منهم، أشاركهم الخبز والماء، لكني لم أكن بمنأى عن ذلك الخطاب المشبع بالعداء الطائفي: “الرافضة”، “زواج المتعة”، “خان الأمين”، “مجوس”،وغيرها من الأكاذيب التي تسربت إلى الوعي الشعبي السني، وسرعان ما تحولت بعد سقوط صدام إلى حملات ممنهجة لتشويه صورة الشيعة وتزوير حقيقتهم.

لم أكن متدينًا آنذاك، لكنني كنت طالب جامعي، أقرأ ما يُحظر قراءته، وأطالع كتبًا كان اقتناؤها كافيًا لجرّ صاحبها إلى أعواد المشانق، فقط لأنها تتحدث عن آل محمد، عن الحق المغيّب، عن سيرة أُريد لها أن تُمحى.

واليوم، أرى المشهد يُعاد بتقنيات حديثة وأصوات مستترة، تلبس ثوب “الحرص على الوطن”، لكنها تنادي بإخراج “الإيرانيين” و”الميليشيات الولائية”، وهي في حقيقتها لا تستهدف إيران، بل تستهدفك أنت أيها الشيعي العراقي، ابن هذه الأرض، سليل هذه التربة.

ولمن يشكك في عراقيتي بسبب مذهبي، فليعلم أنني ابن هذه الأرض، جذوري ضاربة فيها قبل أن تُرسم حدود سايكس وبيكو، وقبل أن تنشأ الدول وتُقنّن الهويات.

أنا حفيد الشيخ معارج بن الشيخ داود بن الشيخ رملي بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن حسين الونان (وان) بن عبد الله بن حسين بن جاسم بن عاصي بن مسجّين بن كُمر، زعيم عشيرة البوكمر البودراج في ميسان، المتوفى في ثلاثينيات القرن الماضي.
وهذه العشيرة الجليلة تعود في تسلسلها التاريخي إلى الجد الأعلى:
فرج بن طوفان بن سرهيد بن سلمان بن عذار بن جازع بن درّاج(قبيلة البودراج)

ولد كُمر في أرض كميت ميسان قرابة عام 1500 ميلادي، ومن نسله امتدّت سلسلة رجال العلم والقيادة، فأنبتت أغصانًا ظلّت راسخة في تربة الجنوب، شاهدة على تاريخ من الصبر والكرامة والانتماء.

إن حملات الإقصاء التي نشهدها اليوم ليست سوى امتداد طبيعي لخطاب أموي حاقد، واحتلال عثماني متغطرس، وبعثي متغول، وملكي هاشمي ناكر للانتماء.
من معركة الجمل إلى صفين، ومن كربلاء إلى ثورة التوابين، ومن ثورة المختار الى حكم البعثية التي شُقّ صفها بذات الاتهام: “فارسي ضد عربي”، كان الهدف واحدًا دومًا: تفتيت صفوف الشيعة، وإجهاض أي نهضة ترتكز على الولاء لآل محمد.

لهذا أقولها بلا مواربة: كل من يرفع شعار “أخرجوا المجوس” أو “أسقطوا الميليشيات الايرانية”، إنما يوجّه رمحه إلى صدرك، لا إلى غيرك. فلا تنخدع بالشعار، فالغرض ليس تطهير العراق من دخيل اجنبي، بل من شيعي عراقي اصيل.
شيعي يحب عليًا، ويهيم بفاطمة، ويذوب حزنًا على الحسين.

نحن الشيعة، الأغلبية السكانية في هذا الوطن، وقوته الضاربة، وحشده الشعبي هو ورقة الضمان الوحيدة لبقاء نظامه، وحفظ أمانه، وصون دماء أبنائه. لسنا طلاب فتنة، بل حرّاس وطن. ولا نريد أن نكون ضحايا لتجارب دول فُكّكت باسم الطائفية، كأفغانستان حين أُقصي فيها الهزارة، أو سوريا حين تحوّل العلويون فيها إلى مستهدفين بعد أن كانوا جزءًا من بنيان الدولة.

لا تساير. لا تهادن. لا تصمت.
فهذا بلدك، وتلك عقيدتك، وذلك تاريخك، فلا تكن جسرًا يُبنى عليه مشروع الإقصاء، ولا تكن صدى لعدوٍ يُخفي خنجره في عباءة الشراكة.

نحن أبناء هذه الأرض، ولن نغادرها، ولن نتخلى عن الحق، ولو كلّفنا ذلك العمر كله

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً