فيينا / الثلاثاء 27. 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
تتزايد علامات الاستفهام حول الدور الذي تلعبه بعثة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في العراق، وسط تقارير عن تعاون مريب مع القوات الأميركية، وتغاضٍ واضح عن الخروقات التركية المستمرة للسيادة العراقية. ومع تسرّب معلومات عن وجود عناصر استخبارية إسرائيلية ضمن البعثة، يتصاعد الجدل حول طبيعة هذه المهمة الدولية وما إذا كانت فعلاً تدعم الاستقرار، أم تخدم أجندات إقليمية ودولية تتعارض مع المصلحة الوطنية للعراق.
“أجهزة تجسس دولية”
بهذا السياق يؤكد المحلل الأمني عدنان الكناني، أن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق باتت تشكل عبئاً أمنياً أكثر من كونها قوة داعمة، محذراً من أن بعض عناصرها يعملون لصالح أجهزة استخبارية أجنبية، على رأسها الموساد الإسرائيلي.
وقال الكناني في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن “بعثة الناتو المتواجدة في العراق لا تقوم بواجبها في تدريب وتسليح القوات العراقية وفق ما نصت عليه الاتفاقية الإطارية بين بغداد وواشنطن”، مشيراً إلى أن “البرامج التدريبية المقدمة لا ترقى إلى مستوى التهديدات الأمنية والتحديات الميدانية التي تواجه العراق”.
وأضاف أن “بقاء هذه البعثة بهذا الشكل يُضعف من قدرات الجيش العراقي ويحول دون تطوير إمكانياته القتالية”، مبيناً أن “أغلب المستشارين العسكريين والمتدربين ضمن بعثة الناتو يحملون أجندات استخبارية ويعملون تحت غطاء التعاون الأمني، في حين أن بعضهم يرتبط مباشرة بأجهزة تجسس دولية، أبرزها جهاز الموساد الإسرائيلي”.
وأشار الكناني إلى أن “استمرار عمل هذه البعثة دون رقابة وطنية صارمة يمثل تهديداً للأمن القومي العراقي، ويستوجب إعادة تقييم فوري لطبيعة وجودها ومهامها في البلاد”.
“تساهل ونفاق”
وإلى ذلك ذكر تقري ترجمته وكالة / المعلومة/، أن “حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والولايات المتحدة، بصفتها القوة الرائدة فيه، تساهلا مع سلوك أنقرة المارق، حتى مع تعبيرهما عن سخطهما الشديد من سلوك موسكو المماثل”.
وأضاف أن ” عدوان تركيا على قبرص كان أكثر جرأة واتساعاً من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم أو حتى استيلائها على أقاليم في دونباس عقب توغل الكرملين الأكبر عام ٢٠٢٢، وفي حين تسيطر موسكو الآن على ما يقرب من ٢٠ بالمائة من أوكرانيا، فانه وبحلول الوقت الذي أنهت فيه القوات التركية في قبرص هجومها، كانت قد احتلت ما يقرب من ٤٠ بالمائة من البلاد”.
وتابع أن “رد فعل واشنطن على عدوان أنقرة كان فاتراً في أحسن الأحوال، وفي الواقع، يزعم النقاد أن وزير الخارجية هنري كيسنجر كان يدعم تصرفات تركيا سرً،. من المؤكد أن أعضاء النخبة العسكرية في واشنطن لم يرغبوا في استعداء نظرائهم الأتراك”.
وبين التقرير أنه “اذا كانت قبرص الضحية الأبرز لاستخدام أنقرة القوة العسكرية للسيطرة على أراضٍ إضافية، لكنها ليست الوحيدة، فبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وتأسيس إقليم الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق، نفذت القوات العسكرية التركية عشرات التوغلات، وخلال الإدارة الأولى لدونالد ترامب، اتخذت أنقرة إجراءات أوسع نطاقًا ضد المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، ورغم ان انقرة لم تطالب رسميًا بأراضٍ في أيٍّ من البلدين، لكن أنقرة تسيطر فعليًا على مساحة كبيرة من الأراضي خارج
حدودها مع كلا الجارتين”
وأشار التقرير الى أن “التزام واشنطن المزعوم بنظام دولي قائم على القواعد هو في الواقع التزام زائف، وينطبق هذا بشكل خاص على استخدام القوة لغزو الأراضي. فقد وقف القادة الأمريكيون مكتوفي الأيدي، عندما استولت إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية وضمتها في نهاية المطاف بعد حرب عام 1967، ولم يُدلِ صانعو السياسات الأمريكيون بتصريحات تُذكر عندما نقلت الحكومات الإسرائيلية مستوطنين إلى الضفة الغربية، مما أدى إلى تهجير السكان الفلسطينيين قسرًا، في الآونة الأخيرة، تعاونت واشنطن بنشاط مع جهود إسرائيل للسيطرة على غزة وطرد سكانها الفلسطينيين”.
“الناتو” بلا جدوى
وبهذا الصدد يؤكد عضو ائتلاف دولة القانون حيدر اللامي، عدم وجود جدوى من استمرار بقاء بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة هي من تتحكم بقرارات الحلف في المنطقة.
وقال اللامي في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن “أمريكا هي المتكفلة بإدارة حلف الناتو في العراق والمنطقة، وهي التي تسيره بالكامل”.
وأوضح أن “الحلف قد أنهى مهمته في العراق ولم يعد لبقائه أي مبرر”، مضيفاً أنه “قد طالبنا أكثر من مرة بإلغاء بعثة الناتو، إلا أن الضغوط الأمريكية والدولية والمحلية حالت دون تنفيذ هذا القرار”.
وأكد أن “العراق يمتلك جيشاً وحشداً شعبياً وقوات أمنية متنوعة وكافية لتأمين البلاد ضد أي تهديد داخلي أو خارجي محتمل قد يواجه بلادنا”.
في الوقت الذي يفترض فيه أن تساهم بعثة الناتو بتدريب القوات العراقية وتعزيز قدراتها، تُثار تساؤلات عن تحول دورها إلى غطاء استخباري يخدم مصالح الولايات المتحدة وبعض حلفائها في المنطقة، كما أن صمت البعثة تجاه الانتهاكات التركية المستمرة في شمال العراق، دون أن يصدر عنها أي إدانة أو موقف ينسجم مع مهامها المعلنة في دعم السيادة والاستقرار دليل أخر على تواطئها لخدمة دول معين على حساب سيادة العراق.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات