الرئيسية / مقالات / غزلان الريم في محميّة مندلي تموت من الجوع: لا يتوفر حتّى نصف كيلوغرام من الشعير

غزلان الريم في محميّة مندلي تموت من الجوع: لا يتوفر حتّى نصف كيلوغرام من الشعير

فيينا / الثلاثاء  03 . 06 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

أحمد نجم

أكثر من 90 بالمئة من غزلان المحميّة ماتت بسبب الجوع والعطش، وبعضها يجري نقلها ليلاً إلى أماكن مجهولة، عن محميّة مندلي، وغزلان الريم العراقي التي تواجه الإنقراض بسبب الإهمال.

كان من المفترض أن تضم محميّة غزلان الريم في مندلي، أعداداً كبيرة منها، فالمحمية التي تمتد على مساحة 400 دونم كان هذا هو هدفها، حماية الريم وتوفير بيئة مناسبة وآمنة لتكاثرها. 

اليوم تتراجع أعداد غزلان الريم في المحميّة، وحدث هذا خلال السنوات الست الأخيرة، من 364 غزالاً إلى 30 فقط. 

تقع المحمية التي أُنشأت قبل 25 عاماً في الموطن الطبيعي لغزلان الريم بمندلي، على بعد خمسة كيلومترات من الحدود العراقية الإيرانية، وبنحو 160 كم عن العاصمة بغداد.  

قبل عام 2019، كانت تدار المحمية محلياً، وتشرف عليها مديرية زراعة ديالى، لكن في ذلك العام تحوّلت مسؤوليتها إلى دائرة الغابات والتصحر في وزارة الزراعة، وزادت أوضاعها سوءاً، وتلاحق إدارتها اليوم تهماً بالتقصير والإهمال والفساد. 

عاش غزال الريم العربي لقرون طويلة في هذه البيئة التي اكتسب منها لونه المتماهي مع الصحراء، واستطاع بسرعته التي تصل تقريباً إلى 70 كم في الساعة أن ينجو من مفترساته الطبيعية، لكن مع الصيد الجائر باستخدام الأسلحة لم تعد سرعته ضامنة للحفاظ عليه في البيئة العراقية. 

يمتاز الريم بعينين بارزتين ولامعتين وشديدتي السواد، كانتا مصدراً للإلهام الشعري في العصور القديمة والحديثة، كما أن موقع عينيه على جانبي الرأس تمنحانه رؤية واسعة بمدى يقترب من 300 درجة مما يمكنّه من رصد المفترسات من مختلف الاتجاهات. 

في المحمية، يفرش الربيع سجادة خضراء من العشب ممتدة على امتداد مساحتها والمسورة بسياج حديدي، في هذه الفترة تنعم غزلان الريم بمستوى مقبول من التغذية الطبيعية، لكن مع ارتفاع حرارة الصيف واختفاء الحشائش تواجه الغزلان خطراً وجودياً كل عام. 

يحتاج الغزال لنصف كيلوغرام فقط من الشعير يومياً وأحياناً أقل من هذه الكمية الضئيلة، ولأنه متكيف مع الطبيعة الصحراوية فلا يستهلك غير كميات قليلة من المياه، ولا تتطلب حياته أو ولادته رعاية طبية إلا نادراً، رغم ذلك يموت في محميات يفترض أنّها انشأت لحمايته من الانقراض.

محمية مندلي، المصدر: الكاتب 

يعود تاريخ المحمية للعام 2000، حين بدأت برعاية 19 غزالاً، ووصلت إلى أكثر من 100، قبل أن تُسرق وتُقتل، وتهرب للبرية أثناء الفوضى التي أعقبت سقوط النظام السابق عام 2003، لاحقاً في عام 2011، أُعيدت المحميّة مجدداً، بنقل 21 غزالاً من محمية الرطبة في محافظة الأنبار إليها. 

خلال 8 سنوات من إعادة افتتاح المحميّة تضاعف عدد الغزلان نحو 17 مرة، لتصل إلى  364 رأساً رغم قلّة الأعلاف والاهتمام، وكان غالباً ما يتبرع الموظفون بمبالغ لشراء الأعلاف أو يحصلون على أكياس الشعير من مزارعي المنطقة، وكان دعم الدولة للمحمية بالأعلاف والأدوية نادر جداً، كما يقول قيس صادق مدير المحمية آنذاك. 

يقول صادق لجُمّار، “عندما وصل عدد الغزلان إلى 364 تقريباً، رفعت الراية البيضاء وأخبرت الإدارة عدم قدرتنا على توفير الأعلاف والاحتياجات الأخرى للغزلان مجدداً”.  

المحمية لا تحمي

منذ أن تسلّمت دائرة الغابات والتصحر في وزارة الزراعة إدارة المحمية وأعداد الغزلان تتراجع.  

تمتاز غزلان الريم العربي بتكاثرها السريع، مرتين في السنة، وغالباً ما تضع توائم، مما يعني إمكانية تضاعف أعدادها خلال سنوات قليلة، لكن ما حصل للمحمية في السنوات الأخيرة كان صادماً. 

أين اختفت الغزلان؟ هل يمكن للجفاف وقلّة الغذاء أن يؤدي إلى هلاك أكثر من 90 بالمئة من القطيع؟  

رفض المتحدث باسم وزارة الزراعة التعليق على هذا السؤال، وكذلك فعلت دائرة الغابات والتصحر في الوزارة، كما رفضا دخول وسائل الإعلام للمحميّة، وهذا ما أكده صحفيون محليون رُفضت طلباتهم بدخول المحمية. 

مكتب مدير محيمة غزلان الريم يخاطب مديرية زراعة محافظة ديالى بسبب نفاذ العلف المصدر: الكاتب 

تحدث لجُمّار مصدر من داخل المحمية، رفض الكشف عن هويته، أشار إلى أنّ النفوق الكبير للغزلان قد حدث نتيجة الجفاف ونقص الأعلاف خاصة للفترة من 2019 ولغاية 2022، حيث لم تتلق المحمية أي دعم حكومي، ولم يصلها أي أعلاف نهائياً. 

يضيف المصدر، “في بعض الأيام كان يموت يوميا 15 غزالاً بسبب الجوع”، ولم يتحدث المصدر عن تفاصيل تخص نفوق الغزلان، سوى أنها لم تصلها أي أعلاف كافية طوال الفترة المذكورة ما بين 2019 و2022، وبحسبه كان هذا أبرز سبب للنفوق. 

ويشير المصدر إلى نقل ما يقارب 50 غزالاً من المحمية قبل أكثر من عامين إلى محمية في كركوك، لغرض إنقاذها من الجوع. 

لكن قيس صادق يكشف عن حصول عمليات نقل ليلية غامضة للغزلان خارج المحمية، عرف بها من خلال حرّاس المحمية الذين استمروا في عملهم حتى بعد نقل الصلاحيات. 

 “التبرير بالهلاكات غير كاف لأنّ المحمية يمنا 8 سنوات، ما صار بيها هلاكات أبد”، يقول صادق. 

لا يعرف صادق أين ذهبت الغزلان تحديداً، لكنه يشير إلى أن نقلها إذا كان بشكل رسمي ينبغي أن يحدث أثناء الدوام الرسمي، ووفقاً لإجراءات إدارية معقدة، ولجان من أطراف مختلفة، “عند نقل الغزلان من محمية إلى أخرى ينبغي الحفاظ على التوازن بحيث يبقى ذكر لكل 9 إناث، لكن المحمية حالياً 70 بالمئة منها ذكور”. 

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً