الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / ترامب وبايدن والانتخابات الأمريكية: لماذا تشعر الأوساط الاستخبارية الأمريكية بالقلق في المرحلة الانتقالية بينهما

ترامب وبايدن والانتخابات الأمريكية: لماذا تشعر الأوساط الاستخبارية الأمريكية بالقلق في المرحلة الانتقالية بينهما

السيمر / فيينا / الخميس 19 . 11 . 2020 —- خلقت سلسلة من الإقالات والتعيينات، وما رافقها من انتشار لمزيد من الشائعات عما سيجري في المستقبل، شعوراً عميقاً بالقلق وعدم اليقين حول المخابرات الأمريكية ومجتمع الأمن القومي الأمريكي عموما في المرحلة الانتقالية ما بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس المنتخب.

ففي وقت أثار البعض من خارج تلك الدائرة، مخاوف من احتمال أن يكون ذلك جزء من محاولة الرئيس دونالد ترامب التمسك بالسلطة، يرى كثيرون في الداخل أن الدافع وراء ذلك هو رغبة الرئيس الشخصية في الانتقام وما يمثل المرحلة الأخيرة من الصراع الذي طبع بسماته مرحلة رئاسة دونالد ترامب.

ولكن تظل هناك مخاوف من أن حالة عدم اليقين بشأن الانقسام الحاصل بشأن عملية انتقال السلطة قد تشكل خطرا حقيقيا.

ويعتقد الكثيرون أن إقالة مجموعة من كبار القادة المدنيين في البنتاغون، وبضمنهم وزير الدفاع مارك أسبر، ليست إلا البداية.

ففي بعض الحالات، قد يتعلق هذا برغبة الرئيس في متابعة العمل على أهداف سياسية محددة خلال أيامه الأخيرة وإبعاد أولئك الذين عارضوها، كما هي الحال مع قراره بسحب القوات من أفغانستان؛ ولكن ذلك يبدو أيضاً يالنسبة لبعض المراقبين، ومن نواح عديدة، أنه نتيجة لغضب مكبوت وأنه الفعل الأخير في معركة طويلة.

لقد ظل مجتمع الأمن القومي الأمريكي في مرمى نيران الرئيس ترامب، متهماً إياه بأنه “الدولة العميقة” التي تتآمر ضده.

واعتبر تقييم مجتمع الاستخبارات لتدخل روسيا في انتخابات عام 2016 لدعم ترشيحه، تهديداً لأحقيته بالفوز، فسارع إلى الهجوم فور مباشرته تقريبا، ولم يتوقف منذ ذلك الحين.

وفي الأشهر الأخيرة، ظل يضغط بشدة من أجل رفع السرية عن المعلومات التي يعتقد أنها ستدعم قضيته بأن نتائج التقييم كانت خاطئة.

وقد عين البيت الأبيض حليفاً سياسياً مدير للاستخبارات الوطنية دعم هذا التوجه، لكنه ما زال يواجه مقاومة في هذا الشأن.

وتدور أحاديث عن أن مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، باتت حاليا على خط النار . لقد حرصت هاسبل منذ تعيينها على اتخاذ موقف متوازن، بيد أن منتقديها يقولون إنها كانت مقربة جداً من البيت الأبيض، مستشهدين بسلوكها الظاهر، عندما بدت مصفقة للرئيس في خطابه عن حالة الاتحاد.

لكن مؤيديها يقولون إنها لعبت بحذر بما يكفي في محاولتها البقاء إلى جانب الرئيس لكي تحمي الوكالة من التسييس، وكانت تخشى من أنه إذا فُصلت هي الأخرى، فسيتم اختيار شخصية أكثر حزبية لتحل محلها.

وقد أثار عدم استعدادها الواضح لرفع السرية عن بعض المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتدخل الروسي في انتخابات 2016 مؤخراً انتقادات من مؤيدي الرئيس.

مارك أسبر ودونالد ترامب

وربما يكون الفصل الأكثر إثارة للجدل هو إقالة كريس راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي.

ويُعتقد أن الرئيس ترامب غاضب من فشل السلطات الفيدرالية من إنفاذ القانون في التحقيق مع هانتر نجل جو بايدن، حول علاقاته التجارية الخارجية ، وأراد نوعاً من العودة إلى عام 2016، عندما تسببت التصريحات العلنية لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي آنذاك جيمس كومي حول رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية، في إلحاق الضرر بها قرب نهاية الحملة الانتخابية.

وعلى العكس من رؤساء وكالة المخابرات المركزية الذين عادة، وليس دائما، ما يتم استبدالهم برئيس جديد؛ يعين مديرو مكتب التحقيقات الفيدرالي لمدة 10 سنوات.

وقد تردد أيضا أن رئيس وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية (Cisa)، كريس كريبس، الذي يحظى بتقدير كبير، يواجه مشكلة لأن موقعاً الكترونياً تديره الوكالة يسمى “التحكم في الشائعات” أوضح أن مزاعم التزوير والاحتيال في التصويت، بما في ذلك تلك التي قدمها الرئيس وأنصاره، مزاعم خاطئة.

وتثار مخاوف بشأن التعيينات الجديدة وبشأن من سيغادرون مناصبهم أيضا.

وقد منح نشطاء سياسيون مناصب رفيعة في البنتاغون. وعيّن أحدهم وهو مايكل إليس، مستشاراً عاماً لوكالة الأمن القومي (NSA) رغم عدم موافقة رئيس الوكالة الجنرال بول ناكاسوني.

وأثار ذلك مخاوف من أن فريق ترامب ربما يحاول “زرع” أشخاص من مؤيديه في نظام الأمن القومي، ليتمكنوا من الاستمرار في لعب دور بعد 20 يناير /كانون الثاني المقبل، عندما يتم تنصيب جو بايدن كرئيس للبلاد رسمياً. وثمة خيار آخر هو أنه لمجرد رغبة الرئيس في مكافأة الموالين والسماح لهم “بإغناء سيرهم الذاتية” مع توقعات بأنهم قريباً سينفذون سياسات أكثر إثارة للجدل أثناء وجودهم في تلك المناصب.

وعلى الرغم من أن الرئيس الجديد قد يكون قادراً على استبدال العديد من هؤلاء الأفراد واختيار فريقه الخاص، إلا أنه لا تزال هناك مخاوف بشأن تداعيات التعيينات الأخيرة.

إن رفض الاعتراف بفوز جو بايدن يعني أن نائب الرئيس السابق لم يستلم بعد الموجز اليومي للاستخبارات الرئاسية حول التهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة كما يحدث عادة. وكلما طالت المدة، زاد الخطر من احتمال حدوث عواقب في الواقع، إذ من الممكن أن يواجه فريق جديد للأمن القومي مشكلات قد لا يكون مستعدا لها.

وهناك خطر في أن تسعى الدول الأخرى أيضاً إلى الاستفادة من فترة عدم اليقين هذه، وعلى سبيل المثال، قد ترغب إيران في الانتقام لمقتل الجنرال قاسم سليماني على يد الولايات المتحدة بحلول يناير/كانون الثاني المقبل.

إن الصعوبات التي تواجه عملية انتقال السلطة يمكن أن تشكل عواقب حقيقية على الأمن القومي.

وقد خلصت لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر إلى أن الفترة القصيرة لعملية تسليم السلطة من الرئيس بيل كلينتون إلى الرئيس جورج دبليو بوش، التي حدثت جراء الخلاف على نتائج انتخابات عام 2000 المتنازع عليها، ربما أسهمت في الفشل في وقف الهجمات المدمرة على نيويورك وواشنطن، بتصعيب الحصول على فريق جديد مستقر في كل مواقعه وآليات عمله ومطلع على آخر المستجدات في الوقت المناسب.

المصدر / بي بي سي

اترك تعليقاً