السيمر / فيينا / الاثنين 30 . 05 . 2022
منار العامري
الوطن لغةً: هو مكان إقامة الإنسان واستقراره، حيث ينتمي إليه سواء أكان مسقط رأسه أم لم يكن.
فقهياً: هو المقر الدائم للمرء الذي تجب فيه الصلاة تماماً.
جميلٌ ان يحب الانسان وطنه ولكن لابد له ان ينتبه الى امرٍ في غاية الاهمية، وهو ان لا يجعل المولاة والمعاداة في سبيله، فنحن نعلم ان الولاء للاسلام اولاً وآخراً ولا ينافسه ولاءٌ آخر حتى لو كان ولاءً للوطن، فهل يصح ان نقدم حب الوطن على حب الله تعالى؟
كثيراً ما نرى تعصباً وجاهليةً في حب الاوطان، فنجد ان اهل الوطن الواحد يعادون اهل الوطن الآخر لمجرد انهم لايعيشيون داخل تلك الحدود، الحدود التي خطتها أيادٍ خبيثة لغرض تفرقة المسلمين.
الله تعالى آخى بين المسلمين في يوم المؤاخاة المعروف من غير ان يشترط عليهم ان يذكروا اوطانهم، فهل نفهم من ذلك شيئاً غير انه سبحانه قدم الانتماء للاسلام على كل الانتماءات؟
لو حدث ان تخاصم شخصان أمامنا وكان الظالم اخاً لنا في الوطن بينما المظلوم اخٌ لنا في الاسلام، فكيف يجب ان يكون موقفنا؟
بديهياً يجب علينا ان ننصر المظلوم ولا نركن الى عنصرية الوطن فالحق مقدمٌ على كل شيء.
القاعدة الذهبية التي ارسى قواعدها اهل البيت عليهم السلام لنا، عندما نقرأ الزيارة نقول:
(اني سلمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمن حاربكم، ووليٌ لمن والاكم، وعدوٌ لمن عاداكم) لذا فكل ولاء وعداء يجب ان نعرضه على هذه القاعدة اولاً، لنعرف اين نحن وكيف سيكون موقفنا.
إن استكانة المسلمين ما حلّت الا بعد ان خُدعوا وقدموا ولائهم للوطن المحدود على ولائهم للعقيدة اللامحدودة، فأصبح اهل كل وطن يتفاخرون على اخوانهم في الاوطان الاخرى، ويحتقرونهم ويتجاهلون همومهم واوجاعهم وبلاءاتهم، بينما يقول الحديث النبوي الشريف:
(من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم) بينما نرى أن أحدنا إن ابدى تعاطفاً مع اخوانه المسلمين في البلدان الاخرى يسمى خائناً وذيلاً..!!
والحال ان الله تعالى نصّ في كتابه الكريم في سورة الحجرات قائلاً:
(وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
وصل الامر بتقديس الاوطان ان جُعلت مقدمة على الدين عند كثير من عديمي البصيرة، فعندما يصل الولاء للاوطان الى هذا الحد فأين ولاؤنا لله تعالى؟
ترُى هل سنشهد ديناً جديداً يجعل من الوطن وثناً يُعبد من دون الله؟
لو كان الولاء للارض لما ترك النبي مكة، ولو كان الولاء للعشيرة لما قاتل قريشاً، ولو كان للعائلة لما خاصم ابي لهب، لكنها العقيدة، والعقيدة مقدمة على كل انتماء.
الولائج والبطائن اذا سيطرت على الانسان اهلكته، وكان سقوطه من الغربال امر حتمي، وحب الوطن احد هذه الولائج فما لم يكن خاضعاً للقاعدة الذهبية (قاعدة سلم لمن سالمكم) فلا خير فيه والاولى إسقاطه من نفوسنا قبل ان يُسقطنا من الغربال، فكيف سننصر صاحب العصر والزمان اذا كانت ولاءاتنا العنصرية متعشعشةً في نفوسنا؟
حتماً سنحاربه عندما نراه يهتم ببلدان نراها عدوةً لنا..!
إن وطن المسلم الموالي الشيعي هو كل ارض توالي علياً وتبرأ من عدوه ولا يهمه اسم ذلك الوطن او شكله، المهم هو من يوالي علياً ويحبه.
وطني لا تحده حدود