السيمر / فيينا / الأربعاء 15 . 06 . 2022
اسعد عبدالله عبدعلي
حدثني شاب عن قصة حصلت في جامعته.. حيث يقول: كانت معنا في الجامعة طالبة تدعى جمانة, وهي فتاة رائعة وطيبة وذات خلق, الكل احبها واحترمها, فهي من عائلة راقية, وذات يوم ضاع منها موبايلها بعد ان نسيته في كفتريا الجامعة, وقد حزنت كثيرا لان فيه صور خاصة لها ولاخواتها وبعض صديقاتها, وبعد ايام اتصلت وجد الموبايل في حديقة الجامعة, وتم تسليمه لها وتاكدت ان كل شيء بامان, ولكن بقيت متعجبة كيف انتقل من الكافتريا الى الحديقة! في الامر شيء غريب… بعد يومين اتصل بها رقم غريب, وحدثنا انه وجد موبايلها وحفظ صورها وصور اخواتها ومقاطع لعرس ورقص البنات فيه, وهدد انه سوف ينشرها على العام اذا لم تدفع له عشرون الف دولار, وامهلها اسبوع وسيتصل بها لاحقا للاتفاق على موعد التسليم, بقيت جمانة مذهولة ماذا تفعل! والمبلغ كبير جدا ليس بقدرة عائلتها.
كانت لها صديقة مقربة, وعندما شاهدت حزنها وكدرها طلبت منها ان تحدثها بما يحزنها فحدثتها بكل شيء, فقالت لها صديقتها ان ابيها يفهم في هذه الامور, فاتصلت بابيها واخبرته, فقال الحل سهل جدا وقال انتظروني اني قادم, واخذهما الى مركز الشرطة للإبلاغ عن الابتزاز الالكتروني, وسجلوا دعوة ضد هذا المبتز, وتم متابعة الاتصال الثاني الى ان تم الامساك به.
انها ظاهرة خطيرة وفي تزايد مستمر ومنذ سنوات عديدة, والسبب خوف النساء من اللجوء للشرطة كي لا يفتضح اسرارهن, فيسكتن وينفذن طلبات المبتز حتى لو كانت جنسية! بالاضافة للمال, بالاضافة للنظرة الاجتماعية الدونية للمراة باعتبارها باب للعار, لذلك لا يجدن الا السكوت وتنفيذ طلبات المبتز, واحيانا يقومن بالانتحار كي تحافظ على عفتها وشرفها.
· النساء ابرز ضحايا الابتزاز الإلكتروني
ينتشر الابتزاز الإلكتروني بشكل مخيف في العراق، خاصة مع الفتيات والنساء فهم العنصر الأضعف والذي كثيرًا ما يستجيب لمطالب المبتز, خوفًا من الفضيحة ومواجهة الأهل, ففي نيسان/ أبريل 2019 مثلا، اعتقلَت القوات المحلية في بغداد و ديالى وذي قار 60 شخصا ابتزوا مراهقات بصورهن الخاصة، مقابل الحصول على فدية مالية أو علاقة جنسية.
وخوف وتردد النساء في التبليغ والحذر من ردود الفعل العشائرية اتجاههن وهن الضحية، والتي تصل أحيانا إلى قتلهن.
كل هذا يعد سببًا من أسباب انتشار جرائم الابتزاز الإلكتروني بهذه الصورة الكبيرة في العراق؛ لعدم تفهم المجتمع العراقي لهذا النوع من التهديدات ومدى خطورته، حيث تنعكس التهديدات على الفتيات بخطورة كبيرة من أهلها أو زوجها، وذلك بسبب القبلية والعشائرية التي ما زالت متواجدة في العراق، والتي تعتبر الانثى باب للعار ولا حل لاخطائها الا القتل, أو بمعنى أدق نقول بسبب انتشار الجهل بالتعامل مع التكنولوجيا.
لذلك تكثر حالات الطلاق في العراق وبأرقام غير مسبوقة طيلة تاريخ الدولة العراقية.
· الموبايلات الذكية سبب الدمار
أن الزيادة سببها استخدام السيء للأجهزة الذكية ووسائل التواصل هو اهم اسباب الابتزاز, حيث لا يهتم اغلب الناس بنظم الحماية كي لا تخترق اجهزتهم, واضافة الى تخزين الاسرار والصور الخاصة على الموبايل، مما يعني خطر حقيقي خصوصا للنساء, وأن الابتزاز الإلكتروني بات يشكل تهديدا خطيرا على نسيج المجتمع العراقي.
مع حالات الابتزاز الإلكتروني في العراق، ظهرت معه ثلاث مخاطر أثرت على المجتمع, تمثلت بارتفاع معدلات الطلاق، ومعدلات الانتحار، ومستويات العنف الأسري.
يجب ان تفهم الناس وخصوصا النساء كيفية الاستخدام الاكثر امان لهذا الجهاز الخطير.
· الاضرار الناتجة عن الابتزاز الإلكتروني
لا يمكن تجاهل النتائج التي تظهر بعد عمليات الابتزاز, حيث يتسبب في أذى المجني عليهم, ففي هذا العصر أصبح الكثير من الأشخاص يعملون عبر الإنترنت, فينتج عنه نقص ثقة الفرد بنفسه وخصوصا النساء تمر بفترة من النكوص, وعدم تركيز المجني عليه بالتهديد في عمله طوال يومه, وهي حالة من حالات الأمراض النفسية وفي كثير من الحالات تصل إلى الانتحار, نتيجة الخوف من تهديد المبتز.
ولا يمكن احد اخطر اضرار الابتزاز الا وهو هدم البيت الاسري, في حال التهديد كان لسيدة متزوجة، ولم يتفهم زوجها الأمر.
وفي الاغلب يطالب فيها المبتزون بمبالغ مالية يدفعها الضحايا تجنبا للفضيحة، أو يطالبونهم بالقيام بممارسات شائنة، عادة ما تنطوي على ممارسة أفعال جنسية.
ولا يمكن تجاوز تداعيات هذه الظاهرة، من أهمها قيام العائلات بالتعامل بقسوة مع الفتيات الضحايا، بدلا من الوقوف معهن ومساعدتهن من أجل تخطي الأزمة.
حيث تعاني الفتيات اللواتي يتعرضن للابتزاز من مشاكل نفسية عدة، من بينها التخيلات والضغط النفسي والقلق والانعزال والكآبة وربما حتى الانتحار.
· احكام القانون العراقي
1- نصت المادة رقم (431) على “كل من هدد شخصًا بارتكاب جريمة في حقه (قتل، سرقة، خطف، اغتصاب، تشهير، قذف) ضده أو ضد أحد من أفراد أسرته بغير الحالات المذكورة في المادة 430 يعاقب بالحبس.
2- نصت المادة (432) على “كل من هدد شخصًا عن طريق القول أو الفعل أو الإشارة أو أرسل له من يهدده في حالات مختلفة عن الظروف المبينة في المادتين 430 و431 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، ونص هذه المادة أقرب إلى جرائم الابتزاز الإلكتروني التي عادة ما تتم كتابة أو تسجيل صوتي بين الشخصين.
· طريقة التبليغ عن الابتزاز الإلكتروني
يعد العراق من أكثر الدول تطورًا في التبليغ عن الابتزاز الإلكتروني؛ وفي خلال 24 ساعة يتم معرفة مكان المتهم المبتز عن طريق IP الجهاز الذي يهدد منه، فينبغي لك معرفة كيفية التبليغ عن الابتزاز الإلكتروني، وهي كالآتي:
1- قم بأخذ صورة للشاشة تحتوي على ما قاله لك المبتز، أو تسجيل ما قاله صوتيًّا في حال كان بالصوت.
2- لا ترد على رسائله.
3- اتصل بأحد الرقمين 533 أو 131 فهما مختصان لاستقبال بلاغات الابتزاز الإلكتروني في العراق, (533 رقم جهاز الأمن الوطني، و131 رقم مديرية الجرائم الإلكترونية).
وكلامي هنا للضحايا فمهما كان المبتز يهددك بما يعرفه عنك أو يحاول ترويعك بطرق كافة، لا تتردد في التبليغ عنه وفي الحال فهو أكثر خوفًا منك، وكن آمنًا من الحفاظ على سريتك من قبل أجهزة الأمن والشرطة, فهم أكثر الأشخاص مراعاة لمصلحتك وحمايتك من المجرمين والمبتزين، وبالبلاغ عن المبتز هذا لا تحمي نفسك فقط؛ بل تحمي المجتمع من شره.
· اخيرا:
1- نؤكد على العائلات زرع الثقة في صفوف الأبناء والابتعاد عن لغة التهديد.
2- نؤكد على العائلات بمراقبة تصرفات الأبناء وخاصة الذين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي.
3- نؤكد على الاستخدام الصحيح للأجهزة الذكية مع انظمة امان.
4- يجب على السلطات زيادة عمليات التوعية بشأن أخطار عمليات الابتزاز وتوفير باحثين اجتماعيين في المدارس والجامعات لتقديم الدعم للضحايا”.
5- ويمكن التبليغ عن جرائم الابتزاز الإلكتروني في العراق عبر الاتصال على أرقام جهاز الأمن الوطني (533) أو (131).