السيمر / فيينا / السبت 17 . 12 . 2022
اسعد عبدالله عبدعلي
انطلق الباص بنا من تقاطع الصخرة في شارع فلسطين متوجها بنا نحو منطقة بغداد الجديدة, كان السائق يركز عبر المرآة بنظراته نحو فتاتين جميلتين, يحاول لفت انتباههن, وكانت احداهن قد فتحت النافذة التي بجانبها ووضعت يدها على النافذة, فصاح السائق: “يا بنية يا بنية ممكن ادخلين ايدج! لان ما جاي اشوف بالمراية”, تعجب كل من في الباص من طلب السائق الغريب العجيب! خصوصا بعد الحاحه بالنظر اليهن عبر المرآة, وكان هنالك عجوز يجلس في الكرسي الاخير, وكان منتبه لما يجري فضحك ضحكة مجلجلة, اربكت السائق.. فقال السائق مستفسرا: “يا حاج لماذا تضحك؟.. قال العجوز: “اضحك عليك وعلى اسلوب الرخيص بالزحف! ابني انت طالع تشتغل لو طالع تتحرش بالبنات! فسكت السائق و”بلع الرزالة”, وضحك كل من في الباص على السائق “الزاحف”.
التزم السائق بالصمت بعد ان اهدر ماء وجهه, بسبب سفاهة اسلوبه, وعمق رد العجوز عليه.
· كاس العالم والمثليين
كان يجلس شابين خلف مقعد السائق ويتحدثان عن كاس العالم وعن دعوات احترام المثلية, وكيف ان المنتخب الالماني اصر على انتقاد منع رفع علم المثليين في البطولة! وان المنتخب الفرنسي سوف يرفع علم المثليين اذا فاز باللقب العالمي! فقال الاول: الغريب اصرار دول اوربا على دعم المثليين وجعلها قضية مصيرية, فاين ثقافة الراي والراي الاخر, التي يتبجحون بها, ولماذا يريدون فرض أراءهم علينا.
فقال الثاني: الغريب ان يتم خلط السياسة والمواقف الدولية بالرياضة, مع انهم هم اول من نادى بفصل الرياضة عن السياسة, وان الرياضة رسالة محبة, ويحاربون تدخل الحكومات بعمل الاتحادات الرياضية, لكن لا يمكن للعراقي ان ينسى ان المجتمع العالمي المتمدن قد حرموا المنتخبات والاندية العراقية من اللعب في البطولات العربية والاسيوية والعالمية مدة ثلاث سنوات! بسبب الارعن صدام عندما غزى الكويت, وهذا قمت الخلط بين السياسة والرياضة, فانظر الى حجم التناقضات التي يسبح بها الغربيين.
· جريمة التدخين في الباص
بعد ان وصل الباض بنا قرب مول زيونة قام رجل في الاربعين من عمره بإشعال سيكاره! وشرع بالتدخين ونفخ الدخان داخل الباص, في ظاهرة لا تمت بصلة للأخلاق والسلوك الصحيح, بل هو غباء وحمق و(ثولان) كما يعبر عنه بالعراقي, فصاح العجوز: ” ابني طفي جكارتك موتتنا, شنو انت ما اتحس! اشوية افتهم ولا تأذي الناس بدخانك”, فخجل الرجل من كلام العجوز الصاعق, ورمى بالسيكاره من النافذة الى الشارع.
قضية التدخين في الباص هي جريمة يحاسب عليها القانون, لكن نحن في بلد القانون فيه نائم, فيصبح المواطن ضحية سفلة الامة, الذين لا يفهمون مساحة الحقوق, وانهم يتجاوزون على الاخرين عندما يدخنون داخل الباص, فقضية انهاء هذه الجريمة ورد الحقوق بيد الحكومة, والحل سهل جدا للقضاء على جريمة التدخين داخل الباصات عبر تفعيل قانون الغرامات على المدخنين في الاماكن العامة.
وننتظر من الحكومة الانطلاق من هكذا اصلاحات لنصرت المواطن على المتجاوزين وردع الحمقى.
· الازدحامات تاخذ اعمارنا
كان الكل في الباص منزعج, العجوز نام وكان قرار جيد كي لا يشعر بورطة الوقت المهدور عبثا, اما الشابتان فقد وجدتا في الموبايل سبيلا لقضاء وقت الازدحام, وعاد الشابان للحديث عن كاس العالم وعن الاسطورة ميسي, وقارنا بين تخلف العراق في مجال كرة القدم, وكيف تطور العالم من حولنا… واخيرا وصلنا لبغداد الجديدة عندما قاربت الشمس على الغروب.
الطريق من تقاطع الصخرة الى بغداد الجديدة كان يأخذ سابقا نصف ساعة, لكن اصبح يأخذ منا ساعة تقريبا, والسبب الاختناقات المرورية, انها ساعات يومية تهدر في الباصات لو حسبناها تعادل ربع العمر, وامر الحل بيد الحكومات المتعاقبة, لكن لا احد يسعى للحل.
· اخيرا:
هنا اضع اربع امنيات احلم ان اجد لها واقع في عام 2023.. وهي:
الامنية الاولى: اتمنى ان تحل مشكلة التدخين داخل الباص, فهي قضية معيبة وجريمة بحق الاخرون, والغرامات بحق الحمقى واجب لا يترك.
الامنية الثانية: ان تتخذ اجراءات حكومية لمنع التحرش في الاماكن العامة وفي الباص خصوصا.
الامنية الثالثة: وان تتخذ الحكومة اجراءات لحل ازمة الازدحامات, من قبيل فتح الشوارع المغلقة, وتفعيل قانون المرور, والمحاسبة الشديدة لمن يتجاوز على القانون.
الامنية الرابعة: قضية المثليين فتحتاج لجهد الدولة في توعية المراهقين والعوائل, للحفاظ على ابنائهم من الوقوع في مستنقع المثلية الجنسية, وان تعمل الحكومة على ضرب الجهات الداعمة لانتشار المثلية في العراق.