السيمر / الاحد 07 . 08 . 2016 — تشتعل البلاد بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، آخرها ما فجره وزير الدفاع من فضائح فساد خلال استجوابه في مجلس النواب يوم الاثنين الماضي، في حين أن استحقاقات دستورية من شأنها أن تخفف من حدة الأزمات، يجري تجاهلها.
فلا تزال حكومة رئيس الوزراء د.حيدر العبادي غير مكتملة النصاب، بعد تقديم 7 وزراء استقالتهم، على أثر مساعي العبادي المتعثرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر لتشكيل “حكومة تكنوقراط”.
وكان من واجب مجلس النواب، متابعة استكمال تسمية بدلاء عن الوزراء المستقيلين، وإنهاء أزمة الحكومة لتباشر في أداء واجباتها المطلوبة، لاسيما وأن الشارع المحتج ينتظر خطوات عملية تهيئ الأرضية للقيام بإصلاحات جدية وجذرية.
لكن القوى المتنفذة تثبت مرة أخرى، دون أن تترك مجالاً للشك، أنها منسلخة عن واقع البلاد، وتعيش في أبراج عاجية مترفة، منشغلة بمصالحها، بعيداً عن هموم العراقيين ومعاناتهم وما يواجهونه من ضنك العيش وغياب الأمن، الأمر الذي سيزيد من غضب الشارع ويفجره عاجلاً أم أجلاً.
وعلى أية حال، فأن استكمال الكابينة الوزارية يبقى استحقاقاً عاجلاً لا يقبل التأجيل، إذ أن أوضاع البلاد، كما اشرنا، لا تحتمل أن تدار المسؤوليات بالوكالة.
لكن الأهم من ذلك، هو الكيفية التي ستجري وفقها تسمية الوزراء البدلاء، وأية عناصر سيشغلون المقاعد الشاغرة، وما هي آليات اختيارهم؟
حيث أنه ليس من الواضح حتى الآن، ما إذا كان سيجري اعتماد النهج القديم الذي تعتمده قوى المحاصصة الطائفية الأثنية، وبأساليب معسولة، أم بانتهاج أسلوب حكيم ومقبول يعتبر خطوة أولى لتحقيق الإصلاحات؟
وهذه ليست تساؤلات عابرة، من السهل تجاوزها في ظل تزاحم الأحداث وتلاطمها، إنما الإجابة عليها – فعلا لا قولاً – تعتبر اختباراً جديداً لجدية رئيس الوزراء ومجلس النواب، وصدقية الخطاب السياسي لهما، الذي علقت به الكثير من المثالب.. كما أن هذا الأمر يعد امتحانا لمواقف الكتل التي تدعي وقوفها إلى جانب مشروع الإصلاح والتغيير.
وفي هذا الشأن، يشاطر مجلس النواب رئيس الوزراء المسؤولية في إشغال الوزارات الشاغرة، ووضع أسس مبدئية وسليمة، تجري وفقها تسمية الشخصيات المرشحة لمواقع المسؤولية. وفي مقدمة هذه الأسس، أن تتوافر النزاهة والكفاءة في الشخصيات المرشحة، دون النظر إلى انتماءاتها، وأن يجري اختيارها بعيداً عن المحاصصة وفرض الإرادات السياسية.
إن من شأن هذه الخطوة، في ما لو جرى استثمارها إيجابياً، أن تؤسس لمرحلة جديدة من إدارة الدولة، بعدما فشل مشروع توزيع الحصص على القوى المتنفذة.
إننا نؤكد من جديد، ولعل في التكرار إفادة، إن تواصل الأزمات وتفاقمها لن ينتهي إلا بالشروع الجاد في تنفيذ الاصلاحات الحقيقية ومحاربة الفساد.
وان تشكيل حكومة كفاءات نزيهة ومقتدرة مهنيا وإداريا ومتبنية لنهج الإصلاح وبعيدة عن قيود واشتراطات المحاصصة الطائفية والاثنية والحزبية الضيقة، يعتبر خطوة أولى ومدخلا ضروريا للشروع في تنفيذ حلقات الاصلاح الأخرى.
ويأتي في مقدمة الإصلاحات المطلوبة، تخليص أجهزة الدولة من التقاسم المحاصصي في توزيع المناصب. والمسؤوليات التنفيذية والادارية العليا والسعي إلى تشكيل مجلس الخدمة للشروع في ممارسة مهامه ووضع حد لشغل المناصب العليا بالوكالة، وتقديم المرشحين لهذه المناصب إلى مجلس النواب وفقا لما ينص عليه الدستور. كما أن على الحكومة المكتملة أن تتصدى للفساد بمنظوماته المنتشرة في جسد الدولة ومؤسساتها، وكما كشفت جلسة استجواب وزير الدفاع.. بالإضافة إلى جملة مهمات أخرى منها تقديم الخدمات ومعالجة الازمة الاقتصادية.
وان التسويف والالتفاف، لن يؤديا إلا إلى اشتداد حدة الأزمة والاحتقان السياسي، والى إصابة مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية بالشلل، في الوقت الذي نواجه فيه مهمات تشديد الضربات على داعش، وتحديات اقتصادية واجتماعية جسيمة تفرض الشروع في الإصلاح والتغيير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة “طريق الشعب” ص1
الاحد 7/ 8/ 2016
الرئيسية / الأخبار / كتب المحرر السياسي :الاستحقاق العاجل .. استكمال الحكومة وفق أسس النزاهة والكفاءة