أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / تطوان الأصيل فيها لا يُهان

تطوان الأصيل فيها لا يُهان

فيينا / السبت 17. 08 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

مصطفى منيغ / المغرب

تطوان حكاية حياة نخبة من بشر استحضرت لوجودها كأول لبنة مُقامة لمن ينشدون الاستقرار المسترسل انطلاقاً من تطوُّرٍ فكري زارعٍ لنور المعرفة في أرض طيِّبة فاتحة ذراعيها لمن قصدها بنيَّة سليمة ضامنة لهم الشعور التلقائي بالأمان  مركزاً وأجنحة ، فيُتَرجَم ذاك التطور مُذ لحظة الوصول إلى قدرةٍ تُحوِّل المتوفِّر إلى أقوى إرادة تتحلَّى بها ربوع لتنمية نفسها اعتماداً على إمكاناتها المحلية أولاً وأخيراً ولكل ما يلزم العمل دون تأخير شارحَة ، بمعنى أن تطوان في نشأتها الثالثة ابتدأت وهي على قدر يكفى من حكمة مَن اتَّخذوها مقراً مدَى الحياة جعلتها تعايش مرحلة من بناء أسُسٍ لا زالت قاعدة كل شيء حتى الساعة وجميعها لمن استعملها وما زال بما صُرِف عليها من مجهود تظل رابحة ، لذا تراها عصراً بعد آخر متمسكة في شخص أهلها جيلاً بعد جيل متشبِّثة بأشياء خاصة ترى فيها عالمها المُصغَّر غير المُكرَّر في أي جهة كانت لاختلاف المصلحَة ، عناوين بعض فروعه تقاليد وأعراف تميِّز التطوانيين بميزة التأثير المباشر في الأوساط الوافدة إن أرادت الاندماج محلياً وفق شروطٍ غير مكتوبة بل مُعاشَة يوماً بعد يوم بأساليب مريحة ، آخرها من حيث النبل والاعتزاز بالنفس أن التطوانيين لا يتقنون التسوّل في أي مرحلة من أعمارهم ، تظل أيديهم نظيفة من هذه العادة الرخيصة ، مستعدة لتحمُّل أصعب متاعب أي عمل شريف لتوفير لقمة في الحلال ، ومهما كان الدَّخل يتعرَّض لبرنامج صَرْفٍ يُقارِب الحصول على أقل الضروريات والتَّوفير للغد ، فجاء التنظيم عندهم أساس التدبير العام لشؤون خاصة ، مرتبة حسب الحاجة اليومية المتقنة الإعداد فالاستهلاك ، مرتبطة بفرض أناقة المَظهَر عند الخروج للهواء الطلق كما يستحق فيهم الجوهر إتباعاً لتربية ساهمت في الوصول بالعقلية التطوانية لحد النزوع لعدم الاختلاط بمن يعاكسها أخلاقاً غير مضبوطة على قيم الخير ، أو البعيدة عن قناعة للقدَرِ فيها حضور ، وليست تابعة لشهوة تقود لعذاب القبور ، فتولَّدت الشخصية التطوانية عن تدرُّجٍ حميد مفعمٍ بتقدير الجمال ، والتعامل معه بما يلزم من إجلال ، وفق اعتناقٍ لدين تَرَبُّوا على حُبِّه الأزيد جمالاً والأكثر تقبُّلاً للتبجيل المصاحب الأفعال الطيبة النائية عن شوائب ولو التطلُّع لحقوق هي للآخرين رزقهم المكتوب عليهم في الفانية . فكانت هذه العناية لرعاية التطوانيين الخالصة للدين أداء للفرائض ، وتأسيساً لزوايا تذكر الله بغير انقطاع ، وتُطعِم بدون أطماع ، وتناصر بلا صُداع ، وتزيح المنكر والكل يُبصر ويسمع ، بلا وجلٍ ولا تفكير في ضياع ، بفضل الله تحيا وترحٍّب بالآتي من عنده  سبحانه وتعالى أكانت من الأفراح أو الأوجاع .

التطوانيون مُسالمون لا يستسلمون ، يقولون كلمتهم ويقفون لسماع الجواب ، إن أعجبهم ساهموا في النقاش بما يضيف ، عن أفكار لا تُخيف ، تحمِّل المسؤولية لمن يتلقاها وينصرف ، مادام حضر تلبية لتعليمات عمق مفاهيمها أجوف ، تخص نشاطها على توفيت الصيف ، وبقية الفصول تخص نفس الازدحام على أخذ نفس الصف ، وكالأشجار أصناف ، حظ التطوانيين معرفتهم التكيف مع الصفصاف ، حيث لحاؤه يحارب الفيروسات على اختلاف الأصناف. ولا مرة تبت عليهم مجرد التقرَّب من شجيرات القنب الهندي ، وتلك من أروع المشاهدات عندي، مكتوبة بحبر لا يتبدَّد لونه على ورق ٍمقوَّى موضوع كدليل ثمين ضمن وثائق وصور داخل صندوق حديدي ، يلخص ذاك اللقاء بيني ووالي ولاية تطوان (محافظ محافظة تطوان) الدكتور بلماحي ونحن نتناقش حول العملية المنتهية بنجاح منقط النظير حيث طُبِّقت تعاليم وزير الداخلية بالخرف  الواحد ، فكانت النتيجة أن تم القبض على جميع أباطرة المخدرات المنتسبين للناحية كبيرهم كصفيرهم في ظرف أسبوع واحد لا غير ، وحالما انتبه لضحكاتي سألني : لما تضحك؟ ، أجبته : الولايات المتحدة وما أدراك ما هي ، صرفت أكثر من خمس سنوات وما صاحب ذلك من صرف ملايين الدولارات ليتسنى لها مؤخرا القبض على إمبراطور مخدرات واحد ، وانتم هنا جمعتهم كلهم في كيس واحد في ظرف سبعة أيام ، لا تفسير لي سيادة الوالي عما حدث سوى أنكم تعرفونهم واحدا واحداً وليسوا ببعيدين عن أعينكم وما شكوا لحطة أن نهايتهم ستكون بهذا الشكل على أيديكم ، ثم أنهيت كلامي بسؤال : أمنهم من ينتمي لتطوان من التطوانيين الحقيقيين أباً عن جد ؟ . نظر إلي مُطولاً وقال : التطونيون الذين تعنيهم يا أستاذ منيغ لا علاقة لهم بمثل المجال لا من قريب أو بعيد . انصرفتُ بعدما تمكَّنتُ من الاطلاع على أسماء المقبوض عليهم .   

اترك تعليقاً