من المسلَّم به أن موقف رئيس الأركان يرتكز على تقدير وضع أجراه الجيش لواقع الحرب ومستقبلها في ضوء المتغيّرات التي يشهدها الميدان، وأيضاً ربطاً بـ«بنك الأهداف النوعي» الذي من الواضح أنه استُنفد عموماً. وخلص هذا التقدير إلى أن الحد الاقصى الممكن أن يحققه الجيش هو ما تحقّق، وبالتالي على القيادة الإسرائيلية العمل على محاولة تحويله إلى إنجاز سياسي. في المقابل، فإن استمرار الحرب يعني المراوحة على مستوى الإنجازات الجدية التي يمكن الرهان عليها في تغيير معادلة الحرب، بعدما نجح حزب الله في احتواء مفاعيل الصدمات المتتالية التي تعرّض لها.
اللافت ان موقف رئيس الأركان جاء بصورة علنية، وقد يؤشر على وجود تباين مع المستوى السياسي. ويمكن التقدير أن هليفي يحاول التنصل من المسؤولية إزاء ما يتوقعه من نتائج قاسية لاستمرار الحرب، ويريد بذلك رمي المسؤولية في أحضان السياسيين. لكن لا يعني موقف رئيس الأركان أن الحرب ستتوقف غداً، لأن القرار النهائي هو لدى الحكومة ونتنياهو الذي لا يزال مصراً على استمرارها. لكنه موقف يدل على أن مفاعيل الميدان بدأت تترك أثرها في تقديرات وتوصيات الجيش، وهو شرط رئيسي لقرار وقف الحرب لاحقاً، إذ من الصعب على المستوى السياسي في أي وقت وقف الحرب في حال كان الجيش يعارض ذلك. مع الإشارة إلى أن أهم مؤشرات فعالية المقاومة، يبرز في ارتفاع مستوى تأثير عملها الميداني على المستويات الأمنية والسياسية في صفوف من تقاتلهم. وفي هذه الحالة تتوفر الأرضية لمسار تراكمي يؤسس لتحولات، لكن يجب مراقبة تفاعلها مع متغيّرات مرتقبة، من ضمنها المسار الإيراني – الإسرائيلي. على ان الاهم، هو أن الاستعداد الفعلي لمعركة طويلة يلعب دورا في تقصير مدتها، ما يجعل محور اهتمامنا هو نتائج الحرب أولاً كونها سترسم مستقبل لبنان والمنطقة لسنوات، وربما لعقود.