السيمر / الأربعاء 28 . 12 . 2016 — عكفت القوات التركية حاليا على تنظيم مشاركتها في المعارك الدائرة حول مناطق شمال سوريا، في الوقت الذي تتقدم فيه هذه القوات بدعم جوي وتحظى بموافقة روسية أمريكية، في مهمة اعلن عن انها موجهة ضد تنظيم داعش في بادئ الامر.
المهمة العسكرية التركية المعروفة باسم “درع الفرات”، تبين لاحقا ان لها اهداف أخرى غير القضاء على التنظيم في مناطق انحسر فيها نفوذه من الأساس، حيث اثبت بان التوجه العسكري الحقيقي، كان موجها ضد الفصائل الكردية الانفصالية التي تقاتل داعش في شمال سوريا، في سعي تركي واضح لايقاف تمدد سلطة هذه الفصائل، الى الدرجة التي تمكنها من إقامة موطئ قدم لها على الحدود التركية، معلنة فيه قيام دولتها الكردية.
من تبعات تلك العملية، وقوع الولايات المتحدة، التي تعد الفصائل الكردية حليفا أساسيا في الحرب ضد التنظيم، في حرج امام العالم لعجزها ردع تركيا عن تدمير الأركان غير المكتملة للدولة الكردية السورية، ففي الوقت الذي تجد فيه الولايات المتحدة بان حليفتها تركيا، تشن عملية عسكرية ضد حليف اخر، وهو الاكراد، يرى الاتراك وبشكل صريح، ان الانفصاليين الاكراد وداعش هما ذات العدو، اذ تساوي بينهما في الوصف كإرهابين.
الامر استمر على هذا النحو خلال هذا العام، لياتي العام الجديد بمعطيات متباينة غيرت من المعادلة على الأرض، فبعد الصمت الأمريكي عن حراك الاتراك ضد حلفائها الاكراد، جاء التنظيم بفعل جديد، غير من الموازين، وربما حول الاهتمام التركي نحو التنظيم، بذات القدر الذي يوليه لقتال الانفصاليين الاكراد.
تنظيم داعش وخلال مقطع فيديو قام بنشره مؤخرا، أقدم على اعدام جنديين تركيين حرقا وهم احياء، في سابقة أولى من نوعها تحدث مع عسكريين اتراك، الامر الذي وضع الحكومة والجيش التركي في موقع حرج لعدم قدرتهم على الاخذ بثأر اسيريهما المعدومين، هذه المتغيرات الجديدة، ربما دفعت بالجيش التركي الى ان يضع في الحسبان قتال داعش، بذات الجدية التي يوليها لقتال الانفصاليين الاكراد، على الرغم من ان تركيا لم تخف ابدا نيتها استهداف الاكراد بشكل أولى من التنظيم منذ بدا العمليات.
العلاقات بين التنظيم وتركيا بدات تسوء بعد كشف صلات تربط الجانبين بعلاقات مبنية على مصالح سياسية واقتصادية، تركيا رات في نمو التنظيم فرصة لتنشر قواتها مستهدفة الانفصاليين الاكراد المرتبطة بهدنة معهم، بالإضافة الى الموارد المالية التي استحصلت عليها تركيا من توفير ممر امن للتنظيم، لتصدير مواده واستيراد متطلباته.
لأجل استعادة ثقة الحلفاء، شنت تركيا الحملة العسكرية المذكورة مع ذات الأهداف والدوافع التي جعلتها تغض الطرف عن نمو داعش على حدودها الجنوبية، حيث يرى المحللون ان تركيا كانت مستفيدة من كل الأوضاع التي يمكن ان تخرج بها سيناريوهات المنطقة، الا ان اعدام جندييها، اتى بشكل غير مدروس ومتوقع، مما سبب رد الفعل الشاخص عبر التحشيدات العسكرية الأكبر، والتي قد تكون أيضا مدفوعة، بمحاولة اظهار جديتها في محاربة المتطرفين الإسلاميين، بعد حادثة اغتيال السفير الروسي على أراضيها خلال الشهر الحالي.
في النهاية، فان ما تقدمه تركيا على الطاولة كدولة لا يشذ ابدا عن مصالحها التي نجحت في ان تجدها في كل وضع مر على العراق وسوريا، وعبرهما، الامر الذي يشير الى ان نهاية التنظيم المتوقعة في العراق قد لا تاتي ضمن اجندات مصالح تركيا، ولهذا، فانها تستعد لما قد لا يكون في حسبانها، بعد انتهاء القوات العراقية من التنظيم في الشمال، وظهور الصراع السياسي الاجتماعي بدلا من العسكري في موضوعة تقرير مصير مدينة الموصل، التي لن تتردد تركيا في ابداء الآراء بشانها، سواء بتدخل مباشر او بدعم اطراف محلية عراقية .
وان نيوز