عبد الجبار نوري
توطئه /هناك أحداث جسام في التأريخ العربي الأسلامي ، وخاصة عندما نتوغل في سبره العميق وزاياه المظلمة نتلمس واجهة مظلمة فعلاً في العهد الأموي ، تلك الحقبة السوداء التي تجلت فيها حكومة ” نظرية الحق اللآلهي” وحسب آيديولوجية دينية راديكالية ، وأحياناً متشددة ، تحكم بموجب ( (منطق القوّة لا قوّة المنطق ) لتحافظ على كرسي الحكم ( قُدِس سرهُ )، ويشرعن لنفسه البقاء وبالتسلسل الوراثي المقيت كما فعل ” معاوية ” حين أغتصب الخلافة بقوة السيف والدينار الشامي والولائم الدسمة ، مخالفاً أبسط المباديء والقيم الخلقية عندما مزّق ورقة العهد بينهُ وبين البيت الهاشمي ، والذي يعتبر وشماً أسوداً بارزاً في ذاكرة تأريخ بني أمية ، المتمثلة بفتوى الظلالة ” الخروج عن طاعة الحاكم المتسلط على رقاب العباد يعتبر كفراً يستحق الموت ” وهذه الفرية الغريبة والمرعبة تعتبر ورقة جاهزة لسحق الكثير من الثورات والأنتفاضات وكم الأفواه ومنها ” ثورة الحسين” حيث يقول علماء السوء والظلالة قي يومنا هذا { خرج سيدنا الحسين على سيدنا يزيد } أي منطق في هذا القول ؟ شتان بين الثرى والثريا .
العرض /أنّ أستذكار ثورة عاشورا أو معركة الطف أو واقعة كربلاء 61 هجرية -680م في أرض كربلاء العراق بين الجيش الأموي الحاكم – في عهد يزيد أبن معاوية – بتعداد أكثر من 30 ألف من جند الشام جلهم مرتزقة متخاذلين أنتهازيين علماء وعاظ السلاطين لنيل جائزة الأمير ولم يحصلوا عليها ، وبين الحسين أبن علي وعيالهُ وأصحابهُ بتعداد 80 رجل فقط ، يبدو عدم التكافؤ واضحاً بين الفئتين في العدة والعتاد بالأضافة إلى شراسة العدو وتجرده من أبسط قبم الأنسانية والفروسية عندما أقدم على حرق خيام عياله ، وسبي نساءه وقطع مياه نهر الفرات عن جيشه ، والحصيلة النهائية حُسمتْ لصالح جيش يزيد بقيادة عبد الله أبن زياد وعمر أبن سعد أبن أبي وقاص في اليوم الثالث من شهر محرم الحرام ، ولكن أرشيف التأريخ المنصف للشعوب المقهورة التواقة للحرية والأنعتاق سجل للحسين وأنصاره مآثر ثرة في الخلود والذكر الحسن والأباء والصبر والصمود ، فتحولت تلك القيم والمثل إلى مؤسسة أممية ، سميت ب( مدرسة الحسين) يدرس فيها ثقافة ” التغيير” لمعالجة الأوضاع السيئة بثورية وجذرية ، لذا نستشف ونستقرأ هذه العبر والدروس التي صارت خارطة طريق للثوار في مساحة واسعة في تأريخ الشعوب وهي :
1 –وجد التأريخ في شخص قائد المعركة ” الأمام الحسين “طوداً شامخاً في الأباء والصبر والصمود ، والتضحية في سبيل المباديء النبيلة ، بدل الخنوع والذلة وهو القائل :{ أرى الموت آلا سعادة ، والحياة مع الظالمين ألا برماً وسأماً } ، فقد جمع الحسين جميع صفات القائد المحنك ، بشجاعة نادرة ، فلم ينحني بالرغم من مقتل أولاده ، وأخوته وأعز أصحابه ، فلم يركع حين تمزّقت رايتهُ ولم ( تُنكس ) وحين تمزقت أشلاءهُ ولم ( يركع ) ولم ( (يهن)أي جبلٍ أنت يا مولاي؟؟؟.
2- أنها حربٌ عقائدية عند الحسين وأتباعه وهو القائل { لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً أنما خرجتُ لطلب أصلاح الأمّة ، وأصلاح أخلاقي في ضياع أبناء جيلهِ وهنا قال الأديب اللبناني ” جورج جارداق ” كان جند يزيد يقولون كم تدفع لنا من المال ؟ أما أنصار الحسين يرددون { لو أننا نُقتل سبعين مرّة ، فأننا على أستعداد أنْ نُقتل أخرى } وأنها عزة العقيدة في أعظم تجلياتها حين تكون الشهادة في سبيل الحرية أرفع وأسمى شهادة يكتبها التأريخ في أرشيفه السرمدي ، وأنّ الشهادة تزيد في أعمار المستشهدين ( حين نرى أستشهاد ” عبد الله الرضيع ” الذي يعتبر اليوم من كبار عظماء الرجال .
3- وسجل الحسين للشعوب المقهورة والمضطهدة اللاحقة ” ثقافة الثورة والتغيير لتحقيق بيئة صحية نظيفة في السياسة وأدارة الحكم ورعاية الأمة والعجيب أن ذكرى عاشورا الثورة تتكرر في كل عام مختزلة الزمن والمكان ، وعلى خطا المدرسة الحسينية أنتفض الشعب العراقي بأغلب محافظاته بتظاهراته المعروفة بتظاهرات “ساحة التحرير ” لمرور العراق بأسوأ فترة مظلمة وسوداوية منذ تأسيسه ، ومرور 13 سنة وقيادة فاشلة تمزقها المحاصصة ، ترتبط بأجندات خارجية ، وأصبح وطننا في مهب الريح ويعبث فيه لصوص المال ومافيات التخريب ووقف الشعب على خزينة خاوية ومُصفّرة ، وأنعدام أبسط مقومات الحياة ، والميليشيات تجوب البلاد عبثاً وتخريبا ً وباعوا الوطن العزيز للأجنبي بأبخس الأثمان ، وبألف أبي ” رُغالٍ” سلموا مفاتيح الوطن لأسوأ محتل داعش ليدير مقود سفينة العراق إلى الوراء بألفٍ ونيّف من السنين لتحكم بنظام الخرافة التي فشلت في وقتها في أستيعاب الجميع ،
4- فضحت نهضة الحسين علماء السوء وعاظ السلاطين .
5- أنّ نهضة الحسين فكرة وليس دم ، أنها ثورة وعَلَمْ ،
الأمام الحسين في أقوال فلاسفة ومفكرين وقاده ——————————————–
-الكاتب آرنست همنكواي / أنّ الحزن الذي سببه مصرع الحسين ظلّ يلتهب في قلوب الناس سبب الفاجعة الأليمة التي أقترفتها تلك الزمر المتعطشة لدماء الأبرياء .
– الرئيس التركي ” كمال أتا تورك ” / أنّ الحسين علّمنا دروساً في النضال والصمود ، لذلك أنتصرنا على أعدائنا .
– كولد فالدهايم / الأمين العام السابق للأمم المتحدة / الحسين تأريخ حافل بالمآثر والتضحيات من أجل أحقاق الحق ودحر الباطل .
– هتلر/ الزعيم الأماني مخاطباً جيشه { أثبتوا في القتال كما ثبت الحسين أبن علي وهم نفر قليل بين ألوف تفوقهم عدداً ، فنالوا بذلك الشرف الخالد
الخاتمة / أستميحك العذر سيدي ومولاي لا تصدق بعض حكامنا بكاءهم ولطمهم عليك ومسيرتهم الراجلة ، ولبسهم السواد ، فأنهم أستباحوا أمة جدك ” محمد ” فأنّ قلوبهم معك وسيوفهم عليك كما قال لك الشاعر” الفرزدق ” عن أخبار أهل الكوفة ، وما أنت يا حسين بطائفة أو فئة بل أنت أمّة للنهوض بل أنت ثورة ووعي ونهضة ، وأنت ملك ليس كباقي الملوك ، وأمير ليس كباقي الأمراء ، وقائد ليس كباقي القادة ،وأنت يا أبا عبد الله شامة في جبين آل بيت رسول الله ، فحبك أيمان ، ومبغضك منافق ، فثورتك النار الكبرى التي أحرقت يابس فساد الحكم الأموي لتخضر الأرض ثانية بما سقيتهُ بدمك الشريف ، فأين نحنُ من الحسين ؟ أنّهُ والله دستور أممي أنساني ، وأنّي أقف بأجلال أمام مقولتك الثورية { مثلي لا يبايع مثله }