الرئيسية / مقالات / أين كنا وأين صرنا ؟؟

أين كنا وأين صرنا ؟؟

كاظم فنجان الحمامي

لا مجال للمقارنة بين ما كانت عليه أساطيلنا وطواقمنا في السبعينيات، وبين ما آلت إليه أحوالنا في هذا الزمن العجيب، لم تكن في تلك الأيام دولة خليجية واحدة تضاهي حجم سفننا من حيث اجمالي حمولاتها المتنوعة، ومن حيث انتشارها الواسع، ومن حيث تعاملاتها المباشرة مع أرقى الموانئ العالمية. أما الآن فقد تفوق علينا الأقزام والقراصنة، حتى لم يبق وراءنا وراء.
صار الأسطول الإيراني هو الأكبر والأشهر على الصعيد العالمي، ولسنا مبالغين إذا قلنا أنه أكبر الأساطيل بلا منازع. بينما أحرز الأسطول الكويتي قصب السبق عربياً وإقليمياً بما يمتلكه من سفن الحاويات العملاقة التي تنتمي إلى أحدث الأجيال، في حين حققت الأساطيل السعودية والقطرية والإماراتية والبحرينية والعمانية ما لم تكن تحلم به إقليمياً وعالمياً.
في السبعينيات كانت ناقلاتنا العملاقة تقطع المحيط الأطلسي جيئة وذهاباً في رحلاتها المكوكية بين أمريكا الجنوبية وموانئنا النفطية، وكانت سفن النقل البحري تعانق صواري الموانئ الأوربية واليابانية، وكانت سفن الصيد العراقية تصطاد الأسماك عند مقتربات جزر الكناري، وفي مضيق موزمبيق، وحول القرن الأفريقي، وجزر القمر، ناهيك عن اتخاذها من السواحل الموريتانية مستقراً دائماً لها. وسجلت السفن الخدمية التابعة لموانئنا أعلى أرقامها في تنفيذ عمليات الإرشاد والإقلاع والإرساء والحفر والتعميق والمسح والانقاذ ومكافحة التلوث. وأسست الدولة في تلك الأيام مجلس البحرية الأعلى، الذي أخذ على عاتقه بناء الأكاديمية البحرية، وتوسيع قدرات أسطولنا الوطني، والارتقاء بطواقمنا المحلية إلى المستويات العالمية المرموقة.
كم تمنيت أن يهتم بنا زعماء العراق في المرحلة الراهنة، فيبذلوا الحد الأدنى من جهودهم في سبيل استعادة امجادنا القديمة، وأن يحثوا الخطى في هذا المضمار أسوة ببقية الأقطار الخليجية، التي كانت تجهد نفسها للحاق بأساطيلنا من دون أن يحالفها النجاح ولو مرة واحدة في امتلاك المؤهلات الملاحية والمينائية، التي تمنحها القدرات الذاتية على محاكاة قفزاتنا النوعية، التي انفردنا بها في تلك الأيام.
لكننا لم نجد الأذن الصاغية، ولم نلمس الاهتمام والرعاية منذ عام 1980 وحتى يومنا هذا، فذهبت صيحاتنا أدراج الرياح، من دون أن نحقق أحلامنا المؤجلة بتأسيس السلطة البحرية العراقية، وفشلنا حتى الآن في إدخال التعديلات المرجوة على قانون الخدمة البحرية المدنية رقم (201) لسنة 1975. ثم جاءت توصيات سلم الرواتب بصيغته التعسفية المفاجئة لتضيف عبئاً جديداً على أعبائنا القديمة المتراكمة، وتحرمنا من أبسط استحقاقاتنا الوظيفية.
لم نكن نتوقع أن تخطط الدولة لمنح مخصصات إضافية بمقدار 100% للعاملين في المهن البيطرية في الحقول والأرياف، بينما تلغى المخصصات البحرية والملاحية الممنوحة لرجال البحر، الذين يواجهون الأمواج العاتية، ويتحملون صخب البحر وتقلباته المخيفة،
مما يؤسف له، أنه في الوقت الذي تقوم فيه الأقطار الخليجية بتوفير أقوى مقومات الدعم والأسناد لسفنها وطواقمها، تصمم الدولة العراقية جداول الحرمان، لتضعنا خارج الاستحقاقات الإنسانية التي أقرتها منظمة العمل الدولية. والحديث ذو شجون