السيمر / الخميس 11 . 01 . 2018
صالح الطائي
أسهب المفسرون في شرح قوله تعالى: {وإذا النجوم انكدرت} الآية الثانية من سورة التكوير، وسيكون حديثنا عن معنى (انكدرت) تحديدا لأن رؤاهم لم تكن إلا محض خرافة تتعارض مع العلم والمنطق، بما يعني أننا بحاجة ماسة لأن نعيد النظر بموروثنا الإسلامي لتنقيته من الخرافات والاسرائيليات والآراء الشخصية والاجتهادات.
ولنأخذ بداية المعنى اللغوي للكلمة (انكدرت)، حيث جاء في مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني قوله: “الانكدار: تغير من انتثار الشيء.. وأنكدر القوم على كذا: إذا قصدوا متناثرين عليه” وفي قواميس اللغة: انكدر المتسابق في سيره: أسرع. وانكدر عليه القوم: انصبوا عليه. وانكدرت النجوم: تناثرت. وانكدرت النجوم: أظلمت، وذهب نورها.
بمعنى أن لانكدار النجوم معنيين وليس معنى واحدا، الأول: تناثرت، والثاني: أظلمت وانطفأ توهجها. والمعنى الثاني يتساوق كليا مع تفسيرهم آية (إذا الشمس كورت) بقولهم: معنى ذلك: إذا الشمس ذهب ضوؤها، فتكون النجوم مثلها قد ذهب ضوؤها هي الأخرى، لكن حينما ترد عن أحد الأقدمين معان واقوال تصب في الاتجاهين فذلك هو الذي حفز البعض فاختار قولا وحفز غيرهم فاختاروا الآخر، ومن نماذج ذلك ما نقله الطبري في تفسيره، عن ابن عباس، قوله: (إذا الشمس كورت)، يقول: أظلمت. وفي قول آخر: (إذا الشمس كورت) يعني: ذهبت. وجاء التابعون فتأثروا بكلي الرأيين أو بأحدهما، ومن هؤلاء: إسرائيل ومجاهد وقتادة وسعيد والضحاك.
أما أبو صالح وربيع بن خثيم وابو يعلى، فقالوا: (إذا الشمس كورت) يعني: نكست، ألقيت، رمي بها. بمعنى أن النجوم والكواكب ستتبعها في المصير نفسه، فطفأ ويلقى بها. وهم إن لم يختلفوا كثيرا في معنى التكوير، فإنهم تطرفوا في حديثهم عن الانكدار وآليته، فقالوا في معناه:
الربيع بن خثيم ومجاهد: تناثرت.
قتادة وابن زيد: تساقطت.
ابن عباس: تغيرت.
وكلها معان تصب في معنى واحدا لا غبار عليه، وهذا لا يخلق مشكلة تذكر، المشكلة الحقيقية كانت في آلية وقوع الحدث، سواء كان سقوطا أو تناثرا أو تغيرا، فقال أبو عبد الله المحاسبي في كتاب الوهم: قيل إنها تناثرت من بين أيدي الملائكة الذين كانوا يحملونها؛ لأنهم يموتون. وهناك من قال: إن الكواكب كل الكواكب معلقة بين السماء والأرض بسلاسل بأيدي ملائكة. من هنا، قال المحاسبي: “أصل الانكدار: الانصباب، فتسقط في البحار، فتصير معها نيرانا، إذا ذهبت المياه”.
ولا أدري لماذا لم يأخذوا بقول ابن عباس مثلا، وهو قول الكاف الشاف، فذهب كل منهم مذهبا يجعل أفكار المسلمين سخرية للأمم الأخرى، ولاسيما في حديثهم عن السلاسل التي علقت بها الكواكب، وأنها سوف تسقط بسبب موت الملائكة الذين يحملونها، مع ان المنطق والعقل والعلم يرفض فكرة السقوط إلى الأسفل ويؤمن أنها سوف تتناثر في الفضاء في كل الاتجاهات إذا ما أمر الله تعالى أن تتناثر!.