السيمر / الخميس 06 . 09 . 2018
رواء الجصانـي
1/ عبد الكريم قاسم، وجـهٌ آخـر
تتغلب العواطف في الكثير من الاحيان، فيجري التركيز على الايجابيات والصور الجميلة، مع نسيان او تناسي الموضوعية في الاشارة الى جوانب أخرى، مهمة بل وضرورية، لتكتمل الحقيقة، ويتوثق التاريخ .. وهكذا هو الامر مع العميد / اللواءعبد الكريم قاسم، الرجل الابرز بعد احداث تأسيس الجمهورية العراقية الاولى في 14 تموز 1958.
ومن المؤسف ان يطغي مثل ذلك الواقع حتى على كتابات وبحوث متخصصين ينسون او يتعمدون اغفال الوجه الاخر لعبد الكريم قاسم، ودوره غير المباشر في تمهيد الطريق لأنقلاب البعث الدموي في شباط 1963. اضافة لاجراءاته وسياساته القمعية، تجاه قوى وطنية محسوبة، أو حُسبت عليه، ومن بينهم الشيوعيون العراقيون وانصارهم، وذلك ما هو مثبتٌ في وثائق وبيانات الحزب الرسمية والعلنية، التي وصفت حكم “قاسم” في حينها ولمرات ومرات بـ”الفردي الدكتاتوري”.
2/ حقائق عن وصفـي طاهر
ارتباطا بما تقدم من سطور، يطلق بعض الاعلاميين والمؤرخين، وحتى السياسيين، عن العقيد/ العميد الشهيد وصفي طاهر، صفة يرونها الأبرز، وهي “المرافق الأقدم” للعميد/ اللواء عبد الكريم قاسم، ناسين، أو غير عارفين بأنه كان محور اللجنة العليا للضباط الاحرار التي قامت بحركة الرابع عشر من تموز عام 1958 فانهت الحكم الملكي، وأقامت النظام الجديد،
وللعلم والتوثيق فقد كان وصفي طاهر، من ابرز قيادات الحكم الجمهوري الاول، وقد رفض وفق المصادر المطلعة، تسلم اي منصب رسمي في ذلك العهد، رائيا بأن الاهم بالنسبة له ان يكون وسط مركز القرار، ومن هنا تولى مهام ما يمكن تسميته “الامين العام لرئيس الوزراء” يومئذٍ، اي عبد الكريم قاسم، فترات طويلة، وحتى قرار الاخير تجميده عمليا، ضمن الاجراءات الفردية الهوجاء التي اتخذها، وادت الى ما ادت اليه، في تسهيل وصول الانقلابيين من غلاة البعثيين للسلطة في الثامن من شباط الاسود عام 1963.. وليستشهد وصفي طاهر خلال مقاومته الانقلاب .
3/ دعوا رجال الدين والمرجعيات، وشؤونها
ينتقد العديدون ، حديثا وكتابة، دور رجال الدين في المجتمع العراقي، ويطلقون ذلك – في الاغلب- بلا استيعاب لخطورة الطرح، وعموميته، وشموليته .. بل ويتمادون في ذلك لحـد المساس بمرجعية النجف العليا، وعدد من المرجعيات الاخرى، غافلين بانهم يؤججون بذلك، شاؤوا ام أبوا، الغلـوّ الذي يشهده المجتمع العراقي منذ سنوات .. وغافلين ايضا انهم بقسوتهم، وتماديهم انما يبتعدون عما يهدفون اليه – بحسب قناعاتهم طبعا – على طريق فصل الدين عن الدولة، ودون ان يراعوا في ذلك الظروف الموضوعية، والتاريخية، والوعي المجتمعي العام.
نقول ذلك ونقصد المواطنين، وما علينا بالطائفيين القاصدين عمدا تأجيج الفتن، ولأغراض مقيتة اخرى .. وأولئك المقصودون، انما يستفزون بشموليتهم، وأطلاقيتهم، الملايين الملايين من العراقيين، ومن بينهم امهاتهم واباؤهم وذويهم، الذين يوالون، قناعة أو عاطفة، مقدساتهم، ومن ابرزها المرجعية النجفية العليا… كما نرى هنا اهمية الاستذكار بان تلك المرجعية، وعلى سبيل المثال لا الحصر- انقذت البلاد من شرور وعنف الاحتراب الطائفي، مرات ومرات، وارهاب “داعـش” عبر فتواها بالجهاد الكفائي، ولا نضيف اكثر..
4/ الجواهري، وبذاءة “سلْ مضجعيّك..”
منذ سنوات ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك منابر اعلامية يُفترض ان تكون دقيقة ومحترمة، تنشر كتابة مبتذلة، نسبها بسطاء ومغفلون – ولربما بعض المتعمدين- على انها “قصيدة!” للجواهري الكبير، انتقادية للدكتاتور السابق صدام حسين.. وبرغم كل التوضيحات من المعنيين والادباء والمتابعين، ألا ان هناك أصرارأ غريباً ما يزال ينفـذ لنسب تلك البذاءة للشاعر الخالد ..
ولكي لا نطيل الحديث عن أمر لايستحق الاطالة، دعونا نعيد هنا ايضاحاً نشره د. عدنان الاعسم، المسؤول في مركز الجواهري في براغ، حول الموضوع، بتاريخ كانون الاول 2012 وفيه ما فيه من الكفاية على ما ندعي، ونصّه: ” تسلم مركزنا، وما زال، رسائل واتصالات عديدة، من أصدقاء ومتابعين، يستفسرون فيها عن صحة ما سمي قصيدة ” سلْ مضجعيكَ … أأنت العراقي ام أنا” التي ينسبها البعض إلى الجواهري… وبهذا الصدد فان مركزنا المعني – كما هو معروف – بتراث وأرشيف ووثائق الشاعر الخالد، يؤكد ومن جديد،ان تلك “الكتابة” المليئة بالأخطاء النحوية والاملائية وغيرها، والفاقدة لأي وزن أو موسيقى أو روي او عروض، لا صلة لها بأية حال، لا من قريب، ولا من بعيد، بأسلوب الجواهري ومنجزه الابداعي، مما تطلب التنويه والتوضيح الضروريين بشأن الموضوع، ونرى بان الاصرار على غير ذلك، تقصداً في الاساءة للشاعر العظيم…”.
5/ هل ثمة إشكالات بين العراقيين في الداخل والخارج ؟!
الفوارق بين عراقيي الخارج، وعراقيي الداخل، ضجة بل “أسطوانة” يُعاد تكرارها بمناسبة أو غيرها، وقد أزدادت بشكل أو آخر بعد سقوط النظام الارهابي في نيسان عام 2003 والى اليوم، وفيها بعض الواقع، ولكن الطغيان هنا لغير ذلك..
وإذ يجئ الامر بوعي حيناً، وانفعالاً حينا آخر، نزعم بأن وراء اطلاق وتداول هذه التسمية يقفُ: عدم، أو قلة إطلاع وغفلة من البعض، وغبطة بعض آخر من “عراقيي الداخل” لحال يتصورونها عامة عند اقرانهم العراقيين في الخارج. وكذلك ايضا، وهذا مهم: اندفاعات عدد من المعنيين “المغبوطين” في نشر كتابات وتصريحات متعالية، وربما توجيهات حتى، لمواطنيهم في الداخل، وهم في عزّ بلاء وأبتلاء البلاد بالأرهاب والفساد، والظروف المعيشة الصعبة والقاسية لجماهير غفيرة في بغداد وغيرها من المحافظات…