الرئيسية / مقالات / التوتر القائم بين الهند والباكستان تأجهه أمريكا واسرائيل

التوتر القائم بين الهند والباكستان تأجهه أمريكا واسرائيل

السيمر / الاثنين 04 . 03 . 2019

د . ماجد احمد الزاملي

يعتبر إقليم جامو وكشمير من الناحية السياسية منطقة متنازعاً عليها بتعريف القانون الدولي، وقد قامت الهند بضم الإقليم لها في 27 أكتوبر 1947 وفرضت عليه حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب الكشميري وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير ,وقضية كشمير العالم باجمعه يدرك خطورتها على الامن والسلم العالميين في منطقة سكانية ضخمه وتمتلك دولها الاسلحه النووية. وعندما قسّمت القارة الهندية بين الهند وباكستان ظهرت مشكلة الإمارات الوطنية، حيث كان للولايات حق الاستقلال أو الانضمام إلى أي دولة من الدولتين حسب ما يقضي به نص البند الثامن من قانون استقلال شبه القارة الهندية الصادر سنة 1947، بعد إلغاء السلطة العليا للتاج البريطاني عن ربوع الهند وابطال جميع المعاهدات السابقة تبعاً لذلك. وما أن أعلنت باكستان دولة مستقلة وجدت نفسها انها انها خالية الوفاض ولم تمتلك شيئاً يذكر من وسائل تسيير الإدارة. كما أن الهندوس في كشمير رفضوا دفع الضرائب لحكومة الباكستان ،مما ادى الى عجز باكستان عن دفع رواتب موظفيها فوقعت الاضطرابات وعمت الفوضى واستحوذ القلق على النفوس فارتبك وضع الدولة الوليدة. والى يومنا هذا لا يمكن ان يكون هناك حل دائم في القارة الهندية وسلام شامل دون حل لقضية كشمير ، حيث ان الشعب الكشميري يقاوم الإحتلال الهندي منذ سبعين عاماً ، كما ان كشمير منطقة ذات نزاع حدودي بين باكستان والهند . عندما بدأ حزب المؤتمر الحاكم في الهند بالانهيار التدريجي، وبدأت تحكم البلاد حكومات ضعيفة، استطاعت إسرائيل، ونتيجة للخلافات العرقية والمذهبية، أن توجد كتلة في البرلمان الهندي من مختلف الأحزاب أطلق عليها اسم” أصدقاء إسرائيل في البرلمان.” وأثارت هذه الجماعة موضوع إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل. كذلك طالبت الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل حزب “جانسنغ” المعارض و “سواتنترا” الهندوسي الذي يعتبر من أكثر الأحزاب اليمينية تطرفاً، بالاعتراف رسمياً بإسرائيل وإقامة العلاقات الكاملة معها. وقد بدأت محاولات عديدة لزيادة النشاط الاقتصادي والتجاري بين الجانبين في الستينات والسبعينات. وبلغ هذا النشاط مستويات عالية في الثمانينات في ظل حكم راجيف غاندي. واثر تطبيع العلاقات بين البلدين في مطلع التسعينات شمل التعاون المشترك مختلف المجالات العسكرية والعلمية والتكنولوجية والزراعية، إلى السياحة والطيران. إسرائيل من جهتها تكشف عن جوهر علاقتها مع الهند؛ فبالإضافة الى كون هذه الأخيرة تشكل سوقاً عسكرية لبيع إنتاجها من الأسلحة والأجهزة الإلكترونية التي كان آخرها صفقة طائرات الآواكس الخاصة بالاستطلاع والتجسس، وإلى كونها سوقاً تجارية واستهلاكية ضخمة تقدر بنحو مليار ونصف نسمة، فانها ­أي إسرائيل­ تتجه لتسخير الهند في مواجهة دول معادية بعيدة عنها، على قاعدة تفاهم استراتيجي حول التشابه الجيو سياسي بين الطرفين المحاطين ­حسب الرؤية الإسرائيلية­ بدول قوية ومعادية. دور إسرائيل الداعم للهند في المناورات المشتركة، التي صورها الإسرائيليون، بين وحداتها من القوات الخاصة وتلك المرسلة من الهند لتدريبهم في صحراء النقب، ومرة أخرى مع كل الخبرة التي تعلمتها إسرائيل في غزة وغيرها من جبهات القتال التي تعج بالمدنيين. و اقحام اسرائيل واميركا نفسيهما بكل شاردة وواردة لم ولن ينفع احد بل سيسبب مزيد من المشاكل للشعوب. ومن هنا نجد أن إسرائيل بنت نظريتها الأمنية الاستراتيجية على التقدير الدقيق والمتواصل لجوانب الثابت والمتغير في معالم القوة والضعف لدى البلدان العربية. فإسرائيل هي دولة مواجهة عسكرية دائمة مع محيطها المعادي، ولذلك انصبّ اهتمامها الأمني الأول على الناحية العسكرية، في حين شكلت سياستها الخارجية عاملا تابعا يخضع للاحتياطات والحسابات العسكرية بهدف توفير الاستعداد الدائم للمواجهة. ومن أهم العوامل التي تأخذها إسرائيل بعين الاعتبار في صراعها مع الفلسطينيين والعرب، العامل البشري والتفوق العددي لدى هؤلاء، بالإضافة إلى القاعدة الاقتصادية القومية واتساع الرقعة الجيوسياسية للعالمين العربي والإسلامي، الأمر الذي يمكن أن يعرض إسرائيل في ظروف دولية وإقليمية معينة لحرب طويلة الأمد تعجز عن تحملها بسبب محدودية إمكاناتها وقدراتها البشرية والاقتصادية التي كانت ستعاني من نقص فادح لولا المساعدات الأميركية بنوع خاص. والآن وبعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول وتدويل مكافحة الإرهاب حظيت قضية كشمير، التي هي جوهر الصراع بحظ وافر من الضغط الدولي ولا سيما الأميركي لاستيعاب الأزمة الأخيرة التي نشبت بين البلدين على إثر العملية العسكرية ضد البرلمان الهندي وما تلاها من تداعيات، والحقيقة أن الضغط قد انصب على الطرف الأضعف فقط باكستان، واستهدف إجبارها على تقديم تنازلات أبرزها الشروع في تفكيك خريطة الأحزاب الكشميرية بما يحد من التسرب الإرهابي تحت عباءتها -كما هو في المفهوم الأميركي- إلى المنطقة، وبما يرضي الطرف الأقوى الهند وبما يتناسب مع المعادلة الإستراتيجية الأميركية المقبلة للمنطقة، والتي بدأت بأفغانستان ولم تنته فصولها بعد. وهناك دراسة للباحثة في الشؤون البرلمانية في بروكسل شايري مالهوترا، نشرت في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، كتبت فيها العام الماضي أن “العلاقات بين الهند وإسرائيل في إطار التقارب الطبيعي للأفكار بين حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم وأحزاب الليكود”. و التجارب النووية الهندية لم تظهر الى الوجود ولم يكتب لها النجاح إلا في الفترة التي تطورت فيها العلاقات الإسرائيلية الهندية بشكل ملحوظ وبلغت ذروتها في المجالين الأمني والعسكري، مما يدل على وجود البصمة الإسرائيلية الواضحة على تحول الهند الى دولة نووية عظمى. وتستمر واشنطن في توسيع السوق العالمية للسلاح. فيما بات يُشكِّل صراعها الدولي مع روسيا والصين وإيران، أحد الأوجه الخفية كهدفٍ لكل هذه السياسات , امريكا تريد عرقلة مشروع طريق الحرير الصيني مع باكستان, امريكا والغرب يريدان ضرب الإقتصاد الهندي المتصاعد حتى لا يكون مثل إقتصاد الصين . حيث تستخدم أمريكا حلفاءها، لتنفيذ مشاريع تقويضية للطرفين. فيما يدفع الحلفاء فواتير هذه السياسات بشرياً ومادياً. وما على الأمريكي إلا حصد الإنجازات والمكاسب. هذا إن سارت الأمور كما يشته الامريكان والصهاينة. وإلى جانب الأطراف المختلفة التي تتضرر من النزاع على كشمير او لها مصلحة يجب أن نأخذ في الاعتبار الجانب الدولي، وأخصه أمريكا والأدوار التي باتت تلعبه في حل المعضلات المختلفة !!! بحكم نفوذها السياسي وقوتها الاقتصادية وإدارتها للأزمات الدولية. كما أن لأمريكا علاقات ذات نفوذ مع كل من الهند وباكستان، وبإمكانها توظيفها للتأثير على البلدين وحملهما على التفاوض بشأن الاتفاق حول مشكلتهما الرئيسة كشمير. وامريكا والصهيونية جعلوا من الدول الخليجية رأس حربة في الصراع مع إيران. حيث تعيش السياسة الأمريكية في المنطقة، حالةً من الصراع مع الواقع الجيوسياسي. فحلفاء واشنطن يعيشون أزماتٍ داخلية تجعلهم يختلفون مع خيارات شعوبهم، الأمر الذي بات يُهدد وجودهم كأنظمة. وهو ما دفع واشنطن لإستغلال صراعهم الوجودي، وإيهامهم بالحلول الأمريكية، وجعلهم يتحدون لإقامة حلفٍ ضد إيران، يظنون أنهم ومن خلال ذلك يُمكن أن يضمنوا استمرارهم ولفترة من الزمن. فيما تسعى أمريكا من خلال ذلك للإستفادة من تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية في المنطقة، ولو على حسابهم. فيكون الناتو الخليجي ضد إيران، ورقة ابتزازٍ ضد الدول الخليجية وفزَّاعة لن تنفع ضد إيران. وما على واشنطن إلا تأمين السلاح، وهم يدفعون كلفته!.

اترك تعليقاً