السيمر / فيينا / الثلاثاء 29 . 10 . 2019
محمد ضياء عيسى العقابي
– مقدمة خطيرة:
ما كنت لأتكلم بهذه الصراحة التامة بما يختلج في نفسي من قناعات تولدت نتيجة المتابعات الدقيقة للأوضاع السياسية العراقية أساساً والأوضاع العربية والإقليمية والعالمية ثانوياً، لمدة تربو على الستين عاماً – لولا قناعتي بوجود مشروعين مدمرين تقود أحدهما أمريكا وتساعدها في تنفيذه إسرائيل وآل سعود الوهابيون؛ والمشروع الآخر لا يقل خطورة يقوده مقتدى الصدر ويدعمه بنوايا شريرة، سواءً وعى مقتدى أو لم يعِ، الأمريكيون والسعوديون والإسرائيليون والطغمويون(1) والإنفصاليون البرزانيون والفاشلون التائهون. كما يدعمُه، كحلفاء له في مشروعه المرحلي وهو مشروع “حكم العوائل”، عمارُ الحكيم وحيدر العبادي وعراقيون أخرون سأذكرهم لاحقاً.
المشروع الأمريكي:
يرمي المشروع الأمريكي، بحده الأدنى، الى السيطرة على مفاصل القرار العراقي أي فرض الهيمنة التامة على العراق كمدخل للهيمنة على العالم. تتمثل الخطوة الأولى بغزو إيران براً بالشباب العراقي وأموال النفط العراقي(2).
ويرمي المشروع، بحده الأعلى، إلى إجراء تغيير ديموغرافي جذري في العراق، لإخضاعه نهائياً لأمريكا، يتم عن طريق تدبير حملة مركزة قصيرة لقتل وتهجير (20) مليون شيعي عراقي على أيدي نخب من جيوش عرب أمريكا القريبين (السعودية، الإمارات، البحرين، قطر، الكويت، الأردن) وهي جاهزة للتحرك، سراً ووسط تعتيم إعلامي شامل تدبره وتفرضه أمريكا بقدرتها التقنية. القوات الخاصة جاهزة للتحرك في أي وقت لأية جهة تُحدَّدُ لها في اللحظات الأخيرة والعراق أكثر قبولاً لها بسبب الشحن الإعلامي الطائفي المموَّل سعودياً وإماراتياً وقطرياً على مدى سنين طويلة، لتقاتل تحت لواء محلي داعشي الأصل كدليل وينتحل إسماً من الأسماء الرمزية كـ “ثوار العشائر”.
وقد تكون أداة التنفيذ لهذا المشروع المجزرة ما حذّرَ منها الوزير السابق المهندس بيان جبر الزبيدي في مقابلة معه في قناة “العهد” بتأريخ 23/10/2019 وهي إحتمال قيام الأمريكيين بتسخير عناصر النصرة الموجودين في إدلب وعددهم يبلغ خمسين ألف إرهابي أجنبي من غير العراقيين ويمكن تسليم قيادتهم الى قادة عراقيين من قيادات داعش الذين ألقي القبض عليهم بمعية (13) ألف داعشياً من العراقيين وهم في قبضة وحراسة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أي بيد الأمريكيين.
أعتقد أن هروب (1000) داعشياً من معتقلاتهم في شمال سوريا نتيجة العمليات العسكرية التركية هناك وهو خبر صرحت به وزارة الخارجية الأمريكية بتأريخ 23/10/2019 – ما هو إلا خبر كاذب يهدف الى التمويه. إنهم هم، الأمريكيين وعملائهم، الذين أطلقوا سراحهم ليستقروا أخيراً في العراق للإستفادة منهم في مشروع المجزرة الأمريكية. ولن يبدل مقتل أبي بكر البغدادي على يد الأمريكيين شيئاً بل سيزيدهم خنوعاً وخضوعاً للأمريكيين.
لم يكن الوزير السيد بيان جبر الوحيدَ، خلال السنين القليلة المنصرمة، الذي عبَّرَ عن شعوره بالقول إنه لا يعلم بالضبط ما يخططونه ولكنه يشعر أن أمراً جللاً قد يحصل. أعتقد أن المشروع المجزرة الذي بيّنتُه أعلاه هو الأمر الجلل الذي يخططه الأمريكيون وعملاؤهم ويتحسسه بعض السياسيين العراقيين بغموض.
علينا ألا نستغرب أو نستبعد أو نستهجن طرح هكذا تحذير من هكذا مشروع ممعن باللاإنسانية ونحن في عصر “حقوق الإنسان” و”التقدم الحضاري”. علينا ألا ننسى تهديدات ترامب بمحو كوريا الشمالية من الوجود وبالمثل هدد إيران وأفغانستان ولكنه كان يهدأ عندما يتذكر أن روسيا قادرة على أن تغطس أمريكا في المحيطين خلال عشرة دقائق بقنابلها النووية المحمولة بصواريخ مفرطة السرعة يصعب على أجهزة التحسس رصدها، إذا حاولت تغيير ميزان القوى العالمي. إذا كنا نستبعد هكذا مشروعاً لبشاعته فلماذا ننسى ما جرى للشعب الفلسطيني حيث هجّر من دياره وتقضم ما تبقى له من أراضٍ كل يوم ويمنح ترامب القدس للمحتل دون إكتراث لأية قيمة؟ ولماذا ننسى أن الغرب الإمبريالي هو نفسه الذي جهز المجرم صدام حسين بالسلاح الكيميائي وأمريكا جهزته بوسيلة قذفه من الطائرات ليضرب بها صدام شعبنا من أبناء حلبجة في كردستان العراق؟ ولماذا نغفل ما يجري في اليمن البريء من إبادة لشعب شبه أعزل بكل ما في الكلمة من معنى؟ هل يقترف هذه الجريمة والمحرقة عرب ومسلمون “متخلفون” فقط أم أن آلة التدمير تقدم للسعودية والإمارات مقابل المال من قبل قادة العالم “المتحضر”؟ إنهم الإمبرياليون وهم متحضرون شكلاً وإدعاءً. ألم يبيدوا شعوباً وحضارات في أمريكا اللاتينية وهم في حالة صعود رأسمالي فما بالك بهم اليوم وهم في حالة إضمحلال رأسمالي أمعن بالتوحش لطبيعة الرأسمالية الإحتكارية نفسها كنظام إقتصادي؟ ألم يكن الدكتور جورج قرم، الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي والوزير اللبناني السابق، على حق حينما قال “لو إكتُشفَ النفطُ العراقي في حقبة إبادة شعوبٍ في الأمريكتين لأبادوا الشعب العراقي من أجل خطف النفط؟” لابد من الإشارة الى قصة الخندق الذي يريد ترامب حفره على حدود المكسيك ويملأه بالتماسيح والأفاعي لمجرد منع تسلل المساكين المكسيكيين الباحثين عن عمل ولو بأجر زهيد!!
أعتقد أنه تم الإعداد إقليمياً من جميع الوجوه لهذين البديلين لتنفيذ المشروع المجزرة الأمريكي، ولكن لم تكتمل بعدُ عناصر نجاحهما داخلياً إلا بقدر لا يُستهان به ولكنه محدود بسبب الوعي الشعبي العراقي ووجود الحشد الشعبي ليس إلا.
نعم هو الحشد الشعبي العائق الوحيد وأكرر الوحيد للأسباب التالية:
1- إن القوات المسلحة العراقية البطلة في معظمها مخترقة بإعتراف الحاكم المدني الأمريكي المتقاعد بول بريمر نفسه في مقابلة له مع فضائية الميادين بتأريخ 17/11/2013 حيث قال إنه أعاد للخدمة 80% من ضباط الجيش السابق من رتبة عقيد فما دون. إن هؤلاء الضباط، كما يعلم جميع العراقيين، هم من الموالين لصدام شخصياً فهم صداميون حتى النخاع لأن صدام أَبعَدَ بصورة أو أخرى جميعَ الضباط الوطنيين والقوميين. إن الضباط الصداميين، بل إن البعثيين الصداميين عموماً، أصبحوا الآن عملاء للأمريكيين مقابل وعود بإعادة الحكم الى الطغمويين، والبعثيون جزء هام منهم بل هم الأقوى والأخبث والألعن بينهم، وذلك بعد أن نفض الأمريكيون أيديهم من إمكانية تسخير أغلب الشيعة لتنفيذ مشروع المحافظين الجدد العالمي الذي سآتي إليه.
2- إزداد النفوذ الأمريكي داخل القوات المسلحة العراقية خاصة بعد أن أفلح الأمريكيون في إنجاح مخطط إدخال داعش للسيطرة على عدد من المدن العراقية وبالأخص بعد الخنوع الواضح لهم من جانب رئيس مجلس الوزراء الإنتهازي حيدر العبادي؛ والخنوع عار يلحق كل من يتآمر على الديمقراطية والحشد الشعبي كما فعل العبادي. لقد أصبحوا في تماس مع عدد غير قليل من القيادات العسكرية وإستطاعوا جذبها نحوهم بوسيلة أو أخرى كاللواء محمود الفلاحي الجاسوس المُبِين والفريق عبد الوهاب الساعدي الذي نُصبت له التماثيل وأنشدت الأشعار لا لسبب إلا لأنه وقف مع الأمريكيين في محاولة إبعاد الحشد الشعبي عن معركة تحرير تكريت بذريعة درء إحتمال التخريب الذي يلحق بالمدينة إذا لم يتم إستخدام الطيران الأمريكي(3). يبدو أن “الود” مع الفريق مازال قائماً(4). وقد إكتشف فيه بعض “وجهاء” مدينة الموصل “الدرة النادرة” حسبما روّج لذلك حليف الدكتور أياد علاوي السيد غسان العطية قبل سنتين تقريباً.
علاوة على هذا فإن وسائل الإتصال التي تستخدمها القوات العراقية كلها مجهزة من الأمريكيين وأكاد أكون واثقاً أن التنصت عليها من جانب الأمريكيين جارٍ على قدم وساق ولا أهمية للشيفرات لأن فك رموزها أمر هين نسبياً لذوي الإختصاص، وإلا فما هي وظيفة (16) ألف منتسب في السفارة الأمريكية في بغداد ومثلها في القنصلية بأربيل وهما الأكبر في العالم؟
وفي مواقف معينة يستطيع الأمريكيون، بتقديري، الدخول الى شبكات الإتصال بين الوحدات العسكرية العراقية والتشويش عليها أو تعطيلها وبالتالي شلّ حركة الوحدات العسكرية. وهم لا يستطيعون فعل ذلك مع منظومات إتصالات الحشد الشعبي. وهذا أحد الأسباب التي تغيض الأمريكيين تجاه الحشد(5) وتدفع بإتجاه دمجه بالقوات النظامية ليقضوا على ميزة سرعته في التحرك المبنية على الثقة بين قادته بعيداً عن الروتين القاتل، ومن جهة أخرى يروم الأمريكيون من الدمج أيضاً حرمان الحشد من أجهزته وشبكاته للإتصال التي لا يستطيع الأمريكيون النفاذ إليها.
3- إن وسائل درء الأخطار السياسية والإجتماعية وبالتالي الأمنية عن العراق معطلة بجميع جوانبها على يد مقتدى الصدر وإبتزازه القوى الإسلامية المناصرة للديمقراطية الحقيقية من منطلق إستهتاره وعدم إكتراثه إذا ما أشعل إقتتالاً شيعياً – شيعياً مدمراً. كما إن مقته وعداءه للمرجعية العليا بادية للعيان لأنه يريد أن يكون المرجع الوحيد في العراق، ويشكل التحرش بالمرجعية الأممية التأريخية من جانب مقتدى أكبرَ تهديد لسلامة العراق منذ إحتلاله ولأمد غير قصير لأهمية موقع العراق في السياسة الدولية وبالتالي جسامة المخاطر التي تحدق به. إن أفعال مقتدى، وسآتي عليها، التي صبت في مجرى الجهد الأمريكي – السعودي – الطغموي الرامي الى حرمان الشعب لإثارته أضعفت العراق حتى أصبح عرضة لنهش الإمبرياليين وعملائهم الطغمويين والإنفصاليين البرزانيين وأضحى دولة مشلولة فاشلة غير قادرة على توفير الخدمات وتحقيق الإعمار وخلق فرص عمل لمواطنيه دع عنك إخراج القوات الأمريكية من العراق الذي كان الصدريون بتكتيكات النائب الصدري الشيخ صباح الساعدي أول من عارضه وعرقله ولحد الآن، فصارت الأوضاع العراقية تنحدر رويداً رويداً بإتجاه دفع العراق الى الإنزلاق في فخ مشروع الإبادة الأمريكي الذي كاد أن يبلغه لولا المرجعية الدينية في النجف بدعوتها للجهاد الكفائي وتشكيل الحشد الشعبي بموجبها ودعم تحالف البناء وقبله إئتلاف دولة القانون للحشد.
– مبررات مشروع الإبادة الجهنمي الأمريكي:
بلغت المخاطر على مصالح الإمبريالية الأمريكية وعلى الوجود الوهابي السعودي والوجود الصهيوني الإسرائيلي مدياتها الأخيرة فما عادت تنفع الترقيعات والحيل للقضاء على أزماتها المسببة للمخاطر.
فإسرائيل أصبحت محاطة بقوى صاروخية كثير منها دقيق التصويب وتبلغ بمجموعها أكثر من (150) ألف صاروخاً تعود الى حزب الله اللبناني وإلى حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين ما جعل فاعلية إسرائيل وأهميتها للإمبريالية محدودة وفي ذلك قد يكمن الجمود والضمور ثم الإنحلال(6) لفقدان أهميتها.
أما الوهابية فستواجه في أجلٍ ليس بالبعيد موجةً عارمة معادية لها في العالم الإسلامي ناجمة عن تزايد الخضوع لأمريكا وإسرائيل وعن الوعي في التأريخ الإسلامي وحقائقه بعيداً عن التزييف لصالح السلاطين والحكام السابقين واللاحقين وعندئذ ستنكشف حقيقة الوهابية ومعاداتها لجوهر الدين الإسلامي الإنساني السلمي كباقي الأديان. بدت بوادر ذلك قبل سنين قليلة في مؤتمر (كَروزني) للجماعات السنية في العالم وحضره شيخ الأزهر ولم تُدعَ إليه السعودية الوهابية لأن الوهابية ليست سنية وهي مذهب حرّف الإسلام باتجاه الإرهاب وخدمة المصالح الإمبريالية والصهيونية منذ نشأة الوهابية وتحالفها مع آل سعود الذي تم على يد ضابط الإستخبارات البريطاني المستر (همفر) الذي سيطر على فكر وتحركات محمد بن عبد الوهاب صاحب المذهب. أضف الى ذلك أن مخطط المحافظين الجدد قضى بتفتيت الدول العربية في إطار ما سمّي “مشروع الشرق الأوسط الجديد” وتسليم قيادته وإدارته بيد إسرائيل بقفاز سعودي مرحلي. وسأعود الى ذلك لاحقاً.
عليه فإن مصالح كل من إسرائيل والسعودية تقتضي تقطيع أوصال العراق إرباً إرباً بكل ما في الكلمة من معنى.
أما أمريكا فمصالحها تقتضي الهيمنة على العراق سواءً عن طريق الإنقلاب بشكل ما أو عن طريق إحداث التغيير الديموغرافي الذي تحدثنا عنه أعلاه. تريد أمريكا أن تبقي على شكل من أشكال الديمقراطية أي ديمقراطية مشوهة تخدم مصالحها وهي ما سعت إليه منذ السنين الأولى للإحتلال غير أن السيد علي السيستاني وضع الأساس الوطني لها وجسدها على أرض الواقع رئيس الوزراء السيد نوري المالكي رئيس إئتلاف دولة القانون. هدم الأمريكيون جميع معالم الدولة العراقية (عدا وزارة النفط) ليصهروا المجتمع العراقي تمهيداً لصبه في قوالب أمريكية يحاربون بشبابه ومال نفطه حتى وصول شرق آسيا. غير أن الرئيس المالكي ممثلاً للمرجعية والإئتلاف العراقي الموحد وبعده التحالف الوطني وإئتلاف دولة القانون وحزب الدعوة الإسلامي قد صب المنصهر في قوالب عراقية وأخرج القوات الأمريكية من العراق. للأسف عرقل مقتدى الصدر وعمار الحكيم مشاريع حكومة المالكي دع عنك الطغمويين والإنفصاليين بدفع من أمريكا حتى نجحوا في تمكين داعش من السيطرة على عدة محافظات عراقية. فإمتطى الأمريكيون حيدر العبادي وأعادوا نفوذهم.
تريد أمريكا الوثوب من العراق الى إيران وصولاً الى الفضاء الأوراسي وبلوغ الحدود الصينية والروسية لضخ الإرهابيين إليهما لأن أمريكا ترى في التقدم الاقتصادي الهائل للصين الإشتراكية وفي الإستراتيجية العسكرية الفعالة لروسيا الحليفة للصين – ترى فيهما مقتل الرأسمالية الإمبريالية التي أصبحت خرقة بالية لم تعد تنفع معها الترقيعات.
مشروع مقتدى الصدر:
لمقتدى الصدر مشروع غير معلن رسمياً ربما لم يبح به لأقرب مقربيه ولكنْ يُمكنُ تلمّسُه عبر تصرفات مقتدى ومواقفه لفترة طويلة تمتد الى الأيام الأولى لسقوط آخر النظم الطغموية بل تمتد لأيام والده الشهيد محمد صادق الصدر.
إن مقتدى يريد تنصيب نفسه “الإمامَ الأكبرَ للأمة العراقية وقائدَها الواحدَ الأحد”.
لقد كتبتُ مقالاً مطولاً حول هذا المشروع وجهود مقتدى لإفشال النظام الديمقراطي في العراق الذي أفتى بالأخذ به السيد علي السيستاني عبر إبلاغ الأمم المتحدة بأن “خير وسيلة للتعبير عن رأي الشعب العراقي هي صناديق الإقتراع”. برجاء مراجعة المقال على الرابط المدرج في الهامش رقم(7).
ما هو سبيل مقتدى الى تحقيق مشروعه؟
(الى الحلقة الثانية.)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على “الطغموية والطغمويون والإنفصاليون وجذور المسألة العراقية” برجاء مراجعة هامش المقال المنشور على الروابط التالية:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=585117
http://saymar.org/2018/01/44729.html
http://www.akhbaar.org/home/2018/1/239116.html
(2): قال رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأسبق مارتن دمبسي في مؤتمر صحفي ضمه ووزير دفاع أمريكا في حينه – قال بأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية بالصواريخ متوسطة المدى أو بعيدة المدى لا يجدي نفعاً لأنها محصنة ومخفية جيداً. هذا في عهد الرئيس بوش. فما بالك الآن وقد قطعت إيران أشواطاً في تطوير قوتها الصاروخية وتطويرها لإستراتيجية رادعة لأمريكا وهو تحويل أي هجوم مباشر تقوده أمريكا الى حرب شاملة في المنطقة مما يعني بالضرورة التدخل الروسي – الصيني لمنع أمريكا من تغيير ميزان القوى الإستراتيجي في العالم لصالحها. عليه فإن خير وسيلة لأمريكا لإخضاع إيران هي بتسخير العراق لإفتعال حرب برية على إيران بدعم خفي أمريكي إمبريالي سعودي وهابي إسرائيلي صهيوني كما سخّروا صدام ضد إيران في أطول حرب في القرن العشرين.
لهذا فالعراق ذو أهمية خاصة وعالية جداً في الحسابات والإستراتيجية الكونية الأمريكية والإمبريالية العالمية عموماً التي تريد إختراق شرق آسيا والوصول البحر الصين الجنوبي والحدود الروسية والصينية للتخريب.
(3): أظهر الواقع أن الأماكن التي حررها الحشد الشعبي من الدواعش لم يلحق بها أذى عمراني بالقدر الذي أحدثه الأمريكيون عندما قادوا معارك التحرير كما في الموصل والرمادي. هدف الأمريكيون من إحداث خراب كبير ليُصار الى الإعتماد عليهم في عملية إعادة البناء وبالتالي الإطباق على مفاصل الحكم للمضي في تنفيذ مشروع المحافظين الجدد.
(4): بشأن موقف الفريق الساعدي من مسألة تحرير تكريت، كنتُ قد كتبتُ مقالاً بالموضوع تحت عنوان: “كنت على وشك المطالبة بمحاكمة الفريق عبد الوهاب الساعدي”، ويمكن الرجوع إليه على الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=462050
(5): ورد في أخبار يوم 23/10/2019 بأن وزير الدفاع الأمريكي أسبر عرض على الحكومة العراقية بيعها منظومتين من باتريوت المضادة للجو مقابل السماح للقوات الأمريكية المنسحبة من سوريا بالبقاء في العراق لعدة أيام ريثما تنقل جواً الى خارجه.
بصراحة الأمريكيون لا يؤتمنون حتى من ناحية التسليم في الوقت المحدد كما فعلوا بالنسبة لطائرات ف – 16 التي لم يُسلم بعضها لحد الآن علماً أن الحكومة العراقية قد دفعت ثمنها مقدماً ولكن الأمريكيين جعلوا حراسة الحدود مع سوريا بأيديهم ولكنهم سمحوا لفلول داعش التي أسقطت الموصل بالمرور رغم رصد القوات الأمريكية لها ولم يتحركوا ضدها كي “لا يساعدوا حكومة المالكي” حسبما إعترف قادة عسكريون في الكونغرس الأمريكي.
لذا فلا أحبذ شراء الباتريوت منهم لإمكانية شلّها أو تخريبها أو حجب بيع قطع الغيار لها في الأوقات الحرجة أو بالأقل تسليم معلومات كافية عنها لإسرائيل لتقوم بتدميرها عن بعد. وأقترح شراء منظومة سي- 400 الروسية والروس كانوا ومازالوا أصدقاء أوفياء للعراق والعرب عموماً.
(6): يخطأ كثيرون حين يعتقدون أن الإستعمار البريطاني ومن ثم الإمبريالية الأمريكية أوجدوا إسرائيل عطفاً على اليهود المضطهدين في أنحاء أوربا. الحقيقة هي أن فكرة إقامة وطن لليهود في فلسطين هي بالأصل فكرة فرنسية أيام نابليون هدفها عزل المشرق العربي عن مغربه وكذلك التخلص من اليهود في مشروع لا إنساني بالنسبة للفلسطينيين وبالنسبة لليهود أنفسهم من غير الصهاينة. لكن الفرنسيين تقاعسوا عن مواصلة الفكرة فتلقفها البريطانيون وحققوها على أرض الواقع وعززها الأمريكيون فيما بعد وذلك لخدمة المصالح الإمبريالية في المنطقة. وقد نُقل عن نائب الرئيس بايدن قوله إنه لو لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها. لذا فالإمبرياليون لا يعيرون تلك الأهمية لمصالح اليهود البسطاء وإنما تتلاعب بهم لخدمة مصالحها الإمبريالية وقد وصفوا إسرائيل بحاملة طائرات ثابتة.
(7): رابط المقال في موقع “الحوار المتمدن” هو: