السيمر / الأحد 07 . 01 . 2018
محمد ضياء عيسى العقابي
خلاصة المقال :
بقناعتي المبنية على متابعة يومية دقيقة لمجريات الأمور في العراق والمنطقة والعالم منذ عقود وخاصة بعد سقوط آخر النظم الطغموية(1) وأكثرها وحشية على الإطلاق ألا وهو النظام البعثي الطغموي، توفرت لدي القناعة التامة أن هناك مؤامرة كاملة الأركان والإعداد لتدمير الديمقراطية في العراق وإلغاء الدستور والعودة الى نقطة الصفر أي الإنفلات الأمني التام لإرعاب الناس وتيئيسهم من جدوى التمسك بالديمقراطية والإستقلال والسيادة وجدوى عدم الخضوع للأجنبي الإمبريالي، وبالتالي محاولة تسليم مفاصل الحكم ثانية بيد الأجنبي الأمريكي ليعاون الطغمويين والإنفصاليين على فرض دستور جديد تتصدره مادة تقضي بـ “الفيتو” أو “حق النقض” مغطاةً بأسماء منمقة جميلة نبيلة كـ “التوافق” و “الشراكة” اللتين خبرنا كيف حُرِّفتا وسُمِّمتا ثم فرضوا السموم وهي “المحاصصة” و “التوازن المزيف لا النزيه” بالإبتزاز بمساعدة الأجنبي، الذي تبادل وسيتبادل المنافع معهم بقدر أشد لحاجة مشاريع أمريكا الإمبريالية الشيطانية في المنطقة والعالم وبالذات إستهداف القضية الفلسطينية وحزب الله اللبناني وحماس والجهاد الإسلامي وباقي الفصائل الفلسطينية المقاوِمة والجمهورية الإسلامية الإيرانية الداعم الرئيسي لتلك التنظيمات المناضلة – أقول لحاجة المشاريع الأمريكية في المنطقة والعالم الى السيطرة على مفاصل الحكم في العراق كبوابة إستراتيجية لتلك المشاريع.
المؤامرة حبكتها أمريكا وإسرائيل والسعودية وينفذها “حلفاء” أمريكا الطغمويون والإنفصاليون وبعض المستثقفين والغافلين بدءاً بالمطالبة بتأجيل الإنتخابات بحجج واهية سنأتي عليها.
بتقديري، لو أُجلت الإنتخابات حتى ليوم واحد لا أكثر، ناهيك عن أن يكون التأجيل لمدة أطول، ستحل المصائب الدموية بشكل ممنهج وهي جاهزة وستكون الحكومة مشلولة اليد لحجج عديدة بدايتها أن الحكومة لا تتمتع بغطاء دستوري فهي غير شرعية ويجب الأخذ بالإجمـــــــــــاع؛ وما أدراك بإجمــــــــاع من فســــق بالإجمــــــــــــــــــــــــاع!!!!!!.
علينا أن ننتبه الى ما حدث اليوم 5/1/2018 في الأمم المتحدة. فأمريكا تريد إنعقاد مجلس الأمن لبحث مجرد مظاهرة في إيران لا أكثر ولا أقل، الأكثر فيها برئ له مطالب إقتصادية مشروعة وقد تفهمتها وعالجتها الحكومة الإيرانية، والأقل فيها عميل ملكي شاهنشاهي ومجاهدين خلق عملاء صدام ضد بلادهم، قاموا بالحرق والتخريب والقتل ووضعت الشرطة حداً لهم.
وعلينا أن ننتبه الى النية السيئة في التهديد المبطن الذي أطلقته نيكي هيلي، مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة، عند بحث التظاهرات الإيرانية في مجلس الأمن إذ قالت قد يتطور الوَضع في إيران الى وضع مشابه لما حصل في سوريا!!!! وقال سيدها ترامب: لقد حان وقت التغيير في إيران. ومن قبلهما قال ترامب السعودية محمد بن سلمان بأنه سينقل الإرهاب الى طهران!!!
وعلينا أن نتذكر التهديدات قبل التصويت التي أطلقتها نيكي هيلي بمعاقبة الدول التي كانت ستصوت ضد إعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل وهو إعتراف يشكل إنتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة.
إذاً، إذا كانت أمريكا تريد معاقبة الدول التي تقف بجانب الشرعية الدولية بشأن القدس، وإذا تريد أمريكا إثارة هذه الضجة الكبرى لمجرد تظاهرة في إيران فما عساها، أمريكا، فاعلةً لو “أُبيد” السنة في العراق و “أُبيد” الكرد و “أُبيد” الشيعة “الأحرار” الذين يرفضون الخضوع للإملاءات الإيرانية؟!!!!! على حد إدعاءات منتظرة للإعلام الأمريكي المموَّل من الرأسمالية الإمبريالية والمستقل جداً جداً للكشر وحتى العظم والنخاع!!!!!
لكل مؤامرة في الميدان رديفُها الإعلامي وسيكون لمؤامرة تأجيل الإنتخابات رديفها الإعلامي بدءاً بـ “كارثة” الإبادة المنوه عنها أعلاه على يد الميليشيات وعلى رأسها الحشد الشعبي ووحدات من الحرس الثوري الإيراني بحضور وتوجيه قاسم سليماني وإذا لزم الأمر سيضيفون قوات من حزب الله اللبناني لأنهم سيقولون أنهم ضبطوا مكالمات مشفرة بين قاسم سليماني وحسن نصر الله ونوري المالكي وهادي العامري وأبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي تثبت ذلك!!!!!!
أتذكرون تصريحات أسامة النجيفي ساعة إذاعة خبر “سقوط” (أي تسليم) الموصل بيد داعش؟ تابعتُ الأخبار لحظة بلحظة في فضائية (الحرة – عراق) كما أفعل كل يوم. نقلت الفضائية عن النجيفي أقواله التالية: “العراق يتعرض لعدون خارجي من قبل إحدى الدول” دون أن يحدد تلك الدولة، وفي ذلك لغز كما سآتي عليه. ونقلت عنه أيضاً قوله التالي: “العراق يشهد إنهياراً عاماً وأمنياً” … بالطبع جاء هذا التصريح للنجيفي ليشد أزر القوات العراقية والشعب العراقي. كيف لا وهو رئيس مجلس النواب والأب الحنون للشعب وللوطن فأراد هزيمتهم لئلا يصيبهم أي مكروه من داعش!!!!!!!!
لم يفصح أسامة النجيفي لحد هذه اللحظة عن إسم تلك الدولة التي إعتدت على العراق عبر إرسال داعش. لماذا؟
السبب هو أن المؤامرة الداعشية لم تنجح بالكامل إذ تصدى لها بنجاح على أبواب بغداد، بطلب من رئيس الوزراء نوري المالكي الشجاع، كل من قوات بدر وعصائب أهل الحق بقيادة المرموقين هادي العامري وقيس الخزعلي.
كان المخطط لداعش إسقاط بغداد والزحف حتى البصرة لتنضم إلى قوات داعش صفوةٌ من جيوش الكويت والسعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن وتركيا لتقتل وتسبي الملايين من الشيعة وترغم على النزوح الى الصحراء السعودية (وبعدها الى أدغال الأمازون وأفريقيا والقطب الشمالي مع الأسكيمو!!!!) الملايين الأخرى بشاحنات مهيئة سلفاً للشيعة وذلك لإحداث تغيير ديموغرافي في العراق.
ولو نجحت المؤامرة حسب المخطط لبرز أسامة النجيفي كما برز من البيت الأبيض يوم صرح على أبوابه وهو خارج من إجتماعه بنائب الرئيس بايدن في منتصف عام 2011، وبايدن هو صاحب مشروع تقسيم العراق، إذ صاح النجيفي آنذاك دون أن تكلفه الجماهير السنية البريئة: السنة مهمشون ويريدون الإنفصال!!! أما لو نجحت المؤامرة الداعشية الجديدة لصاح النجيفي: “هذا العدوان وراءه إيران” ولصرخت أمريكا وإعلامها وإعلام عملائها في الداخل والمنطقة والعالم بإتهام إيران ورفعت أمريكا الموضوع الى الأمم المتحدة لهدفين: 1- لإبعاد الشبهة عن المتآمرين الحقيقيين رعاة داعش في سوريا و2- لمنع إيران من التدخل لصالح الحكومة العراقية لأن ذلك كان سيخلط الأوراق لصالح أمريكا وأبواقها.
وبذلك يصفو الجو لأمريكا وعملائها في الإقليم والداخل لينتقلوا الى مرحلة “التحرير” بإعلان هجوم “أبناء العشائر” الغيارى على العملاء الداعشيين الذين أرسلتهم إيران وإنتصار أبناء العشائر عليهم وإنقاذ جميع المتضررين من داعش الإيرانية وخاصة إنقاذ “إخوتنا” الشيعة!!!! وما كان ذلك ليكلف المتآمرين شيئاً سوى حلق اللحى الداعشية وتبديل الزي الأفغاني، ومن بعد ذلك سيصرخون: مِشّوا بوزكم يا شيعة ويا إيرانيون فـ “لا شيعة بعد اليوم” (كما قالها المرحوم حسين كامل!!) ولا دستور ولا إنتخابات ولا أغلبية شيعية ولا نفط ولا هم يحزنون وأبوك الله يرحمه!!!!!!!
ولكن الرياح لا تجري بما تشتهي السفن فالديمقراطية تحمل في بنيتها البيولوجية جينات وقاية نفسها وسحق أعدائها لأنها تستند إلى الشعب. وبالفعل فقد سحقت الديمقراطية العراقية داعش ورعاتها الخارجيين والداخليين والمغفلين مرتين: مرة عند دخولها ومرة يوم تنظيف الوطن العراقي منها. ولكن هذا لا يعفينا من الحــــــــــــذر الشــديـــد.
لــــــذا أقــــول: الحــــــــــذر الحـــــــــذر يــــا أولــــي الألبــــــــــــــاب فعــــدوّنــــــا غـــــــــــدار لـــم ولـــن يــــــــرحــــــــم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغموية والطغمويون وجذور المسألة العراقية:
الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. سمات الطغمويين: الطائفية والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا التي رعته. وأطاحت به أمريكا كناتج عرضي على طريق تحقيق أهدافها الخاصة، وفق المشروع العالمي الذي رسمه المحافظون الجدد للهيمنة على العالم، ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي الذي جعله السيستاني نظاماً ديمقراطياً حقيقياً عراقياً لا شكلياً يخدم أمريكا، ومن ثم أخرج العراقيون قواتها، أمريكا، واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012 على يد حكومة التحالف الوطني بقيادة إئتلاف دولة القانون وزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي وبذلك أفشل العراق تمرير مشروع المحافظين الجدد باستخدام العراق كوسيلة للعدوان على شعوب المنطقة.
لم يترتب على العراق، إذاً، أي إلتزام قانوني أو تبعات مالية نتيجة أي عمل قام به الأمريكيون حسب أعلاه حتى إذا كان مفيداً للعراق في بعض حلقاته التكتيكية كإطاحة النظام لأن العمل برمته أمريكي بحت ولم يحظَ بموافقة الأمم المتحدة، ولا يعني شيئاً قانونياً عزوفُ العراقيين عن الدفاع عن النظام الطغموي الفاشي في وجه الغزو الأمريكي. العاطفة شيء والقانون شيء آخر خاصة وأن الأمريكيين لم يتصرفوا بحسن نية بل كشفوا عن نوايا ومشاريع إمبريالية سيئة.
العكس هو الصحيح حيث يتوجب على أمريكا تعويض العراق عن كل ما لحق ببنيته التحتية وكل ما ترتبه القوانين الدولية على دولة الإحتلال. وقد أفلتوا من هذا الإستحقاق بسبب الظروف الأمنية الخطيرة التي خلقها الطغمويون بالتناغم مع الزرقاوي ثم داعش.
غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر بإيحاء من أمريكا نفسها، ودخلوا العراق ثانية ولكن من الشباك فتصدى الحشد الشعبي لحصانهم الداعشي وأذرعه السياسية وأفشل إستكمال تنفيذ المؤامرة الداعشية للآخر حيث كان المخطط يقضي بإسقاط بغداد والزحف نحو البصرة لإحداث تغيير ديموغرافي بقتل وتهجير ملايين الشيعة كما فعلوا بالأبرياء الأزيديين والمسيحيين والتركمان والشبك ومن ثم كانت “ستقضي” على داعش “ثورةُ العشائر” ليعود حكم العراق طغموياً بيدها وما كانت “الثورة” على داعش لتكلفهم أكثر من حلق اللحى الداعشية وتبديل الزي الأفغاني!!!!!!
بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أجج الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبرقعة مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم من النشطاء واللعب على أوتار طائفية للبسطاء كترديد أحاديث نبوية منتحلة مثل حديث “الطائفة المنصورة” وحديث “الفرقة الناجية” وذلك لدفع أعوانهم الحاقدين الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية إصطفافاً وتنفيذاً للمشروع الطائفي السعودي الوهابي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية الزاحفة على النظام في المملكة من الجار الشرقي ودرء خطر الإحراج الذي سببته إيران للمملكة بعد أن كشفت، إيران، تآمرهم على القضية الفلسطينية حينما مدت المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بالسلاح بينما إقتصر الدعم السعودي على المال المسموم ثم إنحدرت الى مستوى التآمر لتصفية القضية الفلسطينية كما تآمرت على التضامن العربي منذ أيام ثورة الضباط الأحرار في مصر عام 1952.
وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً وكفاءة عالية مستخدمين الطغمويين أنفسهم في هذا المجال كأدوات طيّعة لإضعاف العراق الجديد وتشويه الديمقراطية والإستهانة بها وتحويله، العراق، الى دولة فاشلة؛ وربما كان الأمريكيون هم المحرضين على تأجيج الطائفية، وذلك من أجل تنفيذ مشروع المحافظين الجدد الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم، الأمر الذي أوجبته ضرورات معالجة أمراض النظام الرأسمالي المأزوم بطبيعته عبر تصدير أزماته للعالم وخاصة الفقير منه دون رادع.
إن إفتعال الأزمة السورية المدمرة أظهرت أن المشروع الأمريكي قد تطور الى محاولة تدمير الإقتصادين الصيني والروسي بضخ إرهابيين تدربوا في سوريا والعراق برعاية أمريكا لإعاقة تطوير قدراتهما النووية لتبقى أمريكا متحكمة بالعالم وإقتصاده بما يداري نظامها الرأسمالي المأزوم العليل بطبيعته. إن هذا ينطوي على أشد المخاطر على السلام العالمي.
أفشل العراق، على يد التحالف الوطني، مشروع أمريكا هذا الذي إصطدم مع المصالح الإمبريالية الأوربية أيضاً، ولكن إدارة الديمقراطيين الأمريكية بقيادة الرئيس أوباما أعادت إحياء ذلك المشروع بطريقته الخاصة بعد إصلاح التحالف التقليدي مع أوربا الإمبريالية الذي هدده المحافظون الجدد بدافع الإنفراد بالمغانم والإستحواذ على العالم.
فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز، “المحاصصة” و”الفيتو” بعد تشويه مفهومي “الشراكة” و”التوافق”، مقابل مجرد مشاركة الطغمويين في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً وهي الوسيلة الوحيدة القادرة على حماية مصالح الجميع وبالتالي تحقيق العيش المشترك والسلم الأهلي. ولكن الطغمويين لم يتراجعوا ولحد الآن عن رفضهم للديمقراطية ورفضهم للآخر والسعي الحثيث لتخريبها وإفشالها ولو بإستدعاء قوى إمبريالية وعميلة لـ”ترتيب” أوضاع العراق لصالحهم.
كان وما يزال هذا الإصرار من جانب الطغمويين على إستعادة السلطة بأية وسيلة هو الجـــــــوهر الحـقـيـقـــي للمســــــــــألة العراقـيــــــــــــــة ولم تليّن هزيمتُهم الإستراتيجية الداعشية من إصرارهم بسبب وجود الدفع والدعم الخارجيين لهم وتشرذم القوى العراقية الإسلامية الديمقراطية وذيلية قوى أخرى؛ ذلك الإصرار الذي لم تشخصه سوى المرجعية في النجف والحريصين من المسؤولين في المراكز العليا الذين تُحتمُ عليهم مسؤوليتُهم عدمَ البوح بهذا التشخيص تجنباً لشرعنة المشروع الطغموي وتفادياً لتثبيت الإنقسامات كقدر لا مفر منه؛ ولكن معظم المثقفين والفاشلين أهملوا هذا التشخيص وشوهوه بطروحات منتقصة أو زائفة رغم أن واجبهم المقدس يلزمهم بإبراز هذا التشخيص الذي يمثل الحقيقة الموضوعية الناصعة وتوعية الشعب والرأي العام العربي والإسلامي والعالمي بها والدعوة إلى توجيه الضغوط المعنوية على الطغمويين للحد من تماديهم في التخريب ودعم الإرهاب؛ وتوجيه النقد إلى أمريكا لقيادتها حملة إعلامية ضد العراق بعد إخراج قواتها العسكرية منه.
يكتفي المثقفون بسرد النواقص والعيوب في الخدمات والأمن وغيرها ولكنهم يصمتون عن طرح وإجابة الأسئلة القيادية العميقة: لماذا؟ من؟ كيف؟ السبب؟
أشهد أن المثقفين رموا بكل اللوم على الإسلاميين متناسين أن الإسلاميين أنتجوا أكثر الدساتير ديمقراطية في المنطقة على هناته وأنهم أقاموا حكماً مدنياً وسط عناد وإصرار الطغمويين الرافضين للآخر وللديمقراطية والمصرين على الإطاحة بالديمقراطية بالإرهاب والتخريب ولكن الإسلاميين لم يعلنوا حتى حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية بل أظهروا صبراً وطول بال ملفتين.
كما أخفق أولئك المثقفون والفاشلون في تحديد المسؤول عن إثارة الطائفية وأخفقوا في إبراز التعريف العلمي للطائفية وفي تحديد الجهة المستفيدة من إثارتها ومن فرض المحاصصة. العقيدة الممارسة على أرض العراق الديمقراطي هي الوطنية والمواطنة وهذا أمر نابع بالضرورة من العقيدة الأولى أي الديمقراطية؛ لأن النظام الديمقراطي الدستوري الحقيقي، كالنظام العراقي، لا يمكن إلا أن يكون وطنياً مدنياً وقائماً على إحترام المواطنة ولا يمكن أن يكون طائفياً أو عنصرياً إذا ما فهمنا أن الطائفية (وكذلك العنصرية) هي قمع أو إقصاء أو تهميش طائفة (أو قومية) من قبل طائفة (أو قومية) أخرى أو من قبل سلطة غاشمة لا تنتمي لطائفة وهذا هو النمط الذي ساد في العراق على يد النظم الطغموية العراقية بمراحلها الثلاث الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري – الصدامي علماً أن الأخير مارس سياسة التطهير العرقي للكرد والتطهير الطائفي للشيعة وهذا ما جعله أن يكون دكتاتورياً قامعاً لكل معارض له من جميع مكونات الشعب العراقي.
شكل الطغمويون والبرزانيون الإنفصاليون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني السعودي الذي صاغه المحافظون الجدد والقاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها وتمكين إسرائيل من الهيمنة على المنطقة بقفاز سعودي ولدينا مما جرى في سوريا خير مثال. أمريكا تريد التركيز على بحر الصين الجنوبي الأشد أهمية حيث تمر منه (4000) مليار دولار من التجارة العالمية سنوياً.
فَقَدَ البرزانيون إهتمامهم بالديمقراطية العراقية وبدأوا يتآمرون عليها بعد أن أخذوا منها ما أخذوا ودسوا ما دسوا من ألغام في الدستور بتنسيق أمريكي معهم ثم إنخرطوا في المشروع الإمبريالي آنف الذكر على أمل تحقيق “مملكة برزانية” على حساب نضال الشعب الكردي لتحقيق طموحاته القومية المشروعة بالتحالف النضالي مع شعوب المنطقة، وعلى حساب إستقرار العراق ومصالحه.
الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدَّعون تمثيلَهم السنةَ لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب. غير أن السنة براء منهم وقد نبذوا الطغمويين خاصة بعد توريطهم الجماهير السنية البريئة إذ دفعوا بها الى العصيان لتغطية إحضار داعش الى العراق لإحداث تغيير ديموغرافي، ومن ثم دفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وتهديدات داعش.
كانت هذه المغامرة الداعشية الخطرة الفاشلة قد شكلت الضربة الإستراتيجية القاصمة الكبرى للطغمويين ورعاتهم حكام أمريكا وتركيا والسعودية وقطر، وما عادوا قادرين على الإبتزاز وفرض المطالب فهم الفاشلون في معركة “الديمقراطية والوطنية” الحاسمة.
للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً:
تعليق واحد
تعقيبات: تسريبات نيوز » وزارة الداخلية: الفياض… ظاهراً، ومقتدى: الإمامُ الأكبرُ والزعيمُ الأعلى… عمقاً… فتيقضوا يا أولي الألباب -1-