الرئيسية / مقالات / الحرب النفسية والقرآن الكريم والروايات (ح 6)

الحرب النفسية والقرآن الكريم والروايات (ح 6)

فيينا / السبت  14. 06 . 2025

وكالة السيمر الاخبارية  

د. فاضل حسن شريف
 
عن مجلة دعوة الحق: الإسلام والحرب النفسية: المؤمن حقا يقاوم الاستعمار الفكري ويصاول الغزو الحضاري الذي لا طائل من ورائه لأن له من مقومات دينه وثرات حضارته ما يصونه من تيارات المباديء الوافدة التي تناقض دينه وتراثه وحضارته وتذيب شخصيته وتمحو آثاره من الوجود قال تعالى ” قل يأيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا انتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما اعبد * لكم دينكم ولي دين” (الكافرون 1-5) وقال تعالى ” قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله. وما أنا من المشركين” (يوسف 108).
والمؤمن حقا لا يقنط أبدا ولا ييأس من نصر الله ورحمته، قال تعالى “لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا” (الزمر 53) وقال تعالى “ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون” (الحجر 56) وقال تعالى “وان تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون” (الروم 36) وقال تعالى “وإن مسه الشر فيئوس قنوط” (فصلت 49). تلك هي الحلول الجذرية السهلة البسيطة التي يعالج بها الإسلام آفات الحرب النفسية ومن موازنة هذه الحلول بحلول الأجانب نجد عظمة الإسلام في حماية المسلمين من شرور الحروب النفسية وبهذه الموازنة بين حلول الأجانب المعقدة وحلول الإسلام البسيطة تذكرت قولة “برنارد شو” في رسالته باللغة الانجليزية التي سماها (نداء العمل) وتأكدت من إنصافه فقد قال: (إن محمدا يجب أن يدعى منقد الإنسانية ولو أن رجلا مثله تولى قيادة العالم الحديث لنجح في حل مشكلاته بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة اللذين هو في أشد الحاجة إليهما). لقد ذكرت أن الحرب النفسية لا تؤثر في المؤمن الحق فهل العرب والمسلمون مؤمنون حقا؟ لابد من إعادة النظر في بناء الرجال ليكونوا دعامة الحاضر وسند المستقبل لنكون الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس. والسبيل إلى ذلك هو: أ – يجب أن يتحمل الآباء والأمهات واجباتهم كاملة في تربية الطفل، لأن الكثير منهم قد اهمل هذه الناحية اعتمادا على المدرسة، فيجب تلقين الأطفال مبادئ الدين الحنيف وأسس الخلق القويم في البيت قبل الالتحاق بروضة الأطفال والمدرسة. ب – أعادة النظر في تربية النشئ الإسلامي ووضع مناهج تربيتهم على أسس مستمدة من تعاليم الدين الحنيف. إن تفشي التردي الخلقي بين أبنائنا يخدم إسرائيل وأعداء العرب والمسلمين. فلماذا نخرب بيوتنا بأيدينا؟ إن إعداد المعلم والأستاذ إعدادا سليما هو مفتاح الإصلاح التربوي فلا بد من إعطاء هذه الناحية أعظم درجات الاهتمام يجب أن ندخل التعليم الديني في مدارسنا ومعاهدنا وكلياتنا، وأن نعد مناهج هذا التعليم باستشارة علماء الدين الحنيف. ج – يجب إقامة المساجد في كل مدرسة ومعهد وكلية وحث التلاميذ والطلاب على أداء فريضة الصلاة وقد دأب التلاميذ والطلاب على القيام بسفرات محلية وخارجية فلماذا لانقوم بسفرات لأداء فريضة الحج والعمرة ولو مرة واحدة في كل قطر عربي وإسلامي في كل عام؟. د – مراقبة تصرفات التلاميذ والطلاب المدرسين والأساتذة ووضع حد للانحراف والمنحرفين بحزم وقوة لمصلحة أولئك المنحرفين. إن (الحرية) التي بدون قيود هي (فوضى) والحرية الحقة في التصرف ضمن إطار الفضيلة والخلق الكريم. إننا لسنا بحاجة إلى (حرية) التفسخ والتحلل والضياع. إن عقلاء الأجانب ومفكريهم متدمرون من ضياع شبابهم فلماذا نستورد التحلل من وراء الحدود باسم الحرية والمدنية.. الخ من شعارات. هـ -على الدول العربية و الإسلامية أن تشجع الفضيلة وتقضي على الرذيلة وأن تولي مقاليد الأمر للملتزمين بالفضيلة والدين حتى يكونوا أسوة حسنة لغيرهم لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وعلى هذه الدول تحريم تقديم الخمور في حفلاتها الرسمية، ولا تمنع استيراد الأفلام الخليعة وعرض التمثيليات اللاأخلاقية في الإذاعة المرئية إلى كل دار فالله الله في أخلاق أطفالنا وشبابنا. و – على الدول أن تختار العلماء العاملين للنهوض بواجب التوعية الدينية في الإذاعة والصحافة وأجهزة الإعلام والمساجد والنوادي وقاعات المحاضرات وقصور الثقافة، إن حاجة العرب والمسلمين اليوم إلى علماء عاملين كأسد بن الفرات والعز بن عبد السلام وأبي الحسن الشاذلي وابن تيمية لا تقل أهمية عن حاجتهم إلى قادة أفذاذ كخالد بن الوليد والمثنى بن حارثة الشيباني، فمتى يعطي العاملون حقهم ومتى يفسح لهم المجال للنهوض بواجباتهم الدينية ؟
 
جاء في موقع العتبة الحسينية المقدسة عن الحرب النفسية ضد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله التحريض والاشاعات نموذجا للكاتب جعفر رمضان عبد: وقد تعرض النبي الاكرم محمد صلى الله عليه وآله لحملة من التكذيب والاستهزاء في حرب نفسية قذرة قادها نفر من قادة قريش كان من أبرزهم الوليد بن المغيرة و ابو سفيان وأبو جهل، وقد ذُكر أن نفرا من قريش تداول تسفيه النبي محمد لأحلامهم، وعاب دينهم، وتفريق جماعتهم، وسب آلهتهم، فبينما هم كذلك مر عليهم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله طائفًا بالبيت فغمزوه بالقول فظهر ذلك واضحًا في وجه النبي محمد. يبدو ان استشعار الحالة الصعبة التي كانت تعيشها قريش، حيث انها وقفت عاجزة عن مقارعة الفكر بالفكر، واذ أنها لم تستطع منع الناس من الدخول في الإسلام، مما استدعى من قادة قريش التوافق على القيام بحرب نفسية على النبي الاكرم، مما استدعى من قادة قريش التوافق على القيام بحرب نفسية على النبي الاكرم، وإثارة الإشاعات والتشهير به، ولعل اتهام قادة قريش لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله بالسحر لتوصيف حالة لم يقدروا على فهمها، كان الهدف واضحاً من خلال ذلك هو التشكيك برسول الله في محاولة لنزع المصداقية عنه لتفرض على القبائل حذراً وضغوطاً بعدم الاستماع له.  من جهة أخرى يظهر حجم شراسة الحرب النفسية على رسول الاسلام من خلال لَمزه أثناء مروره بقريش وخلال طوافه بالكعبة، وذلك للضغط النفسي ولزعزعة ثقته بنفسه أمام الناس، يقول تعالى “وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ” (القلم 51) يبدو ان الله اراد ان يثبت قدم المسلمين في ظل هذه التصرفات والنظرات والهمز واللمز، حيث يعود منبعها الى شدة عدواتهم للإسلام. كما تعزز الآية ثقة المسلمين بأنفسهم وتبين لهم أن المراد من هذه الحرب إنما هو الحقد والحسد.
 
جاء في صحيفة العرب عن الشائعات حرب نفسية ضد المجتمع للكاتبة سوسن ماهر: تعتبر الشائعات من أخطر الأسلحة التي تهدد المجتمعات في قيمها ورموزها، إذ يتعدى خطرها الحروب المسلحة بين الدول، بل إن بعض الدول تستخدمها كسلاح فتاك له مفعول كبير في الحروب المعنوية أو النفسية التي تسبق تحرك الآلة العسكرية، ولا يتوقف خطرها عند هذا الحدّ فحسب بل إنها الأخطر اقتصاديا.. والأدهى اجتماعيا. ليست الشائعة ظاهرة مستحدثة، بل إنها خلقت منذ بدء الخليقة، استخدمها الإنسان كثيرا لزعزعة الأمن والاستقرار حيث أطلقها وصدقها وتأثر بها، لتتبلور في أحضان ثقافته على مرّ العصور متشكلة ومتلونة بملامح كل زمان تظهر فيه. وتستهدف الشائعات أمورا معنوية كثيرة، لذا أطلق عليها ميسم الحرب المعنوية أو الحرب النفسية، وتكمن خطورتها في أنها تستخدم ضد أفراد تتوافق مع مزاجهم وتفكيرهم، فتجذبهم إليها ليصبحوا أدوات لترديدها دون أن يدركوا مدى خطورتها، خاصة في زمان تضاعفت خلاله سرعة انتشارها. والكل يعرف بأن سوق الشائعات في مجتمعاتنا العربية في الفترة الراهنة يمتاز بالمزيد من الرواج حيث تتنوع الشائعات فتكون شخصية، أو سياسية، أو اقتصادية إلا أن تأثيرها يصيب الناس بالقلق. يقول الدكتور عماد محمد مخيمر أستاذ علم النفس بجامعة الزقازيق: إن مصدر الشائعات غالبا ما يكون غير معروف، فحينما يروج شخص شائعة ما وتسأله عن مصدرها يقول: “سمعتها من فلان أو يقولون كذاِ..” دون التحقق من صحة ما يقول، والشخص المروج للشائعات إما أن يكون حاقدا أو جاهلا أو مستفيدا من ترويج الشائعة وانتشارها وخير دليل على ذلك ما رأيناه في فترة اندلاع الثورات العربية، حيث يستغل البعض الأخبار لإثارة الشائعات، عمدا لإحداث حالة من الخوف عند الناس ليشعروا بالفوضى وعدم الأمان مستخدمين في ذلك عمليات البلطجة وترويع المواطنين، لذا نجد بعض الناس يقولون: “إن النظام السابق أفضل فعلى الأقل كنا نشعر بالأمن والأمان” وهذا هو أهم مطلب تسعى الثورة المضادة إلى تحقيقه. ويضيف مخيمر قائلا: إن من شأن الشائعات أن تثير الذعر والتوتر والقلق في نفوس الناس، خاصة في حالة الفراغ الثقافي والفكري لديهم، وتنتشر الشائعات وينشط مروجوها أثناء ما نسميه بـ”أوقات توقع الخطر” وهي أوقات الحروب والكوارث والفوضى لأن الناس يتوقعون حدوث الشر خلال هذه الأوقات، وهذا هو سبب انتشار الشائعة لأن الناس، في هذا التوقيت، حينما يسمعون أية معلومة يتناقلونها فيما بينهم دون التحقق من صحتها خوفا منهم على أبنائهم وممتلكاتهم.
 
جاء في موقع براثا عن الحرب النفسية ومخاطرها للكاتب مانع الزاملي:الحرب النفسية هي الحرب التي تستهدف معنويات الإنسان المستهدف وزعزعة وضعه النفسي والمعنوي، واختلف المتخصصون في مبناها اللغوي،فمنهم من يطلق عليها حرب الاعصاب،او الحرب الباردة، او الحرب الدعائية، لكنهم اتفقوا على أنها شكل من اشكال الصراع الذي يستهدف الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه، وإحلال أفكار أخرى محلها  مخالفة تخدم العدو، ان الحرب  النفسية  غالبا  ماتستخدم في دعم العمليات العسكرية، او الحرب السياسية، وهي أي فعل يمارس وفق أساليب نفسية لأستثارة رد فعل نفسي في الآخرين. ومراحل الحرب النفسية تنطلق عادة من خلال تهويل وتضخيم أخطاء المستهدف بقصد إحداث حالة من فقدان الثقة بين القاعدة وقياداتها وهذا مايحصل في العراق في السنوات الأخيرة والهدف هو إضعاف الجبهة الداخلية. ولكي تقي نفسك من اضرار هذه الحرب عليك ان لاتصدق الشائعات او تساهم في نشرها بل اجعلها تنتهي عندك، ولاتساعد في حبك المؤامرات وافتعال الازمات وارفض عمليا عوامل التفرقة التي تشتت ابناء المجتمع الواحد وعليك أن تثق بقدراتك النفسية واجعلها عصية على الهزيمة بمساعدة عوامل التوكل على القوة المطلقة الايمانية، من خلال الايمان بالله الذي يراقب وينصر من ينصره، وعليك ان لاتهزم وارفع من روحك لان الاستسلام للشائعات أول خطوة للهزيمة.

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

اترك تعليقاً