الرئيسية / الأخبار / بيان* *في الذكرى الخامسة والأربعين للإستقلال المزعوم* *الإستعمار البريطاني لم يخرج من البحرين وما جرى مجرد خدعة بصرية والإحتلال لازال مستمراً وقائما ً
الدكتور راشد الراشد

بيان* *في الذكرى الخامسة والأربعين للإستقلال المزعوم* *الإستعمار البريطاني لم يخرج من البحرين وما جرى مجرد خدعة بصرية والإحتلال لازال مستمراً وقائما ً

السيمر / السبت 13 . 08 . 2016 — نص بيان الدكتور راشد الراشد كما تلقته ” جريدة السيمر الإخبارية ” :
لم تكتف بريطانيا بإحتلالها الغاشم للبحرين بإنتهاكاتها الفاضحة لمبادىء الشرعة والشرعية الدولية وقيم حقوق الإنسان والديمقراطية التي تتشدق بها ليل نهار بل عمدت لإستخدام كل وسائل وأساليب المكر والدهاء من أجل إستمرار الهيمنة والسيطرة والنفوذ على بلدنا العزيزة البحرين بفرض الأمر الواقع ومن خلال “الكذب” وتحريف الحقائق بأن مملكتهم المعروفة بأكبر دولة إستعمارية عرفتها البشرية في تاريخها والتي تقوم على اسس العصابات المنفلتة التي تمتهن القتل والتخريب والتدمير من أجل السيطرة والنهب قد قامت بالخروج من بلادنا ومنحتها الإستقلال المزعوم في ١٤ أغسطس ١٩٧١م .
ونتسائل : هل تم رحيل “آخر جندي بريطاني” من البحرين في ذلك التاريخ لكي نتحدث عن إستقلال حقيقي ؟ وهل قام بعد ذلك نظام سياسي يمثل الإرادة الشعبية الحقيقية ؟
والجواب : كلا! فالإستعمار لم يغادر أرضنا الغالية وما خلفه منذ ذلك التاريخ المشؤوم هو مشروع تم وضع كل تفاصيله وهندسته وتنفيذه والرقابة والإشراف عليه بريطانياً ..
لقد قاوم شعب البحرين الإستعمار البريطاني كما قاومت الشعوب العربية والإسلامية حتى أجبر الإستعمار البريطاني لتغيير إستراتيجيته في “الإستعمار” وقام إثر ذلك بالإعلان عن عزمه الخروج ومنح الإستقلال الكاذب والمزيف لشعب البحرين ، وقد تم التمهيد لذلك من خلال حملات نفسية وإعلامية ضخمة كانت نتيجتها أن يتم تمرير الإحتلال والإستعمار بحلته الجديدة وتحت اليافطة المزعومة بالإستقلال حيث لم يحدث من الإستقلال الأكذوبة إلا مجرد أن تختفي مظاهر الإستعمار البريطاني العسكرية من شوارع البحرين بينما تبقى مخالب الإستعمار الكريه مغروسة في جسد وطننا الغالي ولكن بوجود متواري خلف الجدران !
لقد كان الإستقلال حلماً رواد الآباء والأجداد الذين قاوموا الإستعمار البريطاني ببسالة ، وظل طموحاً كبيراً حملوه وقدموا من أجله الشهداء ودفع شعبنا فاتورة ضخمة من جشع البريطانيين ونهمهم للسيطرة والنفوذ في بلادنا ، ولأهمية بلادنا الإستراتيجية في المنطقة والتي تصلح كقاعدة إنطلاق لمزيد من السيطرة والهيمنة على باقي الأجزاء في المنطقة ما كان للبريطانيين أن يرحلوا من البحرين بأي ثمن وكانت الخديعة الكبرى هي “الإستقلال” الصوري ..
وفي هذا الإستقلال المزعوم عمد البريطانيون إلى إخفاء كل المظاهر العسكرية من الشارع وتزامن ذلك مع حملة نفسية وإعلامية ودبلوماسية ضخمة لتمرير الإستقلال المزعوم وهي أكبر أكذوبة تم تمريرها ليستمر الإستعمار ولتستمر معه الهيمنة والسيطرة ومن خلال إجرائين أساسين قام بهما المستعمر البريطاني وهما :
أولاً : إخفاء مظاهر الإستعمار التقليدية من شوارع البحرين لأنه لم تعد مقبولة في العالم ولأن هناك ثورات في معظم مناطق الإستعمار ألهمتها قيم التحرير ومقاومة الإستعمار والتي انتشرت في سماء معظم الدول المستعمرة مما كلف فلول المستعمرين كثيرا وجعلهم يفقدون الكثير من مواطىء أقدامهم في عموم المنطقة مما جعل خيار بقاء الإستعمار بوجه التقليدي القديم أمراً صعباً وتحدياً غير عادي ، ولذلك لابد من إستراتيجية جديدة لمواجهة تطورات تنامي ثقافة التحرر والتحرير من ربقة المحتلين والمستعمرين ومن هنا بدأ مشوار خديعة “الإستقلال” بالذات في نسختها المتعلقة بالبحرين حيث تم جعل ضباط والقادة الأمنيين لبريطانيا يمارسون أدوارهم في السيطرة والنهب وإدارتهم الأمور من خلف الجدران .
ثانياً : تثبيت وإبراز ودعم نظام تابع وعميل يتم من خلاله تمرير الأكذوبة بغطاء متمدن وحضاري تظهر من خلاله الدولة المستعمرة لأرضنا وكأنها ملاك الإنتقال من ذل وعبودية الإستعمار إلى الإستقلال ، وهكذا تم تثبيت النظام الحالي تحت عناوين التحرر والإستقلال والديمقراطية بينما تم تكريس نظام حكم شمولي يمتاز بالديكتاتورية والإستبداد وتم تعزيز إخضاع بلادنا العزيزة تحت براثن ونير الإستعباد ولكن بيافطات متمدنه مدارها الإستقلال الكاذب .
*وهنا نشير إلى الحقائق التالية :*
– إننا على قناعة تامة لا تقبل الشك أو الإرتياب وبما نمتلكه من مشاهدات على أرض الواقع بأن الإستعمار البريطاني لم يخرج من بلادنا قط ولم يغادرها بمقدار ثانية واحدة فهو موجود يدير البلاد من وراء الجدران .
– في يوم ١٤ أغسطس من العام ١٩٧١ الذي سمي بيوم الإستقلال المزعوم ما قام به البريطانيون هو مجرد تغيير في شكل الإدارة حيث أختفى قادة وضباط الإستعمار من الشوارع فحسب ولكنهم بقوا يقودون “الإستعمار” من وراء الجدران .
– ولكي تكتمل فصول المسرحية للإستقلال المزعوم عمد البريطانيون إلى زرع نظام حكم شمولي تابع وخاضع كواجهة للإستقلال المزعوم والتي جرت من خلاله الإحتفالات الكرنفالية وعلى مستوى إقليمي ودولي واسع وذلك للإعلان عن أكذوبة الإستقلال وعلى أن ما يجري هو يوم وطني كبير يحق للبحرانيون الإحتفاء والإحتفال به ، لكن الحقيقة تقول بأنها كانت مجرد مسرحية تم فيها الإنتقال من هيئة الإستعمار باللباس العكسري الفاضح إلى التحكم في الأمور بالمظهر المدني ومن وراء الجدران . وقد ظلت قيادة جهاز الأمن الوطني تحت إمرة الجنرالات العسكرية والأمنية البريطانية مباشرة وظل الخبراء البريطانيون هم الإستشاريون الوحيدون الذين يلفون برقبة نظامهم المزروع والفاقد لأية شرعية شعبية .
– المئات بل الآلاف ممن تم إعتقالهم منذ ذلك التاريخ أي في ١٤ اغسطس ١٩٧١ وحتى وقت متأخر من تسعينيات القرن المنصرم يؤكدون بأن المشرفين على التحقيقات والإعتقالات السياسية والأمنية كلهم بريطانيون ومعظم جيل الستينيات والسبعينيات يستذكر أسماء كإيان هندرسون وسميث اللذان كانا يمثلان التاج البريطاني في إدارة الأمور في جزيرتنا الدافئة .
– اليوم وبشكل فاضح وسافر يتم الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية بريطانية لتؤكد حقيقة الإستقلال المزعوم والحقيقة إننا كشعب لم نذق طعم الحرية والإستقلال منذ أن أحتل البريطانيون بلادنا وزرعوا هذه النظام السياسي الحالي وجعلوا الملك عضوضاً في قبيلة لا تعرف شيئا عن التمدن والحضارة والإنسانية كما أنها والأهم لا تنتمي لهذه الأرض وليست لها هوية تاريخية واضحة ومحددة ، بينما حاربوا بكل سطوتهم الأمنية والعسكرية كل محاولات الشعب نحو الإستقلال وبناء نظام سياسي ديمقراطي على أنقاض مخلفاتهم من النظام الحالي المتسم بالديكتاتورية الشمولية والإستبداد المطلق .
*إننا وبمناسبة اليوم الوطني أو ما عرف بيوم الإستقلال المزعوم نؤكد على التالي :*
اولاً – الإستقلال الوطني المزعوم لم يحدث البتة ولم يغادر الإستعمار البريطاني بلادنا حتى اللحظة ولابد لجميع القوى الدينية والوطنية أن تتعامل مع حديث الإستقلال على أساس أنه أكذوبة وأن الإحتلال ما زال قائما حتى تتحقق الديمقراطية كاملة غير منقوصة وإن علامة الإستقلال الحقيقي وصدق التحرير والتحرر تكمن في قيام نظام ديمقراطي شامل وليس في ظل وجود وإستمرار نظام شمولي ديكتاتوري ومستبد .
ثانياً – لا إستقلال والبريطانيون لازالوا متواجدين ويعلنون في كل لحظة بأنهم موجودون لحماية الديكتاتورية والإستبداد من التحول إلى الديمقراطية والمشاركة الشعبية الحقة وليس المزيفة والموهومة .
ثالثاً – نحمل البريطانيون كامل المسؤولية عن الخراب الذي حل ببلادنا وعن جميع الدماء التي سفكها نظامهم المزروع ضد أبناء البحرين .
رابعاً – نحمل المجتمع الدولي مسؤولية الصمت والسكوت عن إغتصاب قبيلة آل خليفة الحكم والدولة دون أي شرعية أو مشروعية شعبية . ونطالب هذا المجتمع بالإضطلاع بمسؤولياته لتحقيق نظام سياسي ينبثق من الإرادة الشعبية ولا يفرض عليها بقوى خارجية كالإستعمار البريطاني مدعوماً بموقف الولايات المتحدة الإمريكية .
خامساً – نعلن للعالم كافة بأننا سنواصل رفض التواجد البريطاني في بلدنا ونعتبر وجودهم ووجود نظامهم الذي زرعوه إحتلالا وإستعمارا يجب مكافحته ومواجهته بكل الوسائل والسبل المشروعة .
سادساً – لن يكون هناك إستقلال حقيقي في بلادنا طالما أن النظام السياسي الحاكم ديكتاتوري شمولي ومستبد ولن يكون إحتفالنا بيوم الإستقلال إلا بعد إسقاط الديكتاتورية وقيام نظام شعبي بديل يستمد شرعية ومشروعية وجوده من صناديق الإقتراع وليس من فوهات البنادق وفرض الأمر الواقع بالقوى الإستعمارية والإستكبارية .
سابعاً – نوجه خطابنا إلى الشعب البريطاني ليطلع على حقيقة دور نظامهم السياسي في تكريس النظام الديكتاتوري الحاكم في بلادنا ونطالبهم بالإنتصار إلى قيم العدالة والديمقراطية في بلادنا من خلال إنسحاب حقيقي لنظامهم السياسي من البحرين سياسيا وعسكريا وأمنيا .
ثامناً – نرفع مطالبنا المشروعة ببناء نظام ديمقراطي إلى كل الضمائر الحرّة والشريفة في العالم لتتحرك بكل طاقتها من أجل مواجهة الإستعمار بوجهه المدني المخفي وراء الجدران كما هو عندنا في البحرين الذي يقف وراء دعم ومساندة مغتصبي السلطة ومحاربتهم لكل محاولات الشعب لنيل الحرية والإستقلال وممارسة حقهم في تقرير المصير .
تاسعاً – نتوجه إلى جميع القوى السياسية في بلادنا وإلى شعبنا العزيز بمواصلة الجهاد والنضال من أجل إسقاط الديكتاتورية الحاكمة وطرد القوات البريطانية المستعمرة من أرضنا الطاهرة وبناء نظام سياسي يستمد شرعيته من صناديق الإقتراع لا فرض الأمر الواقع ورفض الحلول الترقيعية أو أنصاف الحلول فالكرامة والحرية والعدالة كلأ لا يتجزأ .
عاشراً – إننا ومن موقع إعتزازنا بثورة شعبنا الراهنة ضد الظلم والديكتاتورية والإستبداد وثبوت قدرة شبابنا الغيور على مواجهة مشروع الإستلاب الوطني وتمكنهم من أفشال مشروع الإستعمار البريطاني في الإبقاء على شرعية النظام الحالي الزائفة والموهومة ورغم قسوة مشروعهم الإستعماري الإستيطاني فإننا نعبر عن ثقتنا بأن صمود وثبات شعبنا هو كفيل بتحقيق تطلعاتنا المشروعة في وطن الحرية والإستقلال في ظل نظام سياسي تعددي يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية وعبر صناديق الإقتراع .
حادي عشر – إننا وفي الوقت الذي ندعو به جميع القوى والتيارات السياسية لبناء أوسع جبهة وطنية لمواجهة آلة الديكتاتورية والإستبداد المدّمرة بحق شعبنا الأبي نطالب بدفن كل المبادرات السياسية الرامية إلى تصفية مشروعنا الوطني من خلال التسويات التي تكرس حقبة الإستعمار ومخلفاته العفنة من النظام الديكتاتوري القائم وعدم القبول بأنصاف الحلول كالقبول بنصف الحرية أو بنصف الكرامة بينما النصف الآخر يتمثل في العبودية والخضوع للديكتاتورية وشرعنة نظامها الفاسد والظالم ، بل لابد من الإصرار على إقامة نظام سياسي ينبثق من الإرادة الشعبية وعبر صناديق الإقتراع.
ثاني عشر : كما نطالب كافة النخب والكوادر المجاهدة والمناضلة للإرتقاء إلى مستوى الوقائع التي تمر بها قضية شعبنا الطامح للحرية والعدالة ، والإلتفات إلى حجم المعاناة المتزايدة لشعبنا بسبب إستمرار “الإستعمار” ومنهج الإستعباد الذي يمارسها النظام الديكتاتوري الحاكم وتغليب القضايا والمصالح الكبرى على المصالح الذاتية الضيقة مهما كانت خاصة وما نتعرض له اليوم كشعب يستهدف هويتنا ووجودنا الكامل كما تتعرض كافة حقوقنا للمصادرة . وإننا نغتنم هذه الفرصة لندعو الجميع إلى تحمل مسئولياته الأخلاقية والحضارية والتاريخية والقيام بدور بناء في توحيد الجهود وَلَم الشمل والقفز عن الفئوية الضيقة والفصائلية المدّمرة في هذه المعركة المصيرية والتي قد تغير خارطة المشهد السياسي فيما لو اضطلعت الكوادر الدينية والوطنية السياسية بدورها المسؤول والذي يقوم على أساس واحد وهو تغليب متطلبات معركة الحرية والديمقراطية الكبرى على نوازع الفئوية الضيقة .
من أجل تحقيق تطلعاتنا المشروعة في الحرية والعدالة ليس أمامنا خيار سوى المواصلة والإستمرار في مواجهة الظلم والإستعباد والديكتاتورية وقد ثبت وبالأدلة القاطعة على أن إرادة الشعوب لايمكن أن تقهرها إرادة الطغاة وذلك مهما بدت الصورة بخلاف ذلك ، وندعو شعبنا العزيز إلى التمسك بخيار الحرية والكرامة والصبر والصمود حتى يتحقق الإستقلال المنشود وبناء وطن العدالة والحرية والكرامة .
إن تفكيك بنية الإستعمار ونظامه الديكتاتوري المصنع وظيفياً هي مسألة قابلة للتنفيذ ومثبتة تاريخياً وميدانياً عبر الإرادة والإستبسال في المواجهة .

*“ ونريد أن نمن على الذين إستضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين “ القصص – ٥.
“كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين” البقرة – ٢٤٩.
“يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” المؤمنون – ٧.
“وأن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون” آل عمران – ١٦٠.*

*الدكتور راشد الراشد*
البحرين المحتلة
يوم الجمعة ١٢ أغسطس ٢٠١٦

اترك تعليقاً