السيمر / الخميس 29 . 09 . 2016
زيد شحاثة
تنفرد شخصيات في التاريخ, بكثير من الشهرة, وتصير محلا للنقاش والتحليل, وربما تتناولها الكتب السماوية, وتبينها وتشرحها كقصة, بهدف بعث رسائل, والإعتبار من سيرة تلك الشخصية, وما حصل معها, من مواقف وأحداث.
إشتهرت قصة قارون, لإرتباطها بقصة النبي موسى, عليه وعلى نبينا وأله أفضل الصلوات, وما رافقها, من إنحراف, لهذا الشخص, من مؤمن برسالة النبي, إلى كافر, يطلب مصالح دنيوية, وبتفاصيل كثيرة, صارت شائعة ومعروفة لدينا, حتى صارت مضربا للأمثال, لمن يطلب المال والملك, وسوء الخاتمة والمنقلب.
يخطيء من يظن أو يفهم, أن القصص الواردة في الكتب المقدسة, هي فقط لأغراض دينية دعوية, وأنها لتخوفنا من النار, وترغبنا بالجنة.. فهي تعطينا نماذج, لكيفية عيش الحياة, وتنظيم أمورها, وتقنين العلاقات البينية, وغيرها من تفاصيل الحياة الإنسانية.
تطرق المرجعية لهذا الشخص خلال خطبة الجمعة الإسبوعية, خلال الفترة الماضية, ركز بشكل كبير, على ما ألت إليه هذه الشخصية, من إنحراف عن جادة الصواب, وتكسبها المال, بطرق غير شرعية, وإدعائها أن هذا التكسب, تم بجهدها الخاص, دون قدرة الباري عز وجل.
هل كانت المرجعية بذكرها هذه القصة, تقصد النموذج أم الشخص؟
معلوم لدينا, ان المرجعية توقفت عن الحديث في السياسة, بعد أن “بح صوتها”, ولم تجد أذنا صاغية, لكنها لم تتوقف عن الحديث بالشأن العام, والنصح والإرشاد, أو ما يمكن أن نسميه “إعادة تربية المجتمع وتهذيبه”, وربما ترسل إشارة هنا, وغمزة مهذبة هناك, لمن بيدهم الأمور.
من يفهم أن القصة كانت, تقصد أشخاصا, كانت بيدهم مقاليد الأمور, وكانت بداياتهم, تكاد تكون صحيحة, لكنهم إنحرفوا وأفسدوا, وكاد أن يطاح بالعراق, ويذهب إلى غير رجعة, ربما هم مصيبون.. فالدمار الذي سببه هؤلاء بسوء تدبيرهم, وفسادهم وفشلهم, وإعتمادهم على من, لم يكن أهلا لذلك, مما لا يخفى ولا يحتاج لدليل.. لكنه فهم قاصر ومحدود الأفق ربما.
الفشل والفساد, الحاصل في بلدنا, وعلى مختلف المستويات, ليس من صنع شخص أو مجموعة صغيرة, بل هو منظومة.. قادها, هؤلاء ” القارونييون”, وتبعهم ونفذ لهم, أذناب ولصوص صغار, وأتاح لهم هذه الفرصة, جمهور أخرس, سكت عن فعل هؤلاء, فتصورا “القارونييون” أنهم, أنما نالوا ذلك ” على علم عندهم”.
إشارة المرجعية, كانت تحذيرا لنا, بأن لا نتغافل, عن أن كل منا “ربما”, كان قارونا وإن لم يعلم أو يقصد, فمن لم يشارك بالفعل, شجع بالسكوت, وأن أمثال قارون كثيرون, وهم خطر كبير, على البلد, لكن الظاهرة, أخطر وأكثر تأثيرا.