الرئيسية / مقالات / نريد وطناً مثل بلاد «الكفار»

نريد وطناً مثل بلاد «الكفار»

السيمر / الأربعاء 31 . 05 . 2017

احمد الصراف / الكويت

هذا المقال مقتبس من مقال كتبه الزميل السوري محمد البوادي في موقع «فنكس» الإلكتروني.
* * *
يكرر الكثيرون، عقلاء وبسطاء، مقولة إن سبب تخلفنا يعود إلى ابتعادنا عن الإسلام، ولكن هل سبب تقدم اليابان وأميركا وأوروبا، وحتى الصين وروسيا، هو قربها من الإسلام أو من أي دين آخر أصلاً؟ وهل تمسكها بالشريعة هو سر استقرارها؟ وما علاقة الدين بمصانع الطائرات، وإنتاج الصواريخ العابرة للقارات، وتجارب المختبرات، وتطوير المكتشفات؟ ولماذا تسمح حكوماتنا لعشرات آلاف خطباء المساجد بلعن الكفار والدعاء عليهم، ووصفهم بأحفاد القردة والخنازير، وأن يكون مآلهم النار، ولكن ما أن يشعر أحد هؤلاء «بوعكة» حتى يطير على طائرات الكفار لتلقي العلاج لديهم؟ ولماذا عندما نريد توفير أفضل تعليم لأبنائنا نرسلهم إلى جامعات الكفار، ولماذا عندما نمرض وبحاجة إلى دواء نرفض الحلبة والحبة السوداء والحجامة، ولا نرضى بغير أدوية الكفار، والعلاج في مستشفياتهم، وعلى أيدي أطبائهم؟ ولماذا عندما يضطر البائسون منا للخروج من أوطانهم لا يجدون غير أذرع الكفار مفتوحة للقائهم، ليبيتوا في بيوت عبادتهم، وليغسل رأس كنيستهم أقدامهم؟
ولماذا عندما تصاب دولنا بكارثة أو مجاعة، لا نطلب إلا من بلاد الكفار تقديم مساعدتنا، وإرسال الغذاء والكساء لأطفالنا؟ ولماذا إن أردنا حماية أموالنا، وحفظها من أن يسطوا الأشقاء والأخوات والأبوات عليها، ننقلها إلى مصارف وسندات وأسهم وعقارات بلاد الكفار؟ ولماذا إن رغبنا في استشارة منصفة ومحايدة وصحيحة لجأنا إلى مستشاري بلاد الكفار، وإن أردنا حماية حدودنا ووجودنا، من إخوتنا في العقيدة والأصل واللغة، فلا نجد من يقف معنا غير الكافر، وإن أردنا تثقيف أنفسنا بصحيح المعلومات، فلا نجد غير مصادر ووثائق الكفار؟ ولماذا عندما نريد زيادة إنتاج حقولنا من الغذاء، نستخدم بذور بلاد الكفار، وعندما نتعب من غسل الملابس في مياه البحر، وبأيدينا، ونريد مياه شرب نظيفة نستورد محطات التحلية منهم، ونستورد معها مكائن غسل الملابس ووسائل النقل وأجهزة تكييف هواء المكاتب والبيوت، وأحمر الشفاه، ومزيل العرق وشعر الإبط، ومعاجين الحلاقة ومنظفات الأسنان، وحتى مكانس القش؟
في بلاد الكفار لا يعتقل المواطن لأنه هاجم رجل دين. أما نحن، فالقصاص بانتظارنا.
في بلاد الكفار لا يخفون المرأة خلف نقاب، ولا يحكمون على الرجل بطول ذقنه وقصر ثوبه. وفي بلادهم لا يسمحون للفتاوى بالتحكم في حياتهم، فالدستور مستقر، ونصوص القوانين واضحة.
نعم، نريد وطناً علمانياً وديموقراطياً وحراً وجميلاً كأوطان الكفار، وطناً يلقى فيه العالم والطبيب وأستاذ الجامعة، وقبلهم المعلم، باحترام لا يقل عن الاحترام الذي يلقاه رجل الدين. نريد وطناً لا يفرق بين هندوسي وشيعي ومسيحي وسنّي، فهل سنحصل يوماً على هذا الوطن، أم سنظل نلعن الغرب الكافر ونكتفي بحلم التشبه به وبنظامه وقوانينه وأسلوب معيشته، ونتوق، علناً أحياناً، وسراً غالباً، إلى التمتع بخيراته والاسترخاء في ظل عدالة قضائه والتمتع بجمال طبيعته؟

القبس الكويتية

اترك تعليقاً