الرئيسية / مقالات / الهجرة غير الشرعية للحج

الهجرة غير الشرعية للحج

السيمر / الجمعة 27 . 07 . 2018

معمر حبار / الجزائر

تحدّثت مع الكثير من الجزائريين الذين ذهبوا للحج منذ شهر رمضان كلّ عام ومكثوا هناك إلى غاية انطلاق موسم الحج من أجل الحصول على لقب “الحاج”، لأنّ القرعة لم تكن لصالحهم وهم ينتظرون دورهم منذ سنوات، واعتبارات أخرى ليس من مهام هذا المقال التطرق إليها.
المهم، أنّ الحجاج ذاقوا الذلّ والهوان طيلة فترة 6 أشهر ينتظرون موسم الحج، وهم يتحدّثون أنّ الأبواب تغلق في وجوههم حيث يمنعون من الخروج وكأنّهم معتقلون، ويظلّون يخشون الاعتقال والسجن، ويكتفون بالصلاة داخل بيوتهم خوفا من الاعتقال إن خرجوا.
هذه الحالة المزرية التي سمعتها من العديد من الحجاج الجزائريين تدل على ذلّ وهوان لا يليق بالسجين المعتقل فكيف بالحاج العزيز الكريم.
لا ألوم المملكة السعودية لأنّ الداخل لأيّ بلد لا بد أن يحترم قوانينها الداخلية كما يحترم القوانين الداخلية لأيّ بلد، لكن ألوم بشدّة الجزائري الذي رضي لنفسه هذا الذلّ والهوان لأجل لقب “الحاج”، وألوم من كان سببا ودافعا لمثل هذه الظروف.
عرب الجاهلية كانت تكابد العطش وطول السفر و صعوبة الطريق والأمن المفقود وقلّة الحاجة، لكنها لم تذلّ ولم تهن نفسها لأجل لقب “الحاج”.
نفس النقد نوجّهه للجزائريين الذين يسعون بكلّ ما لديهم لأجل الحصول على جوازات سفر تتعلّق بالمجاملات التي تقدّمها المملكة السعودية لبعض الجزائريين. وعتابنا ليس على المملكة السّعودية التي توّزع جوازات سفر المجاملة لمن تراه يخدم مصالحها، لكن عتابنا على الذين يتنكّرون لفضل مجتمعهم لأجل الحصول على لقب “الحاج” بأيّ ثمن.
نتوجه بالنقد للذين يرهقون أنفسهم بالدين لأجل الحصول على لقب “الحاج” ثمّ يعجزون عن تسديده، فيغرقون في مستنقع الكذب والزور وعدم مواجهة صاحب الدين، وربما خاصم وفاجر واتّهم.
أطالب بإلغاء نظام جوازات السفر الخاصة بالحج التي تقدّمها الجزائر للمسؤولين، والسبب في ذلك كون بعض الجزائريين ينتظرون القرعة لمدّة 10 سنوات دون جدوى وعلى أمل أن يعانقهم الحظّ ذات يوم، فلا يعقل أن يظلّ هؤلاء وقد بلغوا من الكبر ما بلغوا، يصارعون الزمن ليتنعمّ غيرهم عبر جواز سفر لم يكلّف نفسه عناء القرعة وانتظار الطابور، فيتجّه بعدها للذلّ والهوان كما شرحنا جيّدا في الذين يفضّلون البقاء في السّعودية من شهر رمضان إلى موسم الحج.
إنّ الله تعالى قال في كتابه العزيز : “وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ” آل عمران – الآية 97. ما يعني أنّ الحج أساسه الاستطاعة، أي دون أن يرغم نفسه للاستدانة، ودون أن يرغم نفسه للذل والهوان، ودون أن يرغم نفسه لبيع أمّته من أجل مجاملة تأتيه من الخارج، ودون أن يبدّل ويغيّر من أجل مجاملة داخلية، ودون أن يرغم نفسه أن يعيش عيشة المهاجرين غير الشرعيين والخائفين لأجل لقب “الحاج”.
الدول التي تحارب الهجرة غير الشرعية القادمة إليها كممرّ عابر أو ممّر مستقر وتبذل لأجل الحدّ منها العسكر والمال والسّياسة والنفوذ والإغراء، هي أيضا مطالبة أن تحارب الهجرة غير الشرعية بما يليق وبما هو مناسب للحدّ منها للذين يتّخذونها وسيلة للحج وللحصول على لقب “الحاج.
عرب الجاهلية كادت أن تبيد بعضها حين تعلّق الأمر بالتكفّل بشرف رفع الحجر الأسود ووضعه في مكانه، وراحت كلّ قبيلة تفتخر بما تقدّمه من خدمات جليلة للبيت العتيق و للحجاج، وعرب اليوم يفتخرون بلقب “الحاج” بجواز سفر بالمجان، وبمجاملة داخلية وخارجية بالمجان، وبمكوث 6 أشهر في غرفة مغلقة بالمجان.

اترك تعليقاً