السيمر / الاحد 02 . 09 . 2018
اياد السماوي
كتب الصحفي المتألق جعفر الونان مقالا هذا اليوم تحت عنوان ( الحجي والمستر ) تناول فيه الكاتب الموقف من التدخلات الخارجية في تشكيل الحكومة القادمة , وقد استخدم السيد الونان مصطلحي الحجي والمستر كإشارة عن الحاج قاسم سليماني قائد فيلق القدس والمستر بريت ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ترامب إلى العراق والموجود حاليا في بغداد , وفكرة المقال تدور حول رفض الكاتب جعفر الونان لدور كل من الحجي والمستر اللذان يمثلان إيران وأمريكا في تشكيل الحكومة القادمة في العراق , باعتبار أنّ تشكيل الحكومة القادمة هو شأن عراقي خالص ويهم العراقيين لوحدهم , ولا حق لأي جهة أو طرف التدّخل في هذا الشأن العراقي , ومنتقدا أيضا السياسيين العراقيين الذين يجتمعون بالحجي والمستر في آن واحد , واصفا إياهم بتلاميذ رياض الأطفال الذين يجيدون دور التابع لا المتبوع , ومعتبرا أنّ مساحات تشكيل الكتلة الأكبر والحكومة القادمة واختيار رئيس الوزراء هي مساحات ملتهبة لا يحق لغير العراقيين الوصول إليها أو الاقتراب منها , ليصل في نهاية المقال إلى أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من رفض التدخلات الخارجية أي كان شكلها ولونها .
ومن حيث المبدأ فإنّ دعوة السيد الونان لرفض أي تدّخل خارجي في الشأن السياسي العراقي هي دعوة صحيحة لا غبار عليها وتعبر في الوقت ذاته عن وطنية صادقة لا شّك فيها أبدا , وهذا صحيح جدا في العنوان العام , أمّا في العنوان الخاص فالأمر مختلف تماما , فإيران وأمريكا لهم دور كبير في كل ما يحصل في العراق , وهذه حقيقة يعرفها حتى الطفل ولا أحد يستطيع إنكارها , ومن يريد أن يعرف دور كل من إيران وأمريكا في الأحداث الجارية في العراق , فلينظر لدور كل منهما في نشأة داعش وتمددها في العراق وسوريا واحتلالها لثلث مساحة العراق وتهديدها بغداد بالسقوط , وكيف تصرّفت إيران وأمريكا عندما أصبحت داعش على أبواب بغداد , وأين كان كل من الحجي والمستر في هذه الفترة العصيبة من تأريخ العراق ؟ فدولة الحجي فتحت كلّ مخازن السلاح والعتاد لديها إلى الجيش العراقي وفصائل المقاومة العراقية وجموع المتطوعين بموجب فتوى الجهاد الكفائي التي غيرّت مجرى التأريخ , وأرسلت الخبراء العسكريين والمتطوعين لقتال داعش دفاعا عن العراق وشعبه ومقدساته , حيث أوقف هذا الدعم اللا محدود زحف داعش نحو بغداد وإسقاطها , وفي هذه الفترة تحديدا كان الحجي يحضر كل اجتماعات القيادات العسكرية العراقية وكان يتقدّم صفوف المقاتلين مع قادة العراق العسكريين في محاور القتال مع داعش , وقد تعرّض لأكثر من كمين هو والحاج أبو مهدي المهندس كاد أن يودي بحياتهما , وتعرض إلى الموت المحقق مرات عديدة في قواطع العمليات مع داعش , ويشهد بهذا كل القادة العسكريين العراقيين الذين التقاهم كاتب هذا المقال , في حين كان المستر ودولة المستر ينتظرون نبأ سقوط بغداد على يد داعش لحظة بعد أخرى , في وقت امتنعت فيه دولة المستر بتزويد العراق بأي قطعة من السلاح والعتاد بالرغم من وجود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين العراق وأمريكا , من أجل إسقاط حكومة المالكي التي تعتبرها دولة المستر مساندة لإيران وسوريا , وبالتالي فإنّ المساواة بين تدخل دولة الحجي ودولة المستر في الشأن السياسي العراقي ووضعهم في كفة واحدة هو إجحاف كبير ومجافاة للإنصاف , وإن كان هنالك ثمة رفض للتدّخل في الشأن السياسي العراقي فهذا الرفض يجب أن يوّجه لمن أسس داعش وأمدها بالمال والسلاح والرجال , وليس لمن وقف وتصدى لداعش وحمى العراق ونظامه وشعبه ومقدساته , ومن يريد أن ينظر إلى دور الحجي والمستر في تشكيل الحكومة القادمة , فلينظر لدور كل منهما في محاربة داعش , فدولة الحجي تريد للعراق وشعبه حكومة قوية تحفظ العراق أرضا وشعبا ومقدسات وتقدّم للعراقيين الخدمات وتحقق لهم الرفاه الاقتصادي والسلام والأمن , أمّا دولة المستر تريد من الحكومة القادمة أن تكون حكومة تابعة لأمريكا وسياساتها المعادية لإيران الشقيقة والأشقاء سوريا ولبنان والوقوف مع مملكة الشر في عدوانها على الشعب اليمني , وتسير في الفلك الأمريكي الإسرائيلي … فهل من العدالة والإنصاف المساواة بين دور دولة الحجي ودولة المستر ؟؟؟ .